إقتصادموازنة

موازنة 2025 بين سوء الاعداد وسوء النتائج(عماد عكوش)

 

بقلم د. عماد عكوش – الحوارنيوز


من خلال قراءتنا لمشروع موازنة 2025 المرسلة الى مجلس الوزراء لدراستها وأقرارها قبل تحويلها الى مجلس النواب ، من خلال هذا القراءة المجردة يتبين لنا الكثير من الظلم على المكلفين وخاصة ذوي الدخل المحدود :الجهل المقصود من قبل واضعيها في محاولة لتمرير موازنة الامر الواقع الغير مدروسة النتائج ، التحيز الكبير الى أصحاب الرساميل الكبيرة ، لا تهدف الى الخروج من الازمة ، ليست من ضمن خطة استراتيجة لتغيير الواقع ، ومناقضتها للكثير من المعايير والقواعد والاسس التي تقوم عليها عملية اعداد الموازنات .
ان أعداد موازنة في مرحلة التضخم المفرط يجب ان يكون على أساس عدم فرض ضرائب جديدة على الفقراء . فالمكلف في مرحلة التضخم المفرط هو مواطن منهك سواء كان موظفا أو رب عمل ، فهو سيعجز عن تسديد ضرائبه ورسومه الحالية في ظل اعادة تقييم الرسوم وزيادتها وفقا” لقواعد محددة ، فكيف سيدفع رسوما وضرائب جديدة ، ويجب ان تكون على قاعدة العدالة الضريبية بحيث يتم تحميل الطبقة الغنية الجزء الاكبر من الضرائب المباشرة ، كما ان هناك بعض الملاحظات الاساسية منها :
– بالنسبة لموضوع دستورية اقرار موازنة العام 2025 فانه وفقا للمادة 87 لا يجوز نشر الموازنة قبل قطع حسابات السنة السابقة .
– تمويل العجز عبر سندات داخلية وهو امر مستحيل في ظل عدم اصلاح القطاع المصرفي ومعالجة موضوع الودائع ، والمريح في الموضوع انه لا عجز بعد اليوم في الموازنات ولا تضخم للدين العام بفعل قوة الانهيار الاقتصادي والمصرفي ، والتضخم المتوقع مع اي محاولة لتمويل اي عجز من قبل مصرف لبنان .
– تخصيص فوائد لسندات الخزينة علما” ان المصارف توقفت عن دفع الفوائد على الودائع منذ اكثر من سنتين، فالى جيب من يتم تحويل هذه الفوائد ، فحجم الفوائد التي ستدفع تبلغ حوالي 31 تريليون ليرة منها 24 لليوروبوند و 7.4 تريليون للسندات الداخلية .
– المقارنة هي مع العام 2021 مما يجعل عملية المقارنة عملية شكلية نظرا” لتغير الارقام لناحية النفقات والايرادات بسبب التضخم الكبير الذي اصاب العملة والرسوم .
– ارقام الواردات لا تستند الى اي معطيات او حقائق علمية بل مجرد تكهنات ، علما” انه تم رفع الضرائب والرسوم لتكون متلائمة مع سعر صرف الدولار)( 89500 ليرة)  ومع انخفاض تقريبي بالصادرات بنسبة لا تتجاوز 15 بالمئة وعلى اساس موازنة 2018 والتي بلغت وارداتها تقريبا” 15 مليار دولار قبل الازمة ،فمن المفترض ان تتجاوز الايرادات بالحد الادنى 7.5 مليار دولار مع التحوط لناحية انكماش الناتج المحلي وحجم الاستيراد ، فيما بلغت هذه الايرادات بحسب الموازنة حوالي 4.77 مليار دولار .
– بالنسبة لاعتماد سعر الصرف الصادر عن مصرف لبنان فإننا لا زلنا في دوامة اي سعر رسمي هو السعر الصادر عن مصرف لبنان.  فالمادة 17 من الموازنة تطلب اعتماد السعر الصادر عن مصرف لبنان لتحويل الرواتب المدفوعة بالعملة الاجنبية لاحتساب الضريبة عليها، فأي سعر هو السعر الرسمي علما” ان قانون النقد والتسليف المادة 229 واضح لجهة صلاحية المجلس النيابي في تحديد هذا السعر .
– الاعفاء من رسم الانتقال لما قبل العام 2007 المادة 23 مما يجعل عملية التهرب من دفع هذه الضريبة ذات منفعة .
– اعفاء أصحاب محلات الفليبرز والات اللهو من الرسوم السنوية على الماكينات ،واقترحت في المادة 21 إلغاء أحكام المادتين الأولى والثانية من القانون 24 الصادر عام 1975 .
