من باربرا ليف وديفيد هيل إلى قنبلة البيطار:أي سيناريو وأي انفجار؟ (أكرم بزي)
كتب أكرم بزي- الحوار نيوز
أن يتزامن توقيت توقيف الناشط وليام نون بطريقة ملتبسة بعض الشيء، وما جرى حوله من “حملات تضامن” من قبل بعض “النواب التغييريين” و”القواتيين” و”الكتائبيين” وبعض الأهالي على خلفية قضية “انفجار مرفأ بيروت”، وحضور وفد من القضاة الأوروبيين للتحقيق في العمليّات الماليّة ومكافحة تبييض الأموال من ثلاث دول، هي فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ، وما جرى من بعض التعديات والإساءات المقصودة من بعض المحطات الإعلامية والمعروفة “بولاءاتها الخارجية” لمقدسات طائفة بأكملها، وما أعلنه المحقق طارق البيطار من إدعاءات طالت كبار القضاة وكبار ضباط الاجهزة الامنية اللبنانية، وبالتحديد مدير عام الأمن العام اللبناني المعروف بنزاهته وحياديته وعلاقته الطيبة مع كل مكونات المجتمع اللبناني والمسيحي منها قبل المسلم، ودوره في القيام بحل العديد من المشاكل المستعصية التي عجزت عنها دول كبيرة، وقيام الوسائل الإعلامية عينها المشار إليها أعلاه بالترويج للقاضي بيطار واللعب على عواطف أهالي ضحايا “انفجار المرفأ”، وأهالي الموقوفين أيضاً، والتهليل للتصريحات الأميركية بخصوص قضية “المرفأ”، واطلاق العنان لارتفاع سعر الدولار الذي بلغ حتى هذه اللحظة 55 ألف ليرة وأكثر، وقيام بعض “نواب الصدفة” بالمبيت في المجلس النيابي بذريعة تطبيق الدستور لانتخاب رئيس للجمهورية، والاعتصامات الداعمة لهم، ومخاطبة الجمهور اللبناني وتحديداً “جمهور الثورة” للتحرك والقيام بقطع الطرقات واشعال الحرائق، إلخ…
كل هذه الأحداث والتحركات، جرت في أقل من شهر واحد، وبالتحديد من اول رأس السنة الميلادية لغاية اليوم 24/1/2023، يدفع للتساؤل هل أتى كل هذا بالصدفة أم أن هناك شيئاً ما يدور في الكواليس لا يعلمه إلا الله؟
القاضي طارق البيطار عين المواعيد للتحقيق مع المدعى عليهم في قضية “انفجار المرفأ على الشكل التالي: الوزيران غازي زعيتر ونهاد المشنوق (6 شباط المقبل)، رئيس الحكومة السابق حسان دياب (8 شباط المقبل)، المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا (10 شباط المقبل)، أسعد الطفيلي رئيس المجلس الاعلى للجمارك السابق وعضو مجلس الاعلى للجمارك غراسيا القزي (13 شباط المقبل)، العميدان المتقاعدان في الجيش جودت عويدات وغرز الدين ومدير المخابرات السابق العميد كميل ضاهر (15 شباط)، قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي (17 شباط)، النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات والمحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري (20 شباط)، القاضيان جاد معلوف وكارلا شواح (22 شباط).
نحن نريد تحقيق العدالة قبل كل شيء إن كان على يد القاضي طارق البيطار أم غيره من القضاة “العادلين”، ولكن لماذا استفاق البيطار الآن بالتحديد؟ وهنا لا أتشكك، فالمهم إنصاف الأبرياء والضحايا.
وهنا أسئلة لا بد منها:
– لماذا الادعاء على وزراء اشغال ونقل وداخلية، واستثناء آخرين كانوا في مرحلة ما قبل وبعد الانفجار.
– لماذا الادعاء على قادة امنيين وعسكريين واستثناء اخرين؟
– لماذا الادعاء على موظفين و شخصيات، واستثناء اخرين لديهم ذات المسؤولية والمهام الموكلة إليهم؟
– على أي أساس استند لإخلاء سبيل بعض الموقوفين والإبقاء على البعض الآخر؟
– ولماذا السكوت لمدة عام ونيف تقريباً ومن ثم العودة السريعة إلى مكتبه والقيام بالإجراءات السريعة على الشكل الذي جرت به من دون إعلام النيابة العامة التمييزية أو مدعي عام التمييز او مجلس القضاء الأعلى أو وزير العدل، والذين عرفوا ما يجري من وسائل الإعلام فقط؟!
