من الاستبداد المدني إلى الاستبداد الديني: ثورة إلى الوراء!(حسن علوش)
حسن علوش – الحوارنيوز
عندما قررت الدول الكبرى وضع حد للنظام السوري والانقلاب عليه، وتم التفاوض على آلية لانتقال السلطة، انهار النظام وفتحت الطريق أمام الفصائل المسلحة المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية ودول أخرى.
ملاحظات على ضفاف السبع بحرات:
– إن استبدال الديكتاتوريات المدنية بأخرى دينية لا يعني ثورة.. فالثورة التي لا تمنحك “حرية ” ولا تقدم لك “عدالة اجتماعية مفقودة”، ليست ثورة. وواهم من يعتقد أن الديكتاتوريات الدينية ستمنحك حرية وترسي عدالة اجتماعية.
– هذه تجربة ليبيا. فقد سقط معمر القذافي ومعه سقطت ليبيا، تقسيما واقتتالا أهليا ما زال حتى اليوم.
– وهذا هو العراق، سقط صدام حسين ومعه تقسم العراق ورائحة الاقتتالات تفوح في ارجاء البلاد!
– من يحتفل اليوم بسقوط النظام السوري عليه أن يقرأ في هاتين التجربتين ويقرر بعدها موقفه. إن البديل المطروح ليس بديلا ديمقراطيا بالتأكيد، ووفقاً للسياق التاريخي فإن سورية الموحدة ستذهب مع سقوط الأسد، وما يجري اليوم من حركات سلمية تبدو أنها شكلية ولزوم التجميل الهوليودي لمشيخات الحكم القادم.
– إن بعض من يحتفل في سورية يدوس بقدميه إرث الفكر القومي النهضوي لسلطان باشا الأطرش، والمفارقة أن يدسونه تحت صورة “الباشا”! إن القائد التاريخي للثورة العربية الكبرى، رفض مطلقا اغراءات الدولة الدرزية، وها هم اليوم يحتفلون بإعلانها ولو قبل ألوانها!
– إن من يحتفل في سورية غيره في لبنان، ففي سورية الغالبية مع القوي.. وبعض الشخصيات الديمقراطية واليسارية والليبرالية ما هي إلا لوحات “متبرجة” للقوى المسلحة، غير الديمقراطية الناشئة بدعم من دول المحور الأميركي. أما في لبنان فالوضع مختلف.
– في لبنان: ثمة قوى أحبت سورية لأنها دخلت لبنان لحمايتها من حرب تصفية قادها زعيم الحركة الوطنية كمال جنبلاط مدعوما من ياسر عرفات. وكرهوا سورية عندما انهت حرب التقسيم ودعم القوى الوطنية في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي وحلفائه!
– في لبنان ثمة من كره سورية لأنها كانت على تنافس بيّن مع ياسر عرفات، والكاره لطالما كان ملتحقا التحاقا أعمى بمنظمة التحرير الفلسطينية.
– في لبنان ثمة من يكره سورية لأسباب مذهبية. فالحكم المدني الممسوك من عائلة علوية، يجب أن يسقط لمصلحة الغالبية السنيّة…وهذا ما يجب التوقف عنده وتلمّس ملامح الحكم المقبل في سورية.
– لا شك أن الحكم المقبل سيكون شراكة شركة خليجية- تركية بإدارة أميركية.. وسيكتشف بعض اليسار الغوغائي بأن التبشير بديمقراطية حديثة في سورية، انما كان مقلبا ومزحة ثقيلة، على طريقة ديمقراطية الرئيس الإخواني السابق محمد مرسي.
– الرابح الأكيد جراء الانقلاب الدولي في سورية هو اسرائيل. أما الخاسرون فهم سورية وشعبها، والعرب كمشروع وحدوي – نهضوي، وبتقدير مع انهيار النظام السوري، بتنا أمام نكسة العرب بعد نكسة فلسطين.
– الآن خرج العرب من التاريخ، خرجوا من قطار المستقبل، هم ركبوا قطار العودة الى الوراء نحو ١٤٠٠ سنة.
– لنقل أن ما حصل في سورية هو شأن سوري ومن حق الشعب السوري أن يقرر مصيره، اذا سمح له.
ونعود إلى لبنان:
– في لبنان شعور بأن قرار تصفية النظام السوري قد اتخذ وأعلن عنه نتنياهو من على منبر الأمم المتحدة بأنه يقود حرب “شرق أوسط جديد”، وأن اغتيال رمز المقاومة السيد حسن نصرالله جاء في هذا السياق.
– عندما فشل نتنياهو بالتقدم البري وتقويض حركة حزب الله الكاملة، أعطي الأمر للفصائل المسلحة في سورية بالتحرك، لإطباق الحصار البري بعد الجوي والبحري.
– المخاوف كبيرة من أن يتحول الانقلاب الدولي في سورية إلى سبب لاشتعال رؤوس البعض، والسعي لتقويض الأحزاب السياسية التي تمثل الأغلبية في الحالة الشيعية.. إن هذا العقل سيفتح الأبواب واسعة أمام خراب لبنان.. وسيضحك لهذا المشهد العدو الاسرائيلي ورعاته كثيرا.