الحوار نيوز- خاص
شهر ونصف الشهرتفصل الأميركيين عن الانتخابات الرئاسية التي تبدو المنافسة فيها حامية الوطيس ،بين الرئيس الحالي الجمهوري دونالد ترامب،وخصمه الديموقراطي جو بايدن ،في وقت لا تحسم استطلاعات الرأي حتى الآن الفائز في هذه الانتخابات.
يتساءل الكثيرون كيف تجري الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحة ،وهل هي أكثرية أصوات تحسم الفائز على مستوى البلاد ،أم هي نظام انتخابي فريد من نوعه في العالم؟
تبدو الانتخابات الرئاسية الأميركية عملية معقدة بالنسبة للكثيرين، فقد لا يكون المرشح الحاصل على أغلب الأصوات على المستوى الوطني في عموم البلاد هو الفائز بمنصب الرئيس فيها.
فالرئيس الأميركي لا ينتخب بشكل مباشر من جمهور الناخبين الأميركيين، بل يجري انتخابه عبر ما يعرف بالمجمع الانتخابي.ولرئيس الولايات المتحدة الأميركية تأثير كبير على كيفية استجابة العالم للأزمات الدولية، أمثال الحروب والأوبئة العالمية وتغير المناخ.
لذلك عندما تجرى الانتخابات هناك كل أربع سنوات، نرى الكثير من الاهتمام العالمي بالنتيجة ،ولكنه قد لا يتوفر على الكثير من الفهم بشأن كيفية سير العملية الانتخابية المعقدة نسبيا.
فمتى يتم الانتخاب ومن هم المرشحون؟
يصادف انتخاب الرئيس دائماً يوم الثلاثاء الأول من شهر نوفمبر/تشرين الثاني، ما يعني أنه في هذه المرة سيكون في الثالث من الشهر المذكور.وعلى عكس العديد من البلدان الأخرى، يُهيمن حزبان فقط على النظام السياسي في الولايات المتحدة، وينتمي الرئيس دائماً إلى أحدهما حصرا.
والجمهوريون هم الحزب السياسي المحافظ في الولايات المتحدة، ومرشحهم في انتخابات هذا العام هو الرئيس دونالد ترامب، الذي يأمل في البقاء أربع سنوات أخرى في السلطة.
ويُعرف الحزب الجمهوري أيضاً باسم الحزب القديم الكبير. وفي السنوات الأخيرة، أيد خفض الضرائب ومنح حق حيازة الأفراد للسلاح وتشديد القيود على الهجرة. ويميل حضور مؤيدي الحزب إلى أن يكون أقوى في المناطق الريفية من البلاد. وتشمل قائمة الرؤساء الجمهوريين السابقين شخصيات من أمثال جورج دبليو بوش ورونالد ريغان وريتشارد نيكسون.
أما الديمقراطيون فهم الحزب السياسي الليبرالي في الولايات المتحدة ومرشحهم لهذا العام هو جو بايدن، وهو سياسي متمرس اشتُهر بعمله كنائب لرئيس البلاد السابق، باراك أوباما، لمدة ثماني سنوات.
وأفضل تعريف للحزب الديمقراطي هو مواقفه الليبرالية بشأن قضايا مثل الحقوق المدنية والهجرة وتغير المناخ. ويعتقد أن الحكومة يجب أن تلعب دوراً أكبر في حياة الناس، في قضايا مثل توفير التأمين الصحي. ويميل حضور مؤيدي الحزب إلى أن يكون أقوى في المناطق الحضرية من أمريكا. ومن بين الرؤساء الديمقراطيين السابقين جون إف كينيدي وباراك أوباما.
وكلا المرشحين الحاليين (ترامب وبايدن) في السبعينيات من العمر، وسيكون ترامب قد بلغ من العمر 74 عاماً في بداية ولايته الثانية إذا فاز في الانتخابات، بينما سيكون بايدن في الـ 78 من العمر وسيكون أكبر رئيس في تاريخ البلاد.
كيف يتم تحديد الفائز؟
قد لا يكون الفائز دائماً هو المرشح الذي يفو ز بأغلب الأصوات على المستوى الوطني في عموم البلاد، وذلك ما حدث مع هيلاري كلينتون في عام 2016. بل يتنافس المرشحون للفوز بأصوات المجمع الانتخابي.
وقد تنافست كلينتون مع دونالد ترامب في عام 2016. وانتهى بها الأمر إلى الفوز بنحو ثلاثة ملايين صوت أكثر من ترامب، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى أنها حصلت على عدد كبير من الأصوات في ولايات ذات توجه ديمقراطي قوي مثل نيويورك وكاليفورنيا. إلا أنها هزمت أمام منافسها في السباق على الترشح عند التصويت في المجمع الانتخابي بـ 304 أصوات لترامب مقابل 227 صوتا لها، لأنه فاز بعدة منافسات بهامش صغير في ولايات رئيسية.