ألا يدعو هذا الى التساؤل المشروع؟
بتاريخ 7/11/2022، قالت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف “إن لبنان مفتوح على كل السيناريوهات، بما فيها تفكك كامل للدولة، وإن اللبنانيين سيضطرون على الأرجح إلى تحمل المزيد من الألم قبل تشكيل حكومة جديدة، ونحن أيضاً نضغط بشكل مباشر على القادة السياسيين هناك لإنجاز عملهم، لكن لا يوجد مثيل مثل الضغط الشعبي، وعاجلاً أم آجلاً سينفجر الوضع من جديد، وهذا النوع من الضغط هو الأسوأ، الذي قد يواجهه القادة السياسيون”.
أشرت في مقالات سابقة إلى حجم التدخل الأميركي بشكل مباشر وغير مباشر في تفاصيل الوضع اللبناني، إن كان عبر حجم الإنفاق المادي، أو العسكري، أو الإعلامي أو على مستوى منع اللبنانيين من الكهرباء أو حتى المواد الغذائية والدواء والمواد النفطية والغاز وغيرها من وسائل العيش، وهذا ليس غريباً على طريقة تعاطي الإدارة الأميركية بالشأن الداخلي اللبناني. فمنذ العام 1958 ولغاية هذه اللحظة لم تترك الإدارة الأميركية شاردة أو واردة إلا استغلتها، لإحكام السيطرة على لبنان ومنع انزلاقه باتجاهات أخرى.
وما يجري الآن هو ما صرحت به بشكل واضح وجليّ باربرا ليف منذ شهرين فقط، وقد نكون دخلنا في المطب المعد سلفاً لانزلاق الوضع نحو تدهور الاوضاع الأمنية والإنفلات والفوضى، وقد نشهد المزيد من النهب والسرقات وأحداث أمنية متفرقة، كالذي حصل أول من أمس لمحطة الـLBCI وقبلها ،ويبدو أنه كان متعمداً ومدروساً على الشكل الذي تم به، وبالتالي توجيه أصابع الإتهام الى فئة معينة من المكونات الأساسية للمجتمع اللبناني والتي تقف ضد طموحات الإدارة الأميركية والكيان الصهيوني.
أما الباحث في مركز ويلسون، السفير السابق في لبنان ديفيد هيل قال في احدى المحاضرات (بتاريخ 12/12/2022)، على اللبنانيين “أن يعملوا لإيجاد الرئيس المناسب. أنا مؤمن بأن التوتر سيخف، ولا سيما بعد إيجاد النفط في المياه اللبنانية، ونحن ندعم مؤسسات الدولة لا سيما الأمنية منها”. وأشار إلى أن “الأوضاع صعبة المسار”، مشدداً على “ضرورة دعم قطاع التربية والتعليم، الذي يرزح تحت وطأة النازحين”. وأضاف: “علينا العودة إلى بيان الدول الصديقة في نيويورك، والذي يدعو إلى انتخاب رئيس للجمهورية، واعتماد المعايير المناسبة التي يطلبها صندوق النقد الدولي وغيره من المؤسسات كالبنك الدولي، ومن دون إصلاحات الصندوق المطلوبة سيكون الانهيار”.
باربرا ليف وديفيد هيل، والتصريحات الأميركية التي صدرت عن الخارجية الأميركية، وكل الذي جرى منذ ما قبل شهرين، إن كان على المستوى الإعلامي أو على المستوى القضائي أو الارتفاع الجنوني لسعر الدولار وعدم حل مشكلة الكهرباء، أو ما قامت به بعض المحطات التلفزيونية من الإعتداء المبرمج على “طائفة وطنية” ضحت ما ضحت من دمائها وشبابها وممتلكاتها ضد الكيان الصهيوني ومخططات الإدارة الأميركية، يدفعنا إلى القول إن الذي يجري ليس بريئاً أبداً وإن ما قام به المحقق بيطار، قد يجر إلى صراعات لا تحمد عقباها. في القضاء انقسام واضح واختلاط الحابل بالنابل، والمدعي أدعي عليه. وفي السياسة: الساسة منقسمون اصلا وزاد الشرخ اكثر والاميركيون يتوغلون ويتغولون اكثر فأكثر … وهدفهم فرض رئيس يعمل لمصلحتهم .والتصعيد في كل هذه الملفات دفعة واحدة وفي اقل من شهر واحد هو لوضع البلد على حافة الهاوية الدموية وإلا… حذار اللعب بالنار، فلهيبها سيحرق الأخضر واليابس.