مَنْ سينقذ اوردغان من ورطته في أدلب : أميركا ام روسيا ؟
د . جواد الهنداوي*
الاحتلال او التوغل التركي في الأراضي السورية مُنيَّ بفشل سياسي و عسكري على الصعيد الدولي و الإقليمي والتركي ، و أفضى الى النتائج التالية :
– فضحَ الدور التركي في دعم وتسليح الجماعات الإرهابية في سوريا و في خارج سوريا ، و مشاركة وحدات و مشاة من الجيش التركي بالقتال مع صفوف الارهابيين ، وهذه المعلومات ليست فقط من منشورات او توجيهات الدعاية الروسية او السورية او الإيرانية ، وانمّا حقائق و وقائع موثقّة لدى الأجهزة الاستخباراتية الأميركية و الغربية ، و على اساسها ولاعتبارات أخرى يتبنى الرئيس الاميركي موقفه تجاه توسلاّت اوردغان بدعم أميركي عسكري سريع ، خاصة في بيع او إعارة منظومة الباتريوت الدفاعية .
– خسرَ الرئيس اوردغان ثقة الجميع ، الأصدقاء و الخصوم ، خسِرَ ثقة الرئيس ترامب كما خسِرَ ثقة الرئيس بوتين ، ادركَ جميع الرؤساء الأوربيين استغلال وتوظيف الرئيس اوردغان لملف اللاجئين السوريين ، ومحاولته ابتزازهم بمصائب و معاناة اللاجئين ، و لولا الاحتلال التركي للأراضي السورية ، والدعم اللامحدود للجماعات المسلحة والإرهابية وجبهة النصّرة لما سادت الفوضى و انعدام الامن والنظام في منطقة أدلب ، ولما اضطر المواطنين السوريين الى اللجوء هرباً من الحرب والقصف والقتال .
– فقدَ الرئيس اوردغان الكثير مِنْ رصيده الشعبي و السياسي ، و ظهُرَ عجزه عن الوفاء بالتزاماته وتهديداته العسكرية حين أمهلَ الجيش السوري مُدّة زمنية للانسحاب من المناطق التي حرررها ،تنتهي المدة اليوم ٢٠٢٠/٢/٢٩ ، حيث سارعَت القيادة الروسية بتوجيه ضربات جويّة قاسية ،أدت الى قتل العشرات من الجنود الأتراك ، والذين كانوا يقاتلون جنباً الى جنب مع الإرهابين ،و حسب البيان الرسمي الروسي . القصف الروسي كانَ بمثابة إنذار للرئيس اوردغان قبل نهاية المدة ، ونعتقد بأنَّ الرئيس اوردغان قد استلمَ الرسالة و فهِمَ المقصود ، لاسيما لم يتلقْ الرئيس اوردغان دعماً سياسياً او عسكرياً لا من أميركا و لا من حلفاءه او شركاءه في الناتو ، غير تصريحات في المواساة و التضامن .
هل تقدم أميركا على تسليم الباتريوت الى تركيا ؟
لن تسّلم أميركا السلاح المطلوب الى تركيا ،بالرغم من الاتصالات التي جرتْ بين الرئيس اوردغان و الرئيس ترامب ، حيث رفض الرئيس ترامب بيع او الإعارة من اجل البيع . سببان يفسران او يبرران الموقف الأميركي :
الأول هو لأميركا شروط ،ينبغي الالتزام بها او الامتثال اليها من قبل تركيا ، وفي مقدمة هذه الشروط التخلي عن السلاح الروسي و عن التفاهم الروسي الإيراني ، ومن بين الشروط أيضاً ترطيب او تطييب الأجواء مع حلفاء أميركا في المنطقة وهم المملكة العربية السعودية و مصر و اسرائيل ، و الأسهل و الممكن لتركيا هو اسرائيل طبعاً . والسبب الثاني هو قناعة أميركا بعقم الدور التركي في سوريا ، أميركا لا تعّول كثيراً على الدور التركي في سوريا وتعتبره دوراً فاشلاً لعلاقته الوثيقة بالإرهاب ، ولقصرهِ وعدم فاعليته تجاه الدور الروسي والإيراني ، ولتصادمه مع الموقف الكردي ، المدعوم أميركياً .
هل سيقدم الناتو على السماح لتركيا بنشر بطاريات الباتريوت التي تعود لإسبانيا و المتواجد على الأراضي التركية ؟
لن يوافق الناتو على السماح لتركيا بنشر بطاريات الباتريوت المتواجدة على اراضية والتي تعود الى اسبانيا ،رغم الطلب الرسمي التركي بذلك . قرار الناتو لا يمكن ان يكون دون موافقة أميركية .
يسعى الآن الرئيس اوردغان الى الحصول على منظومة دفاع جوي من أوكرانيا ، و لا نعتقد بنجاح مسعاه .
لن ينفذ الرئيس اوردغان تهديده و يُقدمْ على شنِ هجوم كبير على الجيش السوري ، لما مرَّ ذكره من اسباب ، و لفشله في تأمين الغطاء الجوي لقواته .
سيضطر الرئيس اوردغان الى العودة الى الخصم الصديق الروسي ، سيجد في كفوف الرئيس بوتين ماءاً يمسحَ به غبار و عار أدلب .
سيفرض ، وبلياقة دبلوماسية ، الرئيس بوتين شروطه على اوردغان ، وفي مقدمة هذه الشروط تسليم تركي بلزومية تحرير كامل الأراضي السورية و بسط الدولة السورية نفوذها وسيادتها على كامل أراضيها ، وانهاء تواجد الجماعات المسلحة و العودة الى اتفاقية أظنة لضمان الامن القومي التركي و احترام السيادة السورية .
* سفير سابق / رئيس المركز العربي الاوربي
للسياسات و تعزيز القدرات / بروكسل .
في ٢٩/ ٢/ ٢٠٢٠ .