بقلم د.أحمد عياش
لضرورة ،وجب عليّ ان اذهب شخصيا الى دائرة رسمية.علمتني تجربتي الا اذهب الى اي دائرة رسمية قبل استشارة احد العارفين بأمور الدولة.
توجهت الى المكان سيرا على الاقدام برفقة قلقي وكلّي ثقة اني سأهان وسؤركل بالاقدام وسيدفعني احدهم الى الشارع دفعا،ما جعلني اتخيّل ردات فعلي مع هذا وذاك ،كيف سأردّ الصاع صاعين ولو كلفني ذلك عدم اتمام المعاملة.
اقلّ تصوّر للاحداث التي ستحصل معي كان تفجير الدائرة وتصفية الموظفين واحراق الشارع.
كل هذا يحصل في رأسي وقبل وصولي الى الدائرة الرسمية.
قبل وصولي وقبل احتكاكي بأي كان ،فجرت وقتلت واحرقت.
وصلت،سألني الحارس عن هدفي،اخبرته،قال ان عليّ ان انتظر ما لا يقل عن ثلاث ساعات ليتسنى لي الدخول، قال آخر باستياء وقبل ان اطلب ايضاحا ما، بوجوب اخلاء المكان والوقوف بالصف…
بما اني مستعد بالفطرة للاضطهاد وبما اني سريع تركيب مسلسلات التآمر ضدي ،كدت اشتبك معه،لم استطع ان أبرر له اسلوب كلامه بتعبه وبراتبه المتدني،وجدت نفسي في حال دفاع قبل الهجوم…
عدت واتصلت بالعارف بالامور الذي عاد واتصل بي مصححا المسار .
مصححا المسار يعني تأمين دخولي من دون انتظار.
لا تتوجه الى اي دائرة رسمية من دون استشارة بعارف بالامور، والا سيتدرب بجثتك الجميع.
فرحت وعبرت الا اني كنت عند كل سؤال وجواب اشعر ان الموظف سيرفض الاوراق او سيطلب افادات جديدة او اي حجة لاذلالي.
فكرتي عن الدوائر الرسمية ان مهمتها تعقيد حياة المواطنين، وان الموظفين هناك لصوص ينتظرون مغفلا بالقوانين ومحروما من الحقوق وعاجزا عن الدفاع عن النفس.
استعديت للمواجهة السلبية مقررا الكبح والصبر والصمت وكنت احاول الابتسام وازيد من سلوكي المهذب كي لا يشعر الموظف بأي استفزاز…
يجب احترام العارف بالامور الذي سهّل لي المهمة.
في الحقيقة ليس غيري في المكان المستنفر والمستفز نفسه بنفسه والقاهر نفسه بنفسه…
مثلي عليه الا يتواصل مع احد.
تهمتي اني مواطن فقد وطنه.
اصعب المواقف ان تنتظر اهانة ما من مصدر مجهول او معلوم،ان تنتظر من يحاول الهمز والغمز واللمز منك.
لم يخطئ احد معي،انا المتعب والمهزوم صرت متيقنا ان لا احد يحترمني.
هذه هي ازمتي النفسية.
اتممت المعاملة وخرجت سليما ومعافى،هنأت نفسي بالسلامة.
اتصلت بالعارف بالامور وشكرته.
ومشيت عائدا من حيث اتيت لوحدي اذ تركت قلقي في الدائرة الرسمية يتضارب ويتصارع مع الواقفين الواحد خلف الآخر ،وما زلت اتابع نشرات الاخبار لأعرف كيف انتهت الامور مع قلقي وتوتري هناك …
لأبرر لنفسي عدم اطلاق الرصاص وتفجير المكان ،نظرت الى مرآة في محل لبيع الادوات المنزلية وتمتمت قائلا:
احتراما لشعري الابيض لم ارتكب مجزرة اليوم…
هكذا انا،ارتكب عشرات المجازر واقتل بالالاف واحرق المدن والقرى اسبوعيا انما لوحدي وداخل رأسي…
قررت الا اتوجه الى اي مكان ،لا لسؤال ولا لجواب.
دماغي قنبلة نووية لا تعرف بها الوكالة الذرية ولا اسرائيل.
لا اريد مهمات،رحمة بالناس واحتراما لشعري الابيض.
زر الذهاب إلى الأعلى