وتحصل كل ولاية على عدد معين من أصوات المجمع الانتخابي بناءً على عدد سكانها، والعدد الإجمالي لأصوات المجمع الانتخابي هو 538 صوتاً، وبالتالي يكون الفائز هو المرشح الذي يفوز بـ 270 صوتاً أو أكثر.
هذا يعني أنه عندما يصوت شخص ما لمرشحه المفضل، فإنه يصوت في انتخابات تجري على مستوى الولاية بدلاً من المستوى الوطني العام.وتتمتع جميع الولايات (باستثناء ولايتين) بقاعدة "الفائز يحصل على كل شيء" ، لذلك فإن أي مرشح يفوز بأكبر عدد من الأصوات يتم منحه جميع أصوات المجمع الانتخابي للولاية.
ومثل معظم الأنظمة الانتخابية الأخرى، للمجمع الانتخابي عدد من الإيجابيات والسلبيات، لكنه يحظى باحترام كبير بسبب جذوره التاريخية في تأسيس الولايات المتحدة. وعادة ما يعكس التصويت الشعبي، لكنه وصف بالفشل مرتين خلال الانتخابات الخمس الأخيرة، ومن بينها الانتخابات التي شهدت فوز ترامب في عام 2016.
وثمة استقطاب في الولايات التي يميل معظمها بشدة نحو هذا الحزب أو ذاك، ما يعني أن على المرشحين تركيز جهودهم على بضع ولايات لم تحسم ولاءها بعد لأي واحد منهما ،ويمكن لأي واحد منهما أن يفوز فيها. وتوصف هذه الولايات غير المحسومة بأنها ساحات المعركة الرئيسية لحسم التصويت.
وهذه الولايات، التي يشار إليها غالباً باسم الولايات المتأرجحة أيضاً، هي التي يتم تقسيم الناخبين فيها بالتساوي نسبياً بين الديمقراطيين والجمهوريين. كما هي الحال مع ولايتي فلوريدا وأوهايو. أما الولايات الأخرى التي كانت داعمة للحزب الجمهوري بقوة في الماضي، من أمثال أريزونا وتكساس، فباتت تعد من الولايات المتأرجحة التي سيكون التصويت فيها حاسما في عام 2020 بسبب زيادة التأييد للحزب الديمقراطي فيها.
كيف يجري التصويت ومن هم المؤهلون للمشاركة؟
يحق لك المشاركة في التصويت في الانتخابات الرئاسية الأميركية إذا كنت مواطنًا أمريكياً وتبلغ من العمر 18 عاماً أو أكثر.
في عام 2016 ، كان نحو 245 مليون شخص مؤهلين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات، لكن أقل من 140 مليون شخص من اشتركوا في التصويت فعلياً. ووفقاً لمكتب الإحصاء الأميركي، فإن غالبية الأشخاص الذين لم يسجلوا أسماءهم للتصويت قالوا إنهم غير مهتمين بالسياسة. أما أولئك الذين سجلوا ولكنهم لم يصوتوا في الواقع فقالوا إنهم لا يحبون المرشحين.
وقد شرع الكثير من الولايات الأميركية قوانين تطالب الناخبين بإبراز وثائق تثبت هوياتهم قبل أن يتمكنوا من من الإدلاء بأصواتهم.وغالباً ما يشرّع الجمهوريون مثل هذه القوانين، وهم يقولون إن وجودها ضروري لضمان انتخابات خالية من التزوير. لكن الديمقراطيين يتهمونهم باستخدام هذه الوسيلة كشكل من أشكال قمع الناخبين؛ لأنه غالباً ما يكون ناخبو الأقليات الأفقر غير قادرين على تقديم بطاقات هوية تحمل صورهم كرخص قيادة السيارات مثلاً. كما أن لدى الولايات قواعد مختلفة حول ما إذا كان يمكن للسجناء التصويت، إذ أن أغلبيتهم يفقدون الحق في التصويت عند إدانتهم، لكنهم يستعيدون هذا الحق بعد قضاء مدة عقوبتهم.
ويصوت معظم الناس بشكل مباشر في مراكز الاقتراع في يوم الانتخابات، لكن الوسائل البديلة للتصويت باتت في ازدياد في السنوات الأخيرة. ففي عام 2016، قام 21 في المئة من الناخبين بالتصويت عبر البريد.
وباتت طريقة التصويت قضية خلافية هذا العام بسبب جائحة كورونا، إذ يدعو بعض السياسيين إلى استخدام بطاقات الاقتراع البريدية على نطاق أوسع، لكن الرئيس ترامب يقول إن هذا قد يؤدي إلى مزيد من التزوير في الانتخابات على الرغم من عدم وجود دليل على كلامه.
ويقول منتقدون إن بطاقات الاقتراع البريدية عرضة للتزوير، وقد وقعت حوادث متفرقة من هذا القبيل شارك فيها جمهوريون وديمقراطيون، لكن العديد من الدراسات على مستوى البلاد عموما أو على مستوى الولايات فرادى لم تجد أي دليل على وجود أي تزوير واسع النطاق.
