موازنة 2022:مشروع تفليس وتهجير وتطفيش (دانييلا سعد)
دانييلا سعد – الحوارنيوز- خاص
كما أعتدنا منذ اقرار اتفاق الطائف وحتى يومنا هذا، كلما ضاقت الدنيا بالحكومات تتجه فورا الى مد يدها الى جيوب الناس. لا يكفي أن الطبقة الوسطى انسحقت وتلاشت حتى يأتي مشروع الموازنة الجديدة ليؤكد نية الحكومة بإفقار الناس وزيادة همومهم وعذاباتهم اليومية.
لم تقدم هذه الحكومة موازنة إنقاذ، نابعة من رؤية إقتصادية متكاملة من شأنها أن توسّع حجم الاقتصاد اللبناني وتعيد الثقة بالمؤسسات المصرفية، بل قدمت موازنة مجبولة بزيادات ضريبية كافية لتهشيل من تبقى من لبنانيين.
ليست حكومة انقاذ ولا من ينقذون، بل هي حكومة تطلب من الذين قرروا البقاء في لبنان رغم الأزمة الحادة العمل على الهجرة متى استطاعوا الى ذلك سبيلا وبأسرع وقت ممكن.
استهدفت الموازنة المواطنين بشكل عام وموظفي القطاع العام بشكل خاص، فمقابل الضرائب والرسوم الكثيرة والتي يرتبط معظمها بسعر صرف السوق السوداء نجد مساعدات هزيلة لا تكفي لحفظ ماء الوجه. مساعدات لا تكفي لتغطية ضريبة واحدة من الزيادات الضريبية الجديدة. فهل تعتمد هذه الحكومة منهجية “تطفيش” الموظفين عن سابق تصور وتصميم بإعتباره وفق رؤية صندوق النقد، الحل الأنسب بعد التوظيفات العشوائية، غير المنتجة والمتكررة، فالحكومة تحاول من خلال ذلك تقديم أوراق اعتمادها امام صندوق النقد الدولي وتقليص عدد القطاع بشكل تلقائي وتجميلي والامتناع عن زيادة الرواتب والأجور.
ولكن هل تعلم الدولة أن أول من سيفكر بترك الوظيفة العامة هم أصحاب الخبرات والكفاءات العالية ولن يبقى لهم سوى من تم استزلامهم.
الموازنة بالأرقام:
بلغت قيمة النفقات في مشروع موازنة 2022 نحو 49416 مليار ليرة، بزيادة 30844 مليار ليرة مقارنة مع مشروع موازنة 2021. أما الإيرادات فبلغت 39154 مليار ليرة بزيادة قيمتها 25582 مليار ليرة عن مشروع موازنة 2021. وبلغ عجز المشروع نحو 10262 مليار ليرة مقابل 4687 ملياراً في 2021. وإذا أضيفت سلفة الخزينة لمؤسسة كهرباء لبنان المحدّدة بـ 5250 مليار ليرة كحدّ أقصى، فإن عجز الموازنة يصبح 15512 مليار ليرة، أي ما يوازي 31% من الموازنة.
تتعامل الحكومة مع موازنة 2022 بطريقة تقليدية جدا فلم يتغير السلوك المالي بمشروعها وهي بعيدة كل البعد عن الأزمات التي تمر بها البلاد ، ابرز بنود موازنة ٢٠٢٢
١- تم تمرير الضرائب في مشروع موازنة ٢٠٢١ الذي ادرج على جدول اعمال مجلس الوزراء بما فيه من هيركات وضرائب تصيب المواطن و المستهلك و تحمي المصارف وكبار المودعين والمكلفين .
٢- لا نفقات استثمارية في موازنة ٢٠٢٢ حيث حذفت اعتمادات قوانين البرامج.
٣- اجازت تقسيط الضرائب والرسوم لمدة ٣ سنوات.
٤- موازنة خالية من اي انفاق اجتماعي او صحي مع تقليص اعتمادات الجامعة اللبنانية ووزارة الصحة.
٥- اجازت التسوية على التكاليف الضريبة غير المسددة لضريبة الدخل والضريبة على القيمة المضافة، لصالح كبار المكلفين.
٦- زيادة مدة ترحيل الخسائر للمكلفين بضريبة الدخل سنة اضافية.
٧- تعديل شطور الضرائب على الدخل ( الارباح و الرواتب على الاجور) و زيادة التنزل العائلي.
٨- اعفاء المساعدات الاجتماعية المدفوعة من الخارج من ضريبة الدخل.
٩- زيادة الضريبة ايرادات رؤوس الاموال المنقولة بما فيها الفوائد على الودائع والسندات الى ١٠٪.
١٠- فرض رسوم فراغ على التفرغ موازية لرسم الفراغ والانتقال على العقارات على تصرفات التفرغ عن الاسهم والحصص للشركات التي تملك عقارات.
١١- الابقاء على الاعفاءات الضريبية لبعض الجهات الدينية ومؤسسات التعليم مع فرض موجب التصريح فقط.
١٢- زيادة الضرائب بنسب متفاوته على شركات الهولدنغ و الاوف شور، مع التوسع بالاعفاءات على شركات الاوف شور.
١٣- زيادة رسم الطابع المالي على المعاملات.
١٤- زيادة رسوم خروج المسافرين وفرضها بالدولار بين ٣٥ و ١٠٠ دولار.
١٥- زيادة التنزيل العائلي لضريبة الانتقال، ورفع الشطور المتعلقة برسم الانتقال وزيادة معدل الضريبة .
١٦- فرض ضريبة على الاملاك المبنية على الابنية الشاغرة بنسبة ٥٠٪ من الضريبة المتوجبة.
١٧- فرض ضريبة ايرادات الاملاك المبنية على اساس العقد بدلا من التقدير المباشر شرط ان لا تقل عن ٧٠ ٪ من قيمة التقدير المباشر.
١٨- زيادة التنزيل السكني على ضريبة ايرادات الاملاك المبنية لغاية ٤٠ مليون.
١٩- زيادة شطور ضريبة ايرادات الاملاك المبنية وتعديل معدلات الضريبة.
٢٠- فرض رسم ٣٪ على كافة السلع المستوردة لمدة ١٠ سنوات.
٢١ – فرض رسم جمركي ١٠٪ على كافة السلع المستوردة اذا كان يصنع مثيلاً لها في لبنان.
٢٢- اعفاء المجموعات السياحية الوافدة الى لبنان من رسم سمة الاقامة والمرور.
٢٣- رفع رسم التفرغ والانتقال ليصبح احتسابه على اساس ناتج ضرب القيمة التأجيرية بالرقم ٤٠ بدلا من ٢٥.
٢٤- حصر استيفاء الرسوم القنصلية بالدولار الاميركي.
٢٥-تعديل وزيادة رسوم المرافئ والمنائر .
٢٦- تعديل وزيادة رسوم المطارات.
٢٧- زيادة رسوم الاشغال الطوبوغرافية ورسوم المساحة لتصبح بين ١،٢ مليون و ٤ مليون.
٢٨- زيادة الرسوم العقارية ورسوم التسجيل المقطوعة.
٢٩- السماح بتقسيط رسوم وبدلات اشغال الاملاك العامة والاملاك البحرية دون زيادتها.
٣٠- تحميل المواطنين رسوم التحديد والتحرير.
٣١ – اعفاء الشركات الدامجة من ضريبة الدخل وهو ما يشمل اعفاء المصارف من ضريبة الدخل (توسع المادة ٩٥)
٣٢- اعفاء فوائد الودائع بالعملات الاجنبية لمدة ٥ سنوات من الضريبة (توسع م ٩٦)
٣٣- رفع نسب الاستثمار ٢٠٪ في المناطق المصنفة صناعية دون اي ضوابط بيئية.
٣٤- تعديل المواد المتعلق باستيفاء الرسوم بالليرة اللبنانية والسماح باستيفاء بعض الرسوم بالدولار.
٣٥- زيادة قيمة الرسوم على جوازات السفر.
٣٦- فرض رسوم الفراغ على الحقوق العينية الى ٣٪.
٣٧- اعطاء وزير المالية صلاحيات تشريعية لمدة سنتين بتعديل التنزيلات والشطور والمعدلات المتعلقة بالضرائب.
٣٨- فرض رسوم على النفايات نسبية بحسب النوعية والكمية.
٣٩- اعفاء السيارات الكهربائية من الرسوم الجمركية بظل انقطاع الكهرباء.
٤٠- فرض توطين الرواتب في القطاع الخاص في المصارف .
٤١ – السماح بتأجير املاك الدولة الخصوصية مع اقامة انشاءات لمدة تسع سنوات قابلة للتجديد.
٤٢- تعديل الضمانة لدى مؤسسة ضمان الودائع لغاية ٦٠٠ مليون.
٤٣- تعديل شروط اعضاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وفرض شروط تعجيزية في مواصفاتهم مثل خبرة ٢٠ سنة.
٤٤- الطلب من المؤسسات العامة التصريح عن عقاراتها تمهيدا لبيعها والتصرف فيها.
