من سقوط بغداد الى سدّ النهضة: السيناريو نفسه!(أحمد عياش)
د.أحمد عياش
لم يكن فجرا اميركيا لأهل بلاد ما بين النهرين يوم دخلت القوات الاميركية ارض العراق وسقوط بغداد ابو جعفر المنصور، في يوم التاسع من شهر نيسان من سنة 2003 المشؤوم.
لم يكن خيارا صحيحا وموفقا ولا مشرّفا ًيوم شارك بعض قيادات العراق في مجلس يرأسه الحاكم العسكري الاميركي بول بريمر بحجة اقتلاع حزب البعث العربي الاشتراكي .
مهما برّر وتفلسف البعض، لا شيء يبرر التعامل والتعاون مع جيش احتلال مفترض ان يكون الشيطان الاكبر فيه، لكل المسلمين في كل مكان وليس فقط في لبنان وايران، بينما في العراق صديق منقذ من حكم الرئيس صدام حسين.
الهدف الاول كان واضحا، ليس رأس رئيس العراق انما تدمير وتقسيم بلاد باكملها وتفكيك جيشها واغتيال علمائها النوويين والاكاديمين وملاحقتهم في كل شوارع المدن .
يوم سقوط بغداد انكشفت الأقنعة وتمددت المؤامرة غربا لتطال البلاد الليبية التي اغرقوها بالفتن واستولوا على ثرواتها وصادروا اسلحة قواتها بحجة قتل رئيسها، ثم تمددت نحو جمهورية مصر العربية، الا ان القيادة والشعب هناك كانوا اذكى من باقي البلدان، لتتمدد المؤامرة نحو سوريا، وبحجة اقتلاع رئيسها فتتوها واثخنوها جراحا وانهكوا جيشها كخطوة اولى وثانية واخيرة لتفكيكه.
حتى الجيش السعودي اغرقوه في حرب لم ينتصر فيها كما وعدوه وصمدت صنعاء صمودا اسطوريا بوجه قوات التحالف.
واليوم يعودون الى جيش مصر، اكبر الجيوش العربية، بعدما فشلوا في توريطه في حرب داخلية وفي استدراجه الى الحرب السورية واليمنية والليبية، يحاولون جرّه اليوم الى قتال ضد اثيوبيا عبر حدود السودان.
اثيوبيا ليست عدونا…
سنة 2011 بدأت اثيوبيا بناء سدّ النهضة على نهر النيل الازرق على بعد 40 كم عن الحدود الجنوبية للسودان.
مصر هبة النيل واي تحكم بمسار وحجم وحصة مصر من المياه يشكل ازمة وجودية حياتية لمصر.
بين مصر واثيوبيا حربان انتصرت فيهما بلاد الحبشة ايام الخديوي اسماعيل في منتصف القرن التاسع عشر(معركة غوندت 1875-معركة غورا 1876) بسبب حرص مصر على تأمين حماية منابع النيل.
يقال ان لمصر قاعدة عسكرية في مدينة باجاك السودانية، قريبة جدا من الحدود الاثيوبية، والهدف بالتأكيد مراقبة الامور في سد النهضة.
من ناحية اخرى وهذا بيت القصيد، وقعت اثيوبيا معاهدة تعاون عسكري سنة 2017 مع الدولة الاسرائيلية تسمح فيها الاخيرة لاثيوبيا بتصنيع عربات مدرعة قتالية “ثاندر” .والجدير ذكره انه اثناء اقتحام الجيش الفدرالي الاثيوبي لمنطقة تيغراي(تشرين الثاني 2020) تم اجلاء تسعة اسرائيليين بعملية عسكرية اثيوبية من مواقع القتال .
ماذا يفعل العدو الاصيل هناك؟
طول الحدود بين السودان واثيوبيا1600كم ومن اشهر مناطق النزاع عند الحدود منطقة”الفشقة”.
واضح جدا من يريد الايقاع بالجيش العربي المصري هناك.
انه العدو الاصيل :اسرائيل.
لم يبق حول اسرائيل الا جيشان عربيان لم تدمرهما :
جيش مصر وجيش الجزائر.
وجيش الجمهورية الاسلامية كجيش غير عربي.
يحكى ان الرئيس انور السادات اشتكى في السبعينات من القرن الماضي من بناء سدود على نهر النيل في اثيوبيا، فنفت الاخيرة ذلك وصدقتها دول كثيرة، فما كان من السادات الا وارسل طائرات عسكرية مجهولة من دون رمز العلم المصري وقصفت الانشاءات، وعندما احتجت اثيوبيا على قصف انشاءات السدود اندهش السادات وسأل ان كان هناك من سدود على النهر.!!
بقي الامر مهمة عسكرية سرّية.
على القيادة المصرية عدم الوقوع في مصيدة العدو الأصيل، اما اثيوبيا فليست هنا الا عدوا وكيلا لا داعي لقتالها.
ان كان ولا بد من الحرب فلتكن ضد العدو الاصيل كي لا تتكرر اخطاء العراق وسوريا وحتى خطأ المقاومة في لبنان الجائع.
وان يحل النزاع بمفاوضات سلام مع الشعب الشقيق الاثيوبي افضل واجدى لمصر وللعرب في حربهما الطويلة لتحرير فلسطين.
قاتلوا العدو الاصيل وابتعدوا عن الوكلاء.!