هل تقتصر هذه الانتخابات على انتخاب من سيكون الرئيس فقط؟
لا ، سينصب كل الاهتمام على التنافس بين ترامب و بايدن، لكن الناخبين سيختارون أيضاً نوابا جُدداً في الكونغرس عندما يملأون بطاقات الاقتراع.
والكونغرس هو المؤسسة التشريعية في نظام الحكم في الولايات المتحدة، الذي يكتب مسوّدات القوانين ويقرها. ويتكون الكونغرس من مجلسين: مجلس النواب ومجلس الشيوخ. ويخدم أعضاء مجلس النواب لمدة عامين بينما يخدم أعضاء مجلس الشيوخ لمدة ست سنوات وينقسمون إلى ثلاث مجموعات،الأمر الذي يعني أن ثلثهم ينتخب كل عامين.
ويسيطر الديمقراطيون فعلياً على مجلس النواب، لذا فهم يتطلعون إلى الاحتفاظ بذلك آملين في السيطرة على مجلس الشيوخ أيضاً.
إذا حصل الديمقراطيون على أغلبية في كلا المجلسين، فسيكون بمقدورهم منع أو تأخير خطط الرئيس ترامب في حال إعادة انتخابه.
وستشمل الانتخابات هذا العام التصويت على مرشحين لجميع مقاعد مجلس النواب البالغ عددها 435 مقعدا، فضلا عن 33 مقعداً في مجلس الشيوخ سيصوت أيضا على المرشحين للفوز فيها.
متى تظهر نتيجة الانتخابات؟
قد يستغرق إحصاء جميع الأصوات عدة أيام، ولكن عادةً ما يعرف الفائز بشكل أولي بحلول الساعات الأولى من صباح اليوم التالي.
في عام 2016، صعد دونالد ترامب إلى خشبة المسرح في نيويورك في حوالي الساعة الثالثة صباحاً لإلقاء خطاب النصر أمام حشد من المؤيدين المبتهجين.
ولكن يقول المسؤولون إنهم قد يضطرون إلى الانتظار لفترة أطول، قد تكون أياماً أو حتى أسابيع للحصول على نتيجة هذا العام بسبب الزيادة المتوقعة في بطاقات الاقتراع البريدية.
وثمة طريقتان للتصويت في الولايات المتحدة، هما: الحضور الشخصي في مركز الاقتراع في يوم الانتخابات أو استخدام بطاقة الاقتراع البريدي. ولكن تختلف القواعد في كل ولاية. وتقدم جميع الولايات شكلاً من أشكال التصويت بالبريد، ولكن العديد منها تطلب منك سبباً لعدم قدرتك على التصويت الشخصي في يوم الانتخابات كي يحق لك الاقتراع بريديا. وفي الوقت الحالي، يقبل بعض الولايات مبرر الخوف من جائحة كورونا كسبب وجيه لاستخدام الاقتراع البريدي، وليس جميعها.
وكانت آخر مرة لم تتوضح فيها نتيجة الانتخابات بعد ساعات قليلة في عام 2000، إذ لم يتم تأكيد الفائز حتى صدور حكم من المحكمة العليا بعد شهر.
ففي عام 2000 ، كانت نتيجة التنافس بين المرشح الجمهوري جورج دبليو بوش والمرشح الديمقراطي آل غور متقاربة جداً لدرجة أن النتيجة في ولاية فلوريدا، كانت بفارق بضع مئات من الأصوات، مما قاد إلى أسابيع من المعارك القانونية، استدعت إعادة فرز الأصوات، ولكن في نهاية المطاف تدخلت المحكمة العليا لحسم النتيجة. وقد أعلن فوز جورج دبليو بوش، بعد منحه جميع أصوات المجمع الانتحابي في فلوريدا البالغ عددها 25، وحصل على إجمالي 271 صوتاً ضمنت له الفوز. وهُزم غور الذي حصل على أصوات أكثر من بوش على المستوى الوطني.
متى يتولى الفائز منصبه؟
إذا فاز جو بايدن بالانتخابات، فلن يحل محل الرئيس ترامب في البيت الأبيض على الفور، لأن هناك فترة انتقالية محددة لمنح الرئيس الجديد الوقت لتعيين وزراء في مجلس الوزراء ووضع الخطط.
ويؤدي الرئيس الجديد اليمين الدستورية رسمياً في 20 يناير/كانون الثاني في حفل تنصيب الرئيس وتسنمه مقاليد الرئاسة، والذي يقام على درجات مبنى الكابيتول (الكونغرس بمجلسيه)في العاصمة واشنطن .
وبعد الحفل، ينتقل الرئيس الجديد إلى البيت الأبيض لبدء دورة رئاسته التي تمتد لأربع سنوات.