ميقاتي بين الدفاع عن المصارف وترسيم الحدود (ماري ناصيف الدبس)
ماري ناصيف الدبس – الحوارنيوز
في المقابلة التي أجرتها قناة “الجديد” مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، سمعنا منه كلاما متناقضا وكثير الابهام حول كل القضايا التي تهم اللبنانيين.
حاول رئيس الحكومة، كالعادة، أن يظهر نفسه خارج الاصطفافات والتجمعات التي أساءت إلى لبنان وشعبه، فردد ما سبق له أن أعلنه حول مشروع السرقة الجديد، المسمّى “كابيتال كونترول”، الذي سيأكل جزءا كبيرا مما تبّقّى من أموال صغار المودعين، قائلا أن “الحسابات الصغيرة” ستعود إلى أصحابها… إنما مناصفة بين الليرة اللبنانية (على أساس “اللولار” المستحدث بفعل النهب) والعملات الأجنبية، ودون تحديد عدد السنوات المتوجبة لاستعادتها، إذ ربما ينتظر رحيل أصحاب الحقوق قبل أن تسدد المصارف ما بذمتها للناس الذين إتمنوها على مدخراتهم وجني عمرهم.
كان همّه الأول والأخير يكمن في الدفاع عن دور المصارف وضرورة حمايتها، غامزا من قناة من نزلوا إلى الشارع، الأسبوع الماضي، و”فشوا خلقهم وخلقنا” ببعض واجهات فروع تلك المصارف المقفلة والتي وضعت حدودا للسحوبات عندما يتعلّق الأمر بالموظفين وصغار الكسبة، بينما أبقت على التسهيلات المعطاة للفاسدين وناهبي المال العام الذين بنوا القصور والعمارات الفارهة في بيروت والشمال والجنوب، بل وفي كل لبنان، من الأموال التي وزّعها رياض سلامة عليهم وعلى عائلاتهم، دون أن ينسى بالطبع نفسه وأفراد عائلته وبعض المحظيات المتحلقات حوله.
في الوقت نفسه، شكر نفسه على ما قام به، هو وغيره، في ملف ترسيم الحدود البحرية “بين لبنان وإسرائيل”، متناسيا، من جهة، أن الدولة التي تقع جنوب لبنان هي فلسطين المحتلّة وأن لبنان لم يعترف بالكيان الذي يستعمرها، ومتجاوزا، من جهة أخرى، أن توقيع اتفاق الترسيم قد أفقدنا 1240 كيلومترا مربّعا من مياهنا الاقليمية… وهو لم يذكر – طبعا – “الخط الأزرق” المتجاوز للحدود بعمق ثلاثين مترا وأكثر ،ولا مياهنا التي تذهب عبر قنوات علنيةة لتروي المستعمرات الصهيونية بينما قرانا الجنوبية المقابلة عطشى.
أما الخدمات الأساسية، من دواء وكهرباء واستشفاء وتعليم، وخاصة المساكن في الأحياء الشعبية في زمن الهزّات الأرضية، فالأجوبة حولها مبهمة، إذ إنها تتراوح مثلا بين تأمين الكهرباء لمدة ست ساعات قريبا وانتظار تجربة الجباية لمعرفة إن كانت التغذية الحالية ستستمر، أو بين الموافقة على تحسين التقديمات للمعلمين والأساتذة والعاملين في القطاع العام وبين الامكانيات المحدودة لخزينة الدولة، أو خاصة بين الاهتمام الكبير بإجراء المسح الشامل للأبنية المتصدّعة وبين “مجهول” يتوجّب عليه الاسراع في تدعيمها…
هذه هي بعض حال الحكومة ومن تمثّل وما تمثّل، ومعها الأغلبية الساحقة للكتل النيابية المنضوية في عدادها أو الخارجة عنه، ولا ننسى من مع كل هؤلاء لا يزال ينتظر الترياق من الخارج البعيد والاقليمي.
فيا شعب لبنان، المتعب في التفتيش عن لقمة العيش، والذي يتابع إرسال شبابه إلى المجهول، في قوارب الموت وغيرها من طرق الرحيل، عليك أن تقرر قبل فوات الأوان. إنزع عنك رداء الخوف والتردد، وانطلق إلى الخلاص من الذين يضغطون على رقاب أبنائك، بينما هم وأولادهم وكل حاشياتهم يصرفون ما سرقوه من الأموال العامة والخاصة التي جنيتها لهم.
*باحثة واكاديمية – عضوة قيادة الحزب الشيوعي اللبناني