وسام نصرالله – الحوارنيوز خاص
رفعت الانتفاضة اللبنانية التي شهدتها ساحات لبنان في الآونة الأخيرة، مطالب عديدة في مقدمها “الدولة المدنية” و”استقلالية القضاء”، الذي، وبحسب كثيرين، هو بوابة الإصلاح والإنقاذ والمدخل الطبيعي لبناء دولة القانون والمؤسسات.
وعلى الرغم من أن إستقلالية السلطة القضائية حدّدتها المادة 20 من الدستور اللّبناني، ودعمتها وثيقة الوفاق الوطني اللّبناني (اتفاق الطائف)، بقي الجسم القضائي، وخاصة الإداري منه، متأثرًا بالدولة وأركانها.
من يعرقل إتمام مناقشة اقتراحات القوانين المتعلقة بتطوير التشريعات المتصلة بالقضاء ومنحه كامل السلطة التي يحتاجها ليتحول الى سلطة مستقلة بصورة كاملة، ويكبح بالتالي تدخل أركان السلطة والنفوذ بشؤون القضاء وأحكامه؟
منذ نحو 21 عاماً تقدم الرئيس السابق لمجلس النواب السيد حسين الحسيني، مع عدد من رؤساء الوزراء والوزراء السابقين بإقتراح قانون السلطة القضائية المستقلة، وإلى اليوم ما زال الإقتراح بين لجنة فرعية وأخرى يدور دون أفق لمهل محددة.
وإذا كان النائب مصطفى الحسيني قد حرّك مؤخرا هذا الملف، إلا أن لجنة الإدارة والعدل تعمل على اقتراحات القوانين بصورة لا تعكس الإيمان بأهمية الإقتراحات وضرورتها.
أين أصبحت الإقتراحات؟
يجيب عن هذا السؤال ل “لحوارنيوز” عضو كتلة الوفاء للمقاومة النيابية النائب حسن عزالدين، (عضواللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة الإدارة والعدل لدراسة اقتراحات قوانين استقلالية القضاء)، ويرى “أن اللّجنة الفرعية أنهت، في الشهر الأخير من سنة 2020، ما يقارب ال 90% من النقاش حول الاقتراحات المتعلقة باستقلالية القضاء.
ويعبّر عزالدين، عن صدمته حيال وجود اقتراحات قوانين تعود الى القرن الماضي وبدايات القرن الحالي في ما يخص استقلالية القضاء والتي ما زالت عالقة في اللجان حتى اليوم، معتبرًا أن هذا الوقت طويل جدًّا لإنجاز هذا القانون. وأكد عزالدين أنه في حال بقيت الأمور على ما هي عليه حتى نهاية الشهر، سيقوم أعضاء اللجنة بتحريك الملف باتجاه الرئاسة لمعرفة سبب هذا التأخير”.
وأشار النائب عزالدين إلى “أن إقرار قانون استقلالية القضاء حاجة ملحة للوطن وليس لجهة دون سواها، لأنه يتعلق بشريان الحياة السياسية والإدارية وله تماس مع الجميع”.
ولأن الجسم القضائي ذا أهمية قصوى، سعى العديد من النواب إلى اقتراح قوانين تهدف إلى استقلالية القضاء. فتقدم الرئيس السابق لمجلس النواب حسين الحسيني، مع عدد من رؤساء الوزراء والوزراء السابقين باقتراح قانون السلطة القضائية، وذلك في الأول من تموز عام 1997. والاقتراح هذا، يتعلق بتنظيم السلطة القضائية المستقلة، ويشرح الأسباب الموجبة تبعًا للدستور والنظام والنصوص القانونية المعمول بها. غير أن الإقتراح رُدَّ من لجنة الإدارة والعدل في العاشر من تشرين الأول من العام 2001، برئاسة النائب مخايل الضاهر آن ذاك، لأسبابٍ عددتها اللّجنة في تقريرها المرفق.
وبعد مرور ما يزيد عن 21 عامًا من تاريخ تقديم هذا الإقتراح، عمل المركز المدني للمبادرة على إعادة تقديمه ليكون على جدول أعمال لجنة الإدارة والعدل، وذلك بحلول الفصل الأخير من عام 2019.
وفي 29 أذار 2018 أعلنت المفكرة القانونية بالتعاون مع الإئتلاف المدني عن مسوّدة إقتراح قانون إستقلال القضاء العدلي وشفافيته.
في هذا السياق، يؤكد لنا المحامي نزار صاغية، وهو من مؤسسي المفكرة القانونية ومديرها التنفيذي، أن الإقتراح عالقٌ في البرلمان وقد عرض على لجنة الإدارة والعدل برئاسة النائب جورج عدوان.
وأشار صاغية، في اتصالٍ هاتفي، إلى أن عدوان كان قد وعد من الانتهاء من دراسة الاقتراح بحلول العام 2019 ولكن ذلك لم يحصل، وعاد وأكد على الانتهاء منه بحلول شباط 2021، وذلك لم يحصل أيضًا. وأوضح صاغية أنه يمكن للقانون أن يتعرض للتشويه، أو أن يخرج بشكلٍ غير مُرض، لافتًا إلى أن ما تغير اليوم في هذا الملف هو تحوله إلى أولوية إجتماعية بعد اندلاع التحركات الشعبية.
بالإضافة إلى اقتراح قانون إستقلال القضاء العدلي الذي أعد في العام 2018، تم الإعلان عن اقتراح قانون استقلالية القضاء الإداري في 17 من الشهر الحالي خلال مؤتمر للنائب أسامة سعد بالتعاون مع ائتلاف استقلال القضاء في لبنان. وصرّح سعد خلال المؤتمر أن اقتراح قانون استقلال القضاء الإداري سوف يشكل، متى جرى إقراره وتطبيقه، سنداً كبيراً لأي مواطن يتعرض للتعسف والظلم من قبل أي مسؤول في الدولة، أو أي وزارة أو إدارة. ولفت سعد إلى أن اقتراح القانون حول استقلالية القضاء العدلي الذي طرحته المفكرة القانونية، وشاركت مع عدد من النواب في تقديمه إلى المجلس النيابي قبل حوالي ثلاث سنوات، ما يزال يقبع في أدراج المجلس، بعد أن تعرّض أيضاً للتلغيم والتشويه.
زر الذهاب إلى الأعلى