من رئيس وطبيب ..الى قائد تاريخي
د.أحمد عياش
تناصره ام تعاديه، ليست تلك المسألة ولا السؤال. تؤيده ام ترفضه، لن نخوض معاً بالتفاصيل. ففي الوقائع حقائق وفي المواقف دليل، وبعيداً عن الهجوم او الدفاع عن نظام ودولة أومعارضة،بعيداً عن حزب حاكم ومخابرات أوحراك و تمرّد و ثورة شعبية، عن حلف ممانع مقاوم او عن حلف دولي داعم للمعارضة، الا يمكننا وسط الظلام المخيّم على الأمة ان نشعل شمعة لنقرأ في شخصية رئيس إتهموه بشبابه وصغر سنه قبل ان يجربوه ،واتهموه بتجربته البسيطة في ادارة الحكم واتهموه بما حمله عنوة من إرث لسلطة ظالمة وسط نظام عربي أقلّ ما يُقال فيه انه نظام أمني مخابراتي غير ديمقراطي.
كلّ ما كتبناه صحيح،و أية عبارة تُكتب مع او ضدّ النظام فمن الجائز ان تكون صحيحة، ولمَ العجب، فالدراما السورية خير دليل عن حال النظام المتهالك وعن حال الموظفين المرتشين وعن الشبيحة في الامن والمخابرات، إنما اكثر من ذلك، فقد ذهبت الدراما السورية بعيداً في التوصيف والتشخيص والاتهام لحالةالفساد المرضي والمفسدين الاشرار والمبذرين المجرمين .
ليس من السهل القفز عن حالة سوداوية عامة وعن وضع نزف دما لشعب ولبلاد في زمن تآمري بامتياز على الامة العربية وعلى جيوشها تحديداًتحديداً. القفز للحديث عن شخصية رئيس مستهدف منذ وصوله الى الحكم بالدم والنار والرصاص والعقاب والثأر .
لقد اثبت الرئيس أنّه قائد حقيقي ، صمد في زمن شاهدنا فيه كيف دسّوا السمّ للثائر التحرّري ياسر عرفات ليغتالوه، وفي زمن شاهدنا فيه كيف تآمر كل غزاة العالم ضدّ العراق واسقطوه وكيف اعدم الاميركيون رئيسه حتى الرمق الاخير ،في زمن وضّب فيه رئيس تونس حقائبه وغادر بلاده كاللص العاجز عن الدفاع عن نفسه، وفي زمن تنحى فيه رئيس مصر بالقوة عن السلطة ،وفي زمن عوقب فيه رئيس ليبيا على مواقفه بالاعدام عبر قصف طائرات فرنسية وتدخل اميركي واضحين ليعيدوا ليبيا الى عهد القبائل المتناحرة.
صمد الرئيس السوري مدافعاً عمّا يعتقده حقاً و عمّا يجد فيه موقفاً مشرّفاً وعمّا يؤمن به مصلحة عليا لبلاده، ليتحوّل من رئيس جمهورية و طبيب الى قائد سياسي وعسكري تاريخيّ قاد بلاده في حرب داخلية وخارجية تورطت فيها اغلب دول العالم . فقد أثبت الرئيس السوري صلابة شخصيته واثبت قوة ثقته بنفسه اولا وبجيشه وشعبه ثانيا، كما أثبت حنكته العالية في وعي استهداف بلاده بالاضافة لحسن ردات فعله ضد مناورات وحروب دموية نفسية، اقلها ما جاء في خطابات رؤساء توعدوه بنهاية مأساوية خلال ايام قليلة ليرحلوا هم وليبقى هو .
ليس بإستطاعة أي يكن الصمود والدفاع والهجوم امام جحافل مقاتلين قدّمت نفسها على شاكلة وحوش بشرية متوعدة الجميع بجحيم دنيوي .
لا يستطيع اي رئيس ومهما بلغت اساليب تربيته العسكرية السياسية مستويات أكاديمية ان يتحلى في التجربة الواقعية بهذا المستوى الرفيع من الجرأة والشجاعة والاقدام والمثابرة، وبهذا النفس الطويل في الصمود امام صعاب وويلات شيطانية ، وما كان لاي دولة ولو كانت روسيا او ايران او الصين او حزب الله ان ينجحوا بدعمهم لسوريا ولجيشها لولا قدرة شخصية الرئيس السوري على الثبات والصمود وتحمّل المسؤولية كقائد للفرسان مؤمن بانتصار بلاده وجيشها ، لا يهاب الخطر .
ما عاد السؤال ان يبقى الرئيس ام يسقط ام يرحل، بل السؤال الأصحّ ما سرّ شخصيته الفذة وما سرّ رباطة جأشه وما سرّ عناده المفيد والايجابي ،وما هذه الطاقة الوطنية الخلاقة التي يعيشها وتجعله مستمرّاً بين رؤساء يتساقطون الواحد تلو الآخر…
احتلّت شخصية الرئيس السوري المتماسكة عند المواجهات الطارئة و الضارية في ساحات الوغى ،والمتسامحة والوفية لأبعد الحدود مع الحلفاء في احلك سنوات بلاده. احتلت شخصيته مكانها بجدارة بين شخصيات القادة السوريين والعرب والمسلمين والعالميين، جنبا الى جنب قادة في التاريخ فضلوا الاستشهاد على ارضهم على الاستسلام والهرب وعقد الصفقات والتنازلات…
لنكن موضوعيين في نقاشنا ولنعطي اي شخصية قيادية حقها بعيدا عن الأهواء والانتماء والميول العاطفية والسياسية والنقد السخيف، فلا شأن لنا في السياسة و هذه المقالة ما هي الا قراءة موضوعية لشخصية الرئيس السوري ، شخصية قائد جديد في التاريخ والحاضر.