رأيسياسةمحليات لبنانية

“نزل السرور”.. ومسرح ساحة النجمة (أكرم بزي)

كتب أكرم بزي- الحوار نيوز


هل هي صدفة؟ أم عبقرية هي التي جعلت الفنان زياد الرحباني يؤلف مسرحية “نزل السرور” في العام 1974، والتي إذا ما أمعنّا التفكير بمحتواها، لوجدنا أنها تنطبق على الواقع اللبناني في كل مراحله منذ ما قبل تأليفها ولغاية هذه الساعة؟.

“نزل السرور” عمل مسرحي يحتوي على نقد لاذع للنظام السياسي آنذاك، والتي لم يعتمد فيها على أحداث تاريخية أو وقائع من الماضي، بل كانت تخاطب الحاضر المعيشي الواقعي الذي يعاني منه الناس على كل المستويات.
ولو اردنا مقاربة المحتوى المسرحي لـ “نزل السرور”، لوجدنا أنه ينطبق على واقعنا اليوم، وفي معظم تفاصيل الحياة إن لم نقل كلها، وما أشبه اليوم بالأمس، تكاد تشعر أن الأحداث والوقائع هي هي.

يومها تحدثت المسرحية عن السرقات (بنك أوف أميركا)، واليوم سرقات (المصارف اللبنانية والبنك المركزي)، ولا بد من القيام “بالثورة” لتغيير هذا الواقع والإتيان بنظام آخر “إصلاحي وتغييري” يغير الواقع من مصلحة “الأثرياء” ورجال الأعمال، لمصلحة الطبقات الفقيرة.
وما جعلني أكتب هذا السرد المتواضع هو التشابه ما بين “النزل” كمكان للاستراحة والاستجمام، و “نزل مجلس النواب” الذي تحول إلى مكان للإقامة لمجموعة من “نواب الصدفة”، والتي جعلت لبعضهم “حيثية” معينة يستطيع من خلالها أن يمتطي صهوة “الإعلام” وكمنصة للتعبير عما يجول في خاطرهم ومن إملاءات، تجعلهم يشعرون بأنهم هم “الصح” والباقي “غلط”.
ولو أردت الإختصار، لقلت إذا أردت الإجابة: أنظر أين موقع زياد الرحباني الآن وأين هم (بلا قياس وتشبيه)!
إمتطاء “صهوة الثورة”، هذا ما أجادوه للوصول إلى ما هم عليه الآن، وإذا بحثنا في شخصية كل واحد منهم لوجدنا أن معظمهم من حالات إجتماعية أقل ما يقال فيها أنهم “مرتاحون على وضعهم” (إن لم نقل أثرياء) أكثر من غيرهم من زملائهم النواب، فكيف إذا أردنا المقارنة بينهم وبين فئات الشعب “المعتر”؟
“واصلَ النائبان ملحم خلف ونجاة صليبا اعتصامهما المفتوح داخل مجلس النواب، من أجل عقد جلسة مفتوحة وانتخاب رئيس، وانضم إليهما النواب الياس حنكش وشربل مسعد ونبيل بدر، وعقدوا لقاءات مع المغتربين عبر تقنية «زوم»، وأبلغهوم أنهم سيتناوبون على المبيت داخل المجلس”، فيما نقل زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن إدارة المجلس تقوم بما يفترض القيام به حيال النواب المعتصمين. لكنه أكد أن الأمور معلقة بسبب عدم وجود اتفاق.

وقال بري إن الخارج ليس مهتماً على ما يبدو، وإن السفيرة الأميركية دوروثي شيا زارته وسألته عن كل شيء، وأكدت له أنه لا مرشح لأميركا.

وأضاف: «واضح أن الخارج لا يقدم ولا يؤخر، وأن الحل داخلي، يحتاج إلى حوار حقيقي، لكن ليس هناك تجاوب مع الحوار حتى الآن». (صحف اليوم).
قد يكون مبيت النواب داخل المجلس النيابي يجعلهم “يحلمون” بالحلول للأزمة اللبنانية، والتي عانى منها اللبنانيون ما عانوا على مر تاريخ هذا “الكيان”، فمنذ ما قبل العام 1943 ولغاية الآن وعند كل مفترق طرق يجب أن تخلق أزمة، لأن واضعي الدستور آنذاك خلقوا دستوراً “ولّادا للأزمات”، ولو لم يكن كذلك لخلقوا أزمة إن كان من خلال “ودائعهم” في الداخل اللبناني أو من “محركيهم” من الخارج، وعندما تقول السفيرة الأميركية دوروثي شيا أن “لا مرشح لاميركا” لرئاسة الجمهورية في لبنان، قد تكون “صادقة”، فليس المهم من هو “المرشح”، المهم أن يأتي المرشح مطابقاً للمواصفات الأميركية والتي تتناسب مع طموحات الأميركيين وتتناسب مع مطالب الكيان الصهيوني، وخاصة في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها منطقتنا وبالتحديد سوريا و”الكيان الصهيوني”، ولا حل وسطياً في هذا المضمار، ليس لأن لبنان بلد صغير “هش” في حسابات الأميركيين ،بل لأن أميركا ليست مستعدة أن تخسر ولو “قشة” في الوقت الحاضر، لأن هذه “القشة” قد تقسم ظهر البعير.
فعندما يتحول مجلس النواب إلى “مسرح”، يجب الأخذ بعين الإعتبار أن “المسرح المتمرد أكثر الفنون التصاقا بالسياسة وتأثراً بمساحات الديموقراطية وتقبل الآخر بصفته فنا يزدهر فى الدول التى تمارس ديموقراطية حقيقية بعيدا عن أي شكل من أشكال القمع. “والمسرح المتمرد هو الفن الذى يتمرد على كل ماهو مألوف بكل تفاصيله”، وهو يتجاوز أي “تأويلات ثابتة ونظريات محنطة وأنماط جامدة وتابوهات” لا يسمح المساس بها، فكيف إذا أردنا أن نغير نظاماً برمته غير مسموح المساس به، لإنه لا ينسجم مع فكرة قيام “كيان غاصب” على حدودنا ومحتل لجزء من أراضينا؟
إذا كان النواب “الحالمون” يريدون تغيير نظام معادٍ لما تريده الولايات المتحدة و”إسرائيل” ويحقق طموح اللبنانيين بإقامة نظام عادل ويساوي بين جميع أبنائه، ويلغي “كارتيلات” النصب والسرقة ومحاسبة سارقي ودائع الناس، وحل أزمة الكهرباء المستعصية، وحل مشكلة النازحين السوريين وقضية اللاجئين الفلسطينيين، وخلق فرص عمل للبنانيين، وإنعاش الاقتصاد، فليكن، وليأتوا برئيس يحقق هذه الأمنيات، ولكن كل هذا يصطدم مع ما تريده أميركا، فهل أنتم جاهزون ومستعدون للوقوف مع معارضي وأعداء “إسرائيل” وأميركا في لبنان؟ أم تريدون أن تأتوا برئيس على شاكلة “الرئيس الخشبي”؟
في قاموس المعاني” الـ “شو أوف” “show off” معناه: التباه، والتفاخر، والتكبر، والتيه، والزهو والاختيال الخ… وهذا ما تقوم به مجموعة من النواب، فتشوا على حلول خارج هذا الإطار الكوميدي والهزلي والتي لا يليق لكم ودعوا المسرح لأرباب المسارح، وفتشوا عن حاجات الناس ولا تجعلوها عناوين لمصالحكم الشخصية، كفاكم استهزاء بعقولنا ومضيعة للوقت.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى