“هدنة بايدن”… للانتخابات والتطبيع !(نسيب حطيط)
د.نسيب حطيط – الحوار نيوز
بعد مماطلة أميركية-إسرائيلية ،لوقف إطلاق النار في غزه قبل شهر رمضان الماضي، وعلى ابواب بدء الحملة الانتخابية الرئاسية الأميركية، وبعدما تم تسهيل إستكمال الحصار على غزة والسيطرة على معبر “رفح” ومحور “فيلادلفيا” وتحويل غزة الى سجن كبير تتحكّم بأبوابه اميركا وإسرائيل، لأنها لا تثق حتى بالعربي المطبّع في القضايا المفصلية او في مشاريعهم الاستراتيجية فتم ابعاد “مصر” عن معبر “رفح”!
بعد كل ذلك،
نجحت ادارة الحرب الأميركية على غزة بان تنجز مشروعها الناري المتوحش في غزة بالجيش الاسرائيلي وبحربها الدبلوماسية في مجلس الامن ومنع وقف اطلاق النار، وبعد ثمانية اشهر من القتل والإبادة الجماعية ووضع المقاومة امام خيارين: اما استمرار المجزرة ضد المدنيين، او القبول بما تطرحه اميركا واسرائيل لمشروع لهدنه او وقف اطلاق النار غير المضمون، ويمكن ان يتم التراجع عنه في ايه لحظة .
وبعدما انجزت اميركا القسم الاكبر من مشروعها في غزة تحرّك الطلاب الاميركيون للمطالبة ،بوقف اطلاق النار والدفاع عن غزة، وتحدّث العالم عن الظاهرة الإيجابية للراي العام الأميركي… وبعدها بادر الرئيس بايدن لإعلان مبادرته لوقف اطلاق النار حتى يترسّخ في ذهن الرأي العام العالمي والفلسطيني والعربي، ان من اوقف اطلاق النار هو ضغط الشعب الاميركي واستجابة الرئيس الامريكي له ..بمعنى ان اميركا هي من اوقف اطلاق النار ولا احد غيرها ،ما يساهم في غسل يديها من الدماء الفلسطينية البريئة والمظلومة.
ان ما طرحه الرئيس “بايدن” لا يختلف عن اخر محاولة للمفاوضات وافقت عليها حماس ورفضتها إسرائيل، فما الذي تغير حتى وافقت إسرائيل؟
– حاجه الرئيس الاميركي ،لتبييض وجه اميركا على المستوى الانساني واعادة اظهار السيطرة الأميركية ومركزية القرار على مستوى الحرب في منطقة الشرق الأوسط، وتهميش وتسخيف المؤسسات الدولية او تعطيلها واقصائها عن مسالة وقف اطلاق النار .
– حاجة الرئيس الاميركي في معركته الانتخابية ،للهدوء داخليا وخارجيا، وخاصة وتحويل غزة من ورقة سالبة في صندوق الانتخابات الى ورقة إيجابية داعمة.
– حاجة العرب المطبّعين لستر عورتهم والادعاء ان ضغطهم على اميركا هو من اوقف الحرب، وليس محور المقاومة واسناده العسكري لغزة.
– حاجه القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية الى من يعوّض عزها وانقاذها من المستنقع الذي دخلت فيه والنفق المسدود، لإعادة تنظيم صفوفها، بانتظار الفرصة المناسبة، لاستكمال الحرب .التي لم تنته…!
– استرداد ما بقي من الاسرى الاسرائيليين للتخلص من هذا العبء في الداخل الإسرائيلي، وسلب المقاومة اخر ورقة قوه قبل عوده الحرب.
– سحب الذرائع امام المملكة السعودية في التطبيع والتي كانت حرب غزة اخر العوائق امامه..
-حاجة قيادة المقاومة الفلسطينية الى هدنة ، لإنقاذ ما تبقى من اهالي غزة من القتل والقصف بعد ثمانية أشهر من الصمود الإعجازي وعدم ظهور اي مؤشر لتبدّل المواقف على الساحة الدولية او العربية ماديا وسياسيا -غير التظاهرات- والتي يمكن ان تنقذ غزة!
لكن المشكلة الكبرى في خطة “بايدن” انها تحصر مراحلها في الخطوات التنفيذية على مستوى الاسرى وعدد شاحنات الغذاء وعودة السكان الى المناطق المهدمة والاعمار المؤجل وعدم ذكر الدولة الفلسطينية بشكل واضح !
والاخطر انه تم ربط عودة الحرب عند اي خرق لحماس، وهذا من اسوأ المبررات، لأن اسرائيل يمكن ان تقول ان مجرد تصريح لحماس او افتعال حادثة إطلاق نار من أحد عملاء اسرائيل من غزه واتهام حماس بخرق وقف إطلاق النار،يمكن عودة الحرب، وهذا ما حصل اثناء محاولة اغتيال السفير الاسرائيلي المشبوهة في لندن لتبرير اجتياح 1982 للبنان والذي كان مقررا قبل عمليه الاغتيال!
خطه “بايدن” لتأمين فوزه… والحفاظ على “نتنياهو” كقائد اسرائيلي لعدم توفر البديل …واسترجاع الاسرى الإسرائيليين… وتامين التطبيع مع السعودية …مقابل وقف إطلاق نار وهمي وغير مضمون وبعض شاحنات الغذاء التي تتحكم فيها اسرائيل واميركا !
لقد استطاع العرب المطبّعون وتركيا اجهاض النصر الذي حققته المقاومة بطوفان الاقصى واستطاعوا هدر كل التضحيات الكبيرة خلال ثمانية أشهر واستطاعوا حفظ الكيان الصهيوني من الانهيار… واجتمعوا على اغتصاب فلسطين وقتل القضية وتضييع الحلم الذي تم ملامسته باليد المقاومة…ومع كل ذلك يبقى الأمل بالله سبحانه والصبر وإرادة الشرفاء في فلسطين ومحور المقاومة ..لالتقاط الأنفاس واستكمال مسيره التحرير مهما طال الزمن…
يمكن للبندقية ان تصمت ،لنفاد الذخيرة،لكنها ستعود لتصدح من جديد…