٤٥- تعديل شروط استحقاق المعاش التقاعدي وتضييق حالات الاستفادة منه وتخفيض الاستفادة منه الى حدود ٢٥٪.
٤٦- منع العسكريين من الجمع بين رواتبهم التقاعدية ومخصصات اخرى.
٤٧- تعديل ملاك السلك العسكري الى ١٢٠ عميد و تعديل شروط الترقية.
٤٨- الزام المصارف بتسديد الودائع الجديدة بعملتها ما يعني عدم الزامها بتسديد الودائع القديمة بنفس العملة.
٤٩- السماح للحكومة ممثلة بوزير المالية تحديد سعر الصرف لتحديد اسس استيفاء الرسوم والضرائب ما يعني فرض الدولار الجمركي و احتساب الضريبة على القيمة المضافة على اساس سعر صرف ضريبي تحدده وزارة المالية.
٥٠- اعطاء مساعدة اجتماعية لموظفي القطاع العام لمدة سنة موازية لراتب شهري مع استثناء المؤسسات العامة والجامعة اللبنانية.
ان ما نصت عليه المادة 132 لهو خير دليل على فقدان الودائع المصرفية للمواطنين فهي تلزم المصارف تسديد الودائع الجديدة بالعملة الأجنبية التي يتم ايداعها نقدا لديها أو من خلال تحويلات مصرفية خارجية اعتبارا من تاريخ نشر هذا القانون بالطريقة عينها التي أودعت لديها بناء على طلب صاحب العلاقة مما يعني أن جميع الودائع القديمة لن يحصلها عليها أصحابها بالعملة التي أودعت بها بهذه الطريقة تتجاهل السلطة المودعين وتعطي الشرعية القانونية للمصارف للاستمرار في سرقت أموال الناس متناسية جميع الدعاوى والقضايا المرفوعة من قبل العديد من المواطنين
كان من المستغرب أيضا ما ورد في المادة 109 والتي نصت على منح وزير المال والوزراء المختصون، لمدة سنتين من تاريخ صدور قانون الموازنة، حق تعديل النسب والتنزيلات والشطور المتعلقة بالضرائب والرسوم بحيث تمنح هذه المادة صلاحية مطلقة لوزير المال،
أما المادة 133 فقد أعطت المزيد من الصلاحيات لوزير المال ما يمكنه من تحديد سعر تحويل العملات الأجنبية إلى الليرة لغايات فرض واستيفاء الضرائب والرسوم. ما يعني أن بإمكان الحكومة لاحقاً تحديد سعر صرف الدولار لاستيفاء الضرائب والرسوم ومنها الدولار الجمركي والـTVA وباقي الضرائب، التي يتم استيفائها حتى الآن وفق سعر الصرف 1515. ويبقى السؤال هنا هل تقبل السلطة التشريعية بمنح صلاحيات ولو كانت استثنائية للحكومة، والتي لطالما رفض رئيسها منح هكذا صلاحيات فهل يقبل منحها لوزير المال.
لا يكفي المواطنين ما يعانوه من ارتفاع في الأسعار حتى أتت المادة 78 من موازنة 2022، لتفرض رسماً مقطوعاً بقيمة 3 في المئة على كافة السلع المستوردة الخاضعة للضريبة على القيمة المضافة، باستثناء البنزين والمعدات الصناعية والمواد الأولية للصناعات الزراعية. وكذلك المادة 81 التي سيُفرض بموجبها رسم جمركي على السلع والبضائع التي يتم استيرادها، ويصنع لها مثيل في لبنان، 10 في المئة. وهذا يعني أن الغالبية الساحقة من المستوردات الغذائية ستخضع للرسم الجمركي الجديد والرسم المقطوع وبالتالي غلاء إضافي بالأسعار.
المادة 57 تفرض رسوم خروج المسافرين بطريق الجو والبحر بالدولار الأميركي تتراوح بين ٣٥ و ١٠٠ دولار، أما برا فقد فرضت المادة على الوافدين الغير لبنانيين رسم دخول بالعملة الوطنية قدره 50,000 ليرة لبنانية، فلماذا هذا التمييز والإصرار على انهاك اللبنانيين أكثر فأكثر.
إن الاقتصاد لن يتحسن من دون رؤية اقتصادية او حلا يساهم في تخفيف من الازمة الاقتصادية التي يعاني منها كافة المواطنين، ومن دون أن تغير الحكومة انحيازها لأصحاب المصارف والمصالح لتطفئت خسائرهم على حساب المواطنين.