– تمديد العمل بوقف ضريبة الاراضي لغاية العام 2027، فلمصلحة من تم اعفاء الطبقة الغنية والتي تملك الاف الدونمات من هذه الضريبة (المادة 29) .
لذلك برأينا يجب عند أعداد موازنة في ظل أقتصاد منهك ويعاني من معدلات تضخم قياسية ، يجب مراعاة ما يلي :
1- عدم فرض ضرائب ، رسوم ، غرامات جديدة . السبب الاساسي كما أوضحنا سابقا” انه لا يجوز ادخال المجتمع في متاهة التجربة الاقتصادية بشكل كلي قبل معرفة أثر أعادة تقييم الضرائب والرسوم القديمة وفق معدلات التضخم التي حصلت وأثرت بشكل كبير على الاقتصاد والناتج القومي وبالتالي الناتج الفردي .
2- ان اعادة تقييم الرسوم والضرائب والتي كانت قبل الازمة وجرى تعديلها خلال الاعوام 2023-2024 يجب ان تأخذ بعين الاعتبار عند تعديلها ثلاثة أمور اساسية :
– معدل التضخم .
– قدرة الاقتصاد على التجاوب .
– حجم الدخل الفردي .
– النتائج التي حصلت .
3- ان تكون الضريبة هادفة ، اي ان تحقق هدفا انسانيا واجتماعيا ، وتطال بالدرجة الاولى من يستطيع دفعها ، ومن يملك ليدفعها ، وأن تستخدم الشطور الضريبية في عملية الاحتساب لكي تكون عادلة بعد توحيد الوعاء الضريبي .
4- العمل على توحيد سعر الصرف بالنسبة لكل التعاملات المالية التي يتم تنفيذها على الاراضي اللبنانية سواء المعاملات الضريبية ، الرسوم ، الودائع ، والقروض ، وبالتالي عدم السماح باستخدام أسعار متعددة الامر الذي سيؤدي حتما” الى تخبط كبير في الادارات العامة ، وفي العلاقة التجارية الصحيحة بين الشركات والافراد وينعكس على الاقتصاد ككل .
5- ضرورة ان تكون الموازنة شفافة لا تخفي اي كذب فيها او تشويه ، كما لا يجب ان تتضمن وعودا مستحيلة التطبيق ، على سبيل المثال تمويل العجز عبر بيع سندات في ظل دولة متوقفة هي أساسا” عن الدفع ، فمن سيقوم باقراض هذه الدولة او الاكتتاب بسنداتها ، او أستكمال تنفيذ مشاريع تبلغ قيمتها ملايين الدولارات بموازنات لا تتعدى بضعة الاف من الدولارات بعد أعادة تقييم الارقام السابقة والتي وردت في موازنات سابقة ، كما يجب توضيح البنود الاحتياطية خاصة عندما تصل الى حدود 13 بالمئة من اجمالي النفقات في الموازنة .
6- عدم دولرة الرسوم والضرائب التي لها علاقة مباشرة بحياة المواطنين باستثناء تلك التي هي بالاساس تتناول خدمات ، بيع مواد ، او تتناول عقود معقودة مع الحكومة اللبناية بالدولار الاميريكي كأدارة وبيع الموارد الطبيعية ، أو تأجير وادارة الاملاك العمومية .
7- في ظل الازمة الحالية يجب العمل على عدم وجود عجز في الموازنة لانه في الواقع لن تستطيع الحكومة تغطية هذا العجز الا عبر التضخم وطباعة المزيد من الليرات وهذا سيخلق دوامة من التضخم المستمر الذي لن ينتهي .
8- معالجة تخبط وزارة المالية نتيجة القرارات والمراسيم التي تم اتخاذها دون دراسة أثر هذه القرارات على الواقع المالي ، نتيجة عدم معالجة بعض القوانين التي ستؤدي الى نوع من التخبط وسوء العلاقة ما بين موظفي الادارات الرسمية والمكلفين ولا سيما بما يتعلق بمديرية القيمة المضافة ، ولا سيما لناحية سعر الصرف الرسمي والتي يجب على الشركات الالتزام به .
ان هذه الملاحظات أساسية ويجب مراعاتها عند فرض ضرائب جديدة وبالتالي أعداد موازنات حتى نستطيع بالحد الادنى اقناع الشعب اللبناني بدفع ما يتوجب عليه خدمة لبلده وليس خدمة لافراد ، ولتكون عندها الموازنة هادفة وشفافة وبعيدة عن الوعود الكاذبة والمواد التي تخفي الكثير من الغموض خلفها .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى