نصائح افتراضية من جنبلاط الى الشرع (حسن علوش)
حسن علوش – الحوارنيوز
لم يفاجَأ رئيس هيئة تحرير الشام القائد السابق في جبهة النصرة أحمد الشرع باتصال الزعيم الوطني اللبناني وليد جنبلاط، واندفاعة الأخير للتقرب من السلطة الجديدة في سورية، لاعتبارات عديدة ، منها ما عرف عن جنبلاط من حنكة في اقتناص الفرص في مختلف العهود على تناقضاتها..
ربما كانت مصلحة الطائفة الدرزية في كلا البلدين تقضي بمثل هذا التقارب! وربما هي المصلحة الوطنية اللبنانية ومحاولة استباقية لتفكيك شبكة ألغام بين البلدين والنظامين تاريخياً! وربما استشعاره برياح دولية وإقليمية تحتضن الانقلاب الدولي الذي جرى في سورية ومحاولة الاستفادة منه لتعزيز الموقع الدولي والإقليمي لجنبلاط وللطائفة الدرزية التي تعتبر ذاتها كيانا أقلوياً ومن حقها البحث الدائم عن سبل حماية!
وربما هو مبالغة في التعبير عن الاغتباط لإنتصار ثورة “الشعب السوري” على النظام البائد، رغم معرفة جنبلاط بأن هذا التغيير لا زال محفوفاً بمخاطر وتتهدده عوامل من داخله، أي من داخل الحركات الإسلامية المتعددة وتناقضاتها، وبين هذه الحركات عناصر ومجموعات ديمقراطية ليبرالية وطنية سورية كانت مبادرة للحراك الشعبي إلى مكان آخر حيث يستبدل الإستبداد المدني بآخر ديني!
لا شك أن الشرع يدرك أن جنبلاط كان شريكاً نافذا للنظام السوري السابق، حيث قدما لبعضهما خدمات سياسية وأمنية كبيرة، بعد أن توافقا على تضميد جرح اغتيال كمال جنبلاط نتيجة صراع إقليمي استهدفت خلاله سورية من حديقتها الخلفية لبنان. آنذاك كاد لبنان أن يصبح وطناً بديلاً لفلسطين بعد فشل محاولة الأردن الشهيرة، وكان يقتضي ذلك تصفية الأحزاب المسيحية في لبنان، وهو الأمر الذي شكل باباً لدخول قوات الردع العربية في العام 76 من القرن الماضي وتحول لاحقا الى سوري خالص!
غدا سيزور جنبلاط منسق العمليات السياسية والأمنية في دمشق، وسيتبادل الطرفان الكلام الدبلوماسي والتهنئة المشتركة الخ…
وربما لن يكون هناك متسع من الوقت لتزويد جنبلاط بعض النصائح التي تعزز من فرص استقرار سورية بهويتها العربية والوطنية.. وسيكون ثمة ملحق دائم للزيارة بعد تكليف قيادي من الحزب التقدمي الاشتراكي بملف العلاقات من الجهات السورية المعنية.
لكن وعلى عجل، حبذا لو أن جنبلاط ينصح الشرع بأهمية اشراك المكونات الوطنية في عملية التغيير، ولا يقتصر التغيير على تبديل جهات مدنية بأخرى إسلامية متشددة، كما حصل في النيابات العامة والجسم القضائي، فحرمت القاضية السورية من الحضور الى العدلية الا بحجاب، ويستحسن ألا تحضر!
حبذا لو يشير الى الشرع بوجوب احترام إرادة الشعب السوري فيدعو الى انتخابات ديمقراطية حرة ليختار السوريون ممثليهم بحرية!
حبذا لو يقنع الشرع بضرورة التشدد في قمع حالات الثأر والسبي اللاحق بنساء عائلات عناصر كانت منضوية للجيش السوري من مختلف الطوائف، وهي بطبيعة الحال ليست مسؤولة عن السياسات التي كان يقرها النظام البائد.
حبذا لو يشجعه على عدم تكرار تجربة العراق بعد سقوط صدام حسين فيحل الجيش العراقي وتسود الفوضى!
حبذا لو ينصحه ب”طائف سوري” يجدد العقد الاجتماعي بين المكونات السورية.
حبذا لو يؤكد له أن سورية موحدة يحميها نظام وطني ونظام مواطنة، وخلاف ذلك سيكون مبررا للدروز بالتقوقع في دويلتهم وكذلك مختلف المكونات إذا تمكنت!
محاولة تغيير الواقع السوري على الأرض وبقوة السلاح نحو الأسلمة المتشددة، ستهدد الإنجاز التاريخي للشعب السوري…
الزعيم الوطني كمال جنبلاط كان ينادي بوجوب الخروج من السجن العربي الكبير، وهو بالتأكيد، لا يحصر رمزية الموقف بسورية ونظامها، لكن ما هو مؤكد أنه كان يناضل من موقعه الوطني والقومي الى استبدال السجن العربي الكبير بواحة حرية حقيقة، لا أن يستبدل السجن الكبير بكهف أكبر!!