رأيصحف

من ساحة رياض الصلح الى البيت الأبيض (نبيه البرجي)

 

الحوارنيوز – صحافة

تحت هذا العنوان كتب نبيه البرجي في صحيفة الديار يقول:

 

 

تظاهرة ساحة رياض الصلح التي حدد موعدها تكتيكياً، ثم أرجئت بعدما حققت أهدافها، ومن بيروت الى البيت الأبيض، كانت بمثابة انذار اللحظة الأخيرة بأن أي ضغوط اضافية، ان من الداخل أو من الخارج، تعني انفجار الساحة الداخلية، خصوصاً أن الثنائي يتوجس من مواقف السناتور الجمهوري لندسي غراهام، الأكثر تأثيراً في الكونغرس، والعاشق لاسرائيل، حتى أنه ساند وزير التراث عميحاي الياهو في الدعوة الى القاء القنبلة النووية على قطاع غزة وابادة سكانها.

أما لماذا اختيرت ساحة رياض الصلح مكاناً للتظاهرة، فليس لكون الحشد سيكون بعشرات الآلاف لا بمئات الآلاف، وانما لأنه الأقرب الى السراي لاعتقاد البعض في الثنائي أن رئيس الحكومة نواف سلام هو من نقل الى مجلس الوزراء “الأوامر” الخارجية باتخاذ المجلس القرارات المتعلقة بسحب سلاح “حز.ب الله”.

هذا مع اعتبار أن ما ما يحدث في أروقة المبنى الزجاجي في نيويورك حول التمديد للقبعات الزرق (اليونيفيل) لسنة اضافية، وللمرة الأخيرة، يتزامن مع الحديث عن تشكيل قوة متعددة الجنسيات، وبإشراف أميركي مباشر، للانتشار على طول الخط الأزرق، اذا يساعد على انجاز عملية ترسيم الحدود، يشكل الحلقة الأخيرة، والضاغطة، لعقد محادثات التطبيع بين لبنان واسرائيل، وبعدما تبين أن استئناف ذلك الدومينو من دمشق ما زال يرتطم، ببعض العوائق التي منها اصرار الجانب الاسرائيلي على أن يكون الجنوب السوري الذي يعتبر أحدى البوابات الرئيسية للعاصمة السورية، منطقة منزوعة السلاح، وفي هذا الاطار تنفيذ السيناريو الاسرائيلي بإقامة “اقليم درزي” في محافظة السويداء، قد يمتد في وقت لاحق، الى منطقة راشيا، وبالتالي الى منطقة الشوف، في لبنان، على أن يكون للأكراد اقليمهم الخاص في الشرق السوري.

زيارة الوفد الأميركي للبنان بدأت بمأدبة عشاء ضم نحو 50 وزيراً ونائباً لبنانياً يشكلون ما يمكن أن يسمى “اللوبي الأميركي” في لبنان، وحتى “لوبي التطبيع”، لكن مشكلة هذا اللوبي أنه يتوخى، وبإيعاز اقليمي، تصعيداً دراماتيكياً في الضغط الأميركي على “حز.ب الله”، ولو اقتضى ذلك التدخل العسكري الخارجي، دون أي اعتبار للتداعيات الكارثية لذلك على الساحة اللبنانية، وهو ما يحاذره الأميركيون في ضوء نصيحة فرنسية في هذا الصدد.

اضرام النار حول الحز.ب، وبتلك الطريقة الفظة، ما دفع بالشيخ نعيم قاسم الذي عرف بواقعيته الى رفع صوته الى الحد الأقصى، بعدما كان قد أقر بصلاحية الدولة في اتخاذ قرار الحرب والسلم، وأعلن الالتزام بوثيقة الطائف، وايلاء الجيش مهمة الدفاع عن الحدود. باختصار الركون الى سقف الدولة.

بين تلك الغابة من السكاكين المسنونة، والتهديد بالقاذفات الاسرائيلية من جهة، وتحويل الضاحية الى غزة أخرى، وتفريغها من سكانها ما يقلب معادلات القوة على الساحة اللبنانية راساً على عقب، على أن تتكفل الجحافل السورية بالانقضاض على البقاع الشمالي والأوسط، قبل أن يفاجئهم ـ ويصدمهم ـ الرئيس أحمد الشرع بالكلام الذي يزيل “الجراح” مع “حز.ب الله”، ورفض الاستقواء بسوريا ضده، بعدما كان الحز.ب قد التزم بعدم التدخل، قطعاً، في الشؤون السورية.

تظاهرة ساحة رياض الصلح أرجئت، بل ألغيت، بعدما تلقت الجهات المعنية تأكيدات بأن مهمة توماس براك لن تكون، في حال من الأحوال، للضغط أو للتصعيد. الأطباق اللبنانية الشهية، والتي لا مثيل لها في اسرائيل، وحيث تنعدم أدبيات الضيافة، آتت مفاعيلها، حتى أن مورغان أورتاغوس التي غيرت تسريحة شعرها باصابع لبنانية بارعة أثارت اعجابها الشديد، غيّرت، الى حد ما، من لهجتها.

لم يكن متوقعاً من السناتور لندسي غراهام، وهو حاخام الكابيتول، غير الذي صرح به “حز.ب الله ليس وفياً للشعب اللبناني”، مؤكدأ أنه “من دون نزع سلاح “حز.ب الله” ستكون مناقشة الانسحاب مع اسرائيل بغير جدوى”، ليبقى كلام توماس براك هو الكلام الذي يعكس رأي الادارة الأميركية “انني أشعر بالأمل لأن الحكومة اللبنانية قامت بعمل مذهل، وقالت انها ستلتزم بالنقاط الـ 11 التي تم تحديدها، أولاها الطلب الى الجيش اللبناني أعداد خطة حول كيفية نزع سلاح “حز.ب الله”، ليتابع ـ وهنا النقطة الأساس ـ “نحن لا نتحدث عن نشوب حرب بل كيفية اقناع الحز.ب بالتخلي عن سلاحه”.

أضاف، وهو العائد من تل أبيب، “ان ما تقوله اسرائيل هو تاريخي أيضاً، من أنها لا تريد احتلال لبنان، وستلاقي التوقعات حول الانسحاب في خطتها، عندما ترى خطة الجيش اللبناني”.

لا شك أن الرئيس جوزف عون تمنى على الأميركيين التخلي عن ديبلوماسية التصعيد، والتهديد، في مسألة نزع سلاح “حز.ب الله”، لأن الاستمرار في ذلك يدفع بالبلاد الى ما لا تحمد عقباه، فهل كان الأميركيون وراء التغيير المثير في موقف دمشق من الحز.ب؟

لكن الثابت أن الموقف الصلب لقيادة الحز.ب كان له التأثير الأكبر في تغيير اللغة الأميركية، أخذا بالاعتبار، اتصالات الرئيس نبيه بري الحساسة في الآونة الأخيرة، لننتظر ما اذا كانت القوى السياسية، والطائفية، المحلية ستتوقف عن اطلاق الصيحات الدونكيشوتية التي تزيد من زيادة التشنج الداخلي، والتي يمكن أن تصل بالبلاد الى تخوم الحرب الأهلية. ولكن هل يمكن الرهان على صدقية الائتلاف الحاكم في اسرائيل، بعدما خرج الوزير آفي ديختر بتصريح ناري يعكس ما في رؤوس أركان ذلك الائتلاف؟

لغة أميركية جديدة، الآن، جهود لاستعادة الثقة، بين السلطة و”حز.ب الله”. هنا الدور الكبير لرئيس المجلس النيابي…

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى