رأي

هذا هو الإنجاز الاقتصادي الذي حققته المقاومة (عماد عكوش)

 

بقلم الدكتور عماد عكوش – الحوار نيوز

 

يدّعي البعض بأن دخول لبنان في معركة طوفان الاقصى يضر بمصلحته الاقتصادية ، فهو يؤدي الى تراجع في السياحة ، وفي الزراعة ، وفي الصناعة ، كما ان عملية الدخول في هذه المعركة يحرم لبنان من استخراج موارده والاستفادة منها في عملية التطوير والنمو .

كان يمكن ان يكون هذا الامر صحيحا لو اننا نتعاطى مع عدو لا يضمر الشر للبنان في كل ثانية وفي كل أمر. فبالعودة الى الماضي هل تمت المحافظة على لبنان سياسيا ، أمنيا ، اقتصاديا ، ومصرفيا من قبل من يتحدث بهذا المنطق اليوم .

 بالعودة الى التاريخ فان من يدعي ان لبنان يستطيع ذلك هو من زرع الشقاق في المنطقة ، قسّمها ، وسلط على هذه الكانتونات زعماء وطوائف أفسدت فيه وظلمت ومنعت النمو والتطوير. فالتطوير لا يكون بغنى فئة على حساب الشعب وعلى حساب الوطن.الغنى يكون بقيامة الوطن وتحقيقه السيادة الحقيقية من خلال انتاجه لما يأكل ، واستخدامه لما يصنع ، وعدم حاجته للمساعدات الرشوة ، ولغاية اليوم هم أنفسهم يرفضون الاصلاح السياسي وبناء نظام المحاسبة والرقابة والقضاء السليم، حتى لا يتمكن احد من معاقبتهم وابعادهم عن مراكز القرار .

ان تحويل كل المنطقة الى سوق استهلاكي لبضائع الغرب ، وحقل تجارب للاسلحة التي ينتجها هذا الغرب ، ومثاله ما قامت به مندوبة الاتحاد الاوروبي من زيارات غريبة عجيبة وتهديد رجال السياسة بأنهم اذا رفعو الرسوم الجمركية 3 بالمئة، كما كان مقررا في موازنة العام 2024 ، فإن موقفهم سيكون سلبيا اتجاه لبنان . هذه النسبة الضئيلة رفضوها لأنهم يعتقدون بأن مثل هذه النسبة رغم قلتها يمكن ان تكون انقلابا اقتصاديا في لبنان في المستقبل ، وهم يعتبرون لبنان سوقا استهلاكيا لانتاجهم .

 لبنان يستورد بضائع من الغرب بقيمة تزيد عن العشرة مليار دولار.طبعا هذا الرقم قليل قياسا الى حجم الاقتصاد الاوروبي والأميركي، لكن رغم ذلك لم يسمحوا بحماية الاقتصاد اللبناني والمنتجات الوطنية .

بالعودة الى الماضي والحاضر، الكثير من المخططات والتي يجري العمل على تحقيقها، تستهدف ابعاد لبنان عن الساحة الاقتصادية لمصلحة دول أخرى في المنطقة، ولا سيما الكيان الاسرائيلي ، فكان استهداف القطاع المصرفي عبر اغراق لبنان بالفساد والدين والهدر ، وكان اختفاء الودائع عبر الحاكم الذي عينوه ومنعوا اقالته وهددوا بحصار لبنان اذا ما تم الاقتراب منه . وكان تفجير مرفأ بيرت وحصاره من خلال اغلاق الحدود على لبنان، وبالتالي عدم الاستفادة من تحويل مرفأ بيروت الى مرفأ المنطقة والشرق عبر ربطه بسكة حديد تصل الى سوريا ، الاردن ، العراق ، ايران ، ومنها الى الشرق الاقصى .

الغرب نعم منع لبنان من ذلك لمصلحة الكيان الاسرائيلي ومحاولة اعطاء مرفأ حيفا هذا الدور ، عبر ربط مرفأ حيفا ب”جبل علي” في دولة الامارات العربية المتحدة ، فيتحول هذا المرفأ الى مرفأ للإتحاد الاوروبي في علاقته مع الهند ، الصين ، وكل الشرق الاقصى . كما ضربوا القطاع المصرفي لمصلحة القطاع المالي والمصرفي لدول أخرى في المنطقة، فحرم لبنان هذا الدور وتلقفته دول اخرى في المنطقة .

ان من يمنع لبنان من استخراج موارده من الغاز والنفط لغاية اليوم أيضا، له اهدافه وليس كما يدعي البعض بأن عداء لبنان للكيان الإسرائيلي هو سبب عدم استفادة لبنان من هذه الموارد . ان من يمنع للاسف لبنان من هذه الموارد هي مجموعة دول واحدة منها الكيان الإسرائيلي، لأنه بطبيعة الامر سيكون لبنان المنافس الاكبر للكيان في بيع هذه السلعة لاوروبا، كون الآبار اللبنانية هي الاقرب والاقل كلفة في عملية الايصال الى الدول المستهلكة . هذا الامر ينطبق على دول عربية ايضا تبيع نفس المنتج للاتحاد الأوروبي، وترى انه لا مصلحة لها اليوم في استخراج لبنان لهذه الموارد ومنافستها في السوق الاوروبي .

ما فعلته المقاومة اليوم هو التأكيد على حق لبنان في كل هذه الموارد وفي استخراجها وبيعها بفضل القوة التي تمتلكها وتفرض من خلالها شروطها ، وهي عبر الاسناد من قبل المحور أوقفت الحلم الصهيوني بتحويل مرفأ حيفا الى مرفأ الشرق الأوسط، حيث اصبح هذه المرفأ محاصرا، ولا يمكن الوثوق باعتماده كمرفأ للاتحاد الاوروبي ، كما أوقفت حلم دول بعض امراء الخليج بربط مرافئهم بمرفأ حيفا، وبالتالي انشاء سكة حديد تربطهم مع الكيان . كما حرمت الكيان من مفهوم الثقة لقطاعه المالي فهاجرت الكثير من الرساميل من هذا القطاع وتراجع أداؤه .

ان ما تفعله المقاومة اليوم من اسناد هو بالدرجة الاولى مصلحة لبنانية اقتصادية، تم اثباتها من خلال منح المستثمر والسائح الثقة بأن للبنان رجالا يحمونه من اي عدوان ، وان من يعتدي على لبنان سيدفع بالتأكيد الثمن غاليا، فكان موسم صيفنا عامرا اليوم رغم كل التهديدات التي يطلقها الكيان .

من هنا فاننا نرى ان هذا التدخل والمساندة كان له الاثر الايجابي الكبير على الاقتصاد اللبناني استراتيجيا، وان كان هناك بعض الخسائر على المدى القصير . هذه الاضرار يمكن تعويضها على المدى الطويل، شرط ان تتناغم السلطة السياسية مع المقاومة وتقوم بفرض شروطها الاقتصادية، وهذا الامر ممكن مع بعض الشجاعة والثبات في الموقف .

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى