من اجل عقد سوري جامع
د.سامر الجمالي /سورية
طلال الامام /ستوكهولم
الحوارنيوز – خاص
يتشبث بعض المصريين بتاريخهم السحيق وبصفتهم أحفاد حقبة الفراعنة، كما ويفتخرون بالإنجازات والحضارة التي كانت في زمن غابر، طبعا مع عدم التعارض مع قوميتهم الحالية وانتمائهم العروبي.
من هنا نقول إن البحث في التاريخ السوري الحقيقي والفخر بالإرث الإنساني الذي تركه لنا أجدادنا خلال عصور مضت، لا يعني أبداً تغيير الواقع المشترك مع شعوب المنطقة وتأثير الحضارة الإسلامية على تاريخ بلاد الشام، أو إنكار الحضارات والشعوب التي تواجدت منذ الاف السنين في سورية.
نعتقد أن الإنسان السوري هو نتاج مجمل الحضارات التي مرت على أرضه بهذا الشكل او ذاك.
لماذا نقول ذلك الآن؟
لا نغالي إن قلنا أننا نمر بأزمة حقيقية، أزمة الانتماء والمواطنة.
تبرز هذه الازمة وبسبب ضعف مفهوم المواطنة لدى البعض ومن ثم اللجوء إلى مكونات ماقبل المدنية: "القبيلة، العشيرة، الطائفة، المكوّن الديني او الاثني …".
لا يستطيع الفرد أن ينتمي لمحيطه مالم يعرف أسس ذلك الانتماء. نعم ازمتنا الحقيقية الان ليست أزمة الهوية أو الإنتماء وإنما هي أزمة المواطنة. عندما يشعر المواطن في أي بلد أن حقوقه الأساسية مصانة بالقانون وأن الحقوق والواجبات تسري على الجميع بمساواة تصبح مسألة أصله وفصله ثانوية. لكن هذا لا يمنع أبداً أن نقوم ببحث ماضينا، تراثنا وتاريخنا وأصلنا من قبل هيئات وشخصيات حيادية نزيهة وأكاديمية مختصة، مع الإبتعاد عمن هو الاصل ومن هو الفرع أو من هو الضيف ومن هو صاحب "الدار " في الوطن السوري.
ليعتز كل مواطن بتراثه وتاريخه الذي يريد، شرط ألا يؤثر على الإنتماء الجمعي لسورية.
من نحن؟
خلال أزمتنا الحالية والتي هي محصل لتراكم إنهزامات فكرية وإثنية متوالية ومتعددة الاشكال، غدت فكرة تحديد الانتماء المشترك ضرورة فكرية ومجتمعية لإعادة الهوية السورية لمكانها الحقيقي.
إن الغوص في عمق التاريخ السوري هو من شأن الباحثين الحقيقيين لإظهار الفسيفساء السوري وتأثره بالمحيط. فمثلاً دراسات المفكر "فراس السواح" جديرة بأن تدرس في الجامعات والمدارس.
الفوضى التي نمر بها هي نتاج طبيعي لسنوات وعقود من الكبت الفكري الذي مورس على المجتمع، زيادةً على ذلك إضمحلال الطبقة الوسطى التي تعتبر عماد المجتمع ، وتحول مضمون المواطنة إلى مواطن يركض لتحصيل الحد الأدنى من لقمة العيش ، ووصلت قناعته الى أن الوطن هو رغيف خبز. لم تعد الكلمة ولا الصورة تعبر عن حقيقة الألم السوري، ولم يعد هم الفرد سوى أن يعبر يومه لغده.
الإعمار وإعادة البناء هو إستحقاق إقتصادي وإجتماعي وسياسي وبنيوي ،لكن لا بد كذلك من وضع أسس لما يجمعنا وما ننتمي له من أجل إحداث نهضة شاملة في جميع المجالات.
الحديث يدور حول مشروع عقد سوري، عقد يحترم الفرد كمواطن كامل الحقوق بغض النظر عن انتمائه الديني ، الطائفي أو الاثني. عقد يكون الجميع فيه أصحاب الارض والوطن.