بقلم د.أحمد عياش
شاهدت مقابلة الرئيس نجيب ميقاتي على محطة “أم.ت.ف” في برنامج “صار الوقت” ،وللأمانة فقد بدا متفائلاً واثقاً من مسعاه، وعندما صار الحديث عن مساعدات دولية بدا وكأن لديه كلمة سرّ للانقاذ.
يحرص السيد نجيب ميقاتي ان يقدم نفسه كرئيس مؤمن يخاف الله والحرام، ويجهد الا تمس يداه الحرام والنجاسة ،ولو أنه رجل وسيم ، بهيّ الطلعة بلا لحية ومن دون مسبحة في اليد او خاتم مبارك في الاصبع…
يعرف ان مزاج اهل السنة ، مزاج محافظ ومؤمن وشخصيتهم شخصية ابن الأمة لا ابن مدينة او ابن محافظة او عاصمة.
كان واضحا في ربط الانقاذ بضرورة عودة لبنان الى فضائه العربي وفي وقف التدخل العسكري ضد دولة عربية عبر اليمن مثلا ،ولو أنه كان حذراً ،وهذا جيّد في عدم الوضوح في ذكر الاسماء…الا ان حزب الله فهم الرسالة وهذا جيد ايضا…فلن تسقط مأرب كما لم يسقط سابقا مرفأ الحديدة…
اكد الرئيس نجيب ميقاتي أنه لا اميركي التوجه والمسعى، ولا يميل لمحور مقاومة إيراني – سوري و فيه حزب الله وحماس، انما هو في موقع مصلحة لبنان اولا .
اما في ما خصّ التدقيق الجنائي فقد اوضح لمن يهمهم الامر انه ماض فيه الى النهايات المرجوة ،الا انه همس بلطف في اذن الشعب بسرّ ثوري رائع مفاده ان علينا الصعود من الحفرة التي نحن فيها لنتمكن فيما بعد من قصف اعمار ناهبي المال والمتسببين بالفساد…
سمع الشعب جيدا وشوشة كلامه عبر الشاشة ،وسيكمن له بعد اشهر ليسأله و ليعاتبه ان أخلف الوعد.
لا اعرف من الذي وضع ارزتين لبنانيتين خلف الرئيس، ارزة في العلم واضحة، انما الإناء الاحمر الذي تتوسطه الارزة فقد بدا انه قد تم “دحشه”بالقوة ليظهر الرئيس لبنانيا اكثر من الآخرين. لبناني اكثر من اهل البترون وكسروان والاشرفية. كما الاصرار ان تظهر الكتب من خلف الرئيس اشارة مقصودة انه ليس رجل مال واعمال وسلطة فقط ،انما مثقف ومتعلم تليق به الرئاسة ،وخاصة ان الكرسي الضخمة التي كان يجلس عليها خصصت لملوك ولعروش وليست لرئيس حكومة لبنان ،البلد المنهوب ذي الشوارع المليئة بالنفايات والناس المقهورة والمستسلمة لأقدارها الطبية والمعيشية التي امعنت الاحزاب الحاكمة الفاشلة والطائفية في ذبحه من الوريد الى الوريد بالتواطؤ مع دولة مالية -ادارية عميقة اشرفت على ابادة جماعية للناس برعاية المصارف…
لا احب الاستفادة من اي قرض من اي مصرف لأني أؤمن ان المصارف لا تقدم هدايا.
يراهن الرئيس نجيب ميقاتي على تسهيلات من الرئيس ميشال عون، لأن غير ذلك بالنسبة له اعتداء على الوطن وعلى الدستور وليس على حقوق اهل السنة…
يعلم ان قوّته في صعوبة افشاله لأن اعتذاره يعني نهاية الجمهورية الثانية.
الافضل ان تأتي العقوبات الاوروبية سريعا وان يصل المحقق العدلي الى العدالة وان تضغط المؤسسات الدولية لاشتراط اصلاحات ادارية اوّلها التدقيق الجنائي…ما سيسهل مهمة الرئيس.
نجح الرئيس نجيب ميقاتي في تثبيت زعامته لأهل السنة، ونجح اكثر في وراثة السيد رفيق الحريري سياسيا وطائفيا اكثر مما ورثه الرئيس سعد الحريري او حاول ان يرثه السيد بهاء الحريري.
الخاسرون الاوائل هم :
السيد نهاد المشنوق والسيد اشرف ريفي والسيد اسامة سعد والسيد عبدالرحمن مراد والسيد فيصل كرامي والسيد محمد الصفدي.
اصبحت تلك الاسماء من الدرجة الثانية، بينما السيد فؤاد مخزومي والسيد فؤاد السنيورة صارا اسمين من الدرجة الثالثة.
وحدهما السيدان تمام سلام والسيد مصطفى اديب بقيا اسمين في الدرجة الاولى لتبوء منصب رئاسة الحكومة لمناقبيتهما ولأخلاقهما و لوطنيتهما دون تحالفات .
سيخف بريق و وهج الرئيس سعد الحريري لغضب السعودية عليه.
تذكّروا جيدا، فالسيد نجيب ميقاتي سيصبح ضرورة رئاسية في السنوات العشر المقبلة.
من الصعوبة بمكان ان يستلطف حزب الله شخصية السيد نجيب ميقاتي اذ اعتاد ان يجد عند الآخرين نقاط ضعف بإمكانه استغلالها، الا ان السيد نجيب ميقاتي مختلف، وبقدر ما هو لطيف هو صعب المراس وعنيد ويعتقد في قرارة نفسه انه مسدد الخطى من الرب لانه يقوم بواجباته الدينية على أتم وجه.
ليس سهلا ترويض ابن الامة.
نقول كلامنا هذا ونستغفر الله لنا ولكم ،فإن اصبنا فلنا حسنة وإن أخطأنا فلنا حسنة أيضا، لأن لنا شرف المحاولة والسؤال.
زر الذهاب إلى الأعلى