نجما قمّة العرب (ريما فرح)
كتبت ريما فرح – عن موقع “الميادين”
مهما قيل وسيقال وما دوّن وما سيدوّن، لا يمكن التنكّر لسوريا مساهمتها في ضرب مشاريع التقسيم ونشر الأمن وحفظ الاستقرار في لبنان.
في قمّة العرب سيتألّق في هذه الدورة نجمان، محمد بن سلمان وبشار الأسد، وإذ كان الأول مفهوم تألّقه على مستوى النهضة أو قل الثورة الداخلية الشاملة في بلاده، والإقليمية في اتفاقه مع طهران برعاية الصين، وإعادة مياه الوئام إلى مجاريها مع سوريا…، فإن لتألّق الثاني أسباباً تعود الى صلابته في جانب، وفي جانب آخر، إلى دولة عميقة وقوية ومتجذّرة، أسس لها الرئيس الراحل حافظ الأسد…
اثنا عشر عاماً قامت الدنيا على بشار الأسد وعلى النظام ولم تقعد، ولم يسقط… من إدارة أميركية توالت عليها ثلاثة عهود، دخلت بجيشها مباشرة في ألاعيب على الإثنيات لتضع يدها على الموارد والمنشآت الحيوية… أوروبا أعلنت العداء بأكملها، جامعة الدول العربية طردت بلاده وهي من مؤسّسيها، تركيا “كفّت ووفّت”…
كلّ الخوارج عن القانون في دول عربية وأجنبية، انتقلوا بإرهابهم إلى حيث استطاعوا في الأراضي السورية… “إسرائيل” بالمرصاد وفي الأجواء وفي البحر صواريخ تصبّ في الهدف إياه. حصار وعقوبات وقانون قيصر… ومضى الأسد واثقاً بولاء جيش بناه حافظ الأسد على عقيدة قومية ووطنية لا تتزعزع، فلم تنشقّ ألوية ولا حتى كتائب صغيرة، ومن فعلها كان على مستوى هزال، وأفراد انشقّوا مع عبارة “عاشت سوريا الأسد” في ختام فيديو الانشقاق…
البعثات الدبلوماسية صمدت في الخارج ولم ينشقّ أي منها… أقفلت الدول المعتمدة لديها سفارات بلدهم فلم يضعفوا وبقوا على ولائهم لوطنهم الأم حتى من دون حصانة…
من نزح إلى لبنان من السوريين من مناطق القتال لم يكونوا جميعهم من المعارضين للنظام، مرَّ استحقاقان انتخابيان رئاسيان، فصبّوا أصواتهم في غالبيتهم في السفارة السورية لصالح بشار الأسد.
وقف إلى جانب سوريا حلفاء على علاقة ثقة واحترام وتحالف مستمر منذ أن بناها حافظ الأسد، فهبّت روسيا وإيران وحلفاؤها وفي مقدّمهم من لبنان حزب الله، ومن اللبنانيين هبّ المؤمنون بأن مصلحة لبنان من استقرار سوريا وأمنها من أمنه، وأن عدوّهما مشترك، فيما انقضّ عليها بعض من كان لحم كتفيه من فضلها عليه…
صحيح أن الاقتصاد السوري تراجع وانهارت العملة الوطنية، لكننا في لبنان أيضاً انهارت الليرة وضرب الاقتصاد، وهكذا في اليونان قبله ولم تخض فيهما حروب كالتي شهدتها أرجاء سوريا.
ففي سوريا لم يجع الشعب السوري، فالمخزون الاحتياطي الاستراتيجي من الغذاء كان كافياً لسنوات طويلة مهما اشتد الحصار وأتلفت محاصيل والتهمت النيرات ملايين الهكتارات.
ينقل العارفون أنه دخل يوماً أحد المسؤولين في سوريا على حافظ الأسد يعرض عليه خطة استراتيجية تؤمّن لسوريا مردوداً من العملة الصعبة… بادر هذا المسؤول الرئيس الأسد بالقول، إن لدى سوريا مخزوناً كبيراً يكفي عشر سنوات من القمح والحبوب والمواد الغذائية، فلماذا لا نرفع نسبة التصدير من هذا الاحتياطي لندخل إلى سوريا مردوداً كبيراً من العملة الصعبة… استمع الأسد جيداً إلى ما قاله من دون أن يعلّق… لكن بعد أسبوعين كان قرار إعفاء هذا المسؤول من مهمّته ليستبدل بآخر.
في جدة ربما يلتقي ممثّلا لبنان وسوريا على هامش القمة، وستكون المرة الأولى التي يلتقي فيها الجانبان اللبناني والسوري على هذا المستوى رغم الفراغ في رئاسة الجمهورية اللبنانية، ترى ما فحوى ما سيدور من نقاش؟ هل سيقول لبنان نحن البلد الذي نأى بنفسه في حربكم ضد الإرهاب؟ أم سينحصر النقاش بأزمة النزوح السوري لترتيب عودة النازحين ولا يملك لبنان إحصاء بهم وما زال ينتظر الجواب من مفوضية اللاجئين الأممية؟
حسناً لو ينحصر النقاش بهذا الشأن ويكسب لبنان أكل العنب لا الاكتفاء بقتل الناطور المتجسّد بالبكاء على مخاطر دمج النازحين في المجتمع اللبناني الذي يسعى إليه المجتمع الدولي. حسناً لو ينحصر النقاش في هذه المسألة بالذات، لأنه باعتقاد الكثيرين فإن في جعبة سوريا ما تقوله للبنان الكثير، من عتب وتنكّر أقلّه أنه لولا الدور السوري في لبنان لكان لبنان مجموعة من لبنانات، تحكمها الميليشيات… حكم ذاتي من هنا وإدارة مدنية من هناك وخطوط تماس ومعابر وفرز سكاني على أساس طائفي ومذهبي وصراعات وانتفاضات داخل كل كانتون…
مهما قيل وسيقال وما دوّن وما سيدوّن، بصراحة أو بخجل أو بجحود، لا يمكن التنكّر لسوريا مساهمتها في ضرب مشاريع التقسيم ونشر الأمن وحفظ الاستقرار في لبنان… ومهما قيل وسيقال سيكتب كثر أن لبنان بوحدته ومساحته الـ 10452 كلم٢ مدين لحافظ الأسد.