من أجل صلاح الأمور في لبنان
حيّان سليم حيدر
أرى أنّ العمل على صلاح الأمور في لبنان يبدأ باعتماد مبادىء أربعة، وبالإلتزام بأهمّيتها في التسلسل الآتي:
أولًا: تسليم الحكم إلى الحكيم ومعه المستشار الذكي،
ثاتيًا: إنّ فاقد الشيء لا يعطيه،
ثالثًا: إنّ الذي يُجرّب المُجَرَّب يكون عقله مُخَرَّبًا،
رابعًا: "سيُدهِشك ما يمكنك أن تُنجِزَه إذا لم تكن تهتمّ لمن أنجزهُ"
وعلى وضوح المَقْصَد والمقصود ممّا سبق، نتوسّع بالشرح قليلًا للتأكيد على ما سبق بالقول.
إنّ المبدأ الأول يندرج من قول "أنّ الذكي يعرف كيف يخرج من مأزق لم يكن للحكيم ليدخل فيه أساسًا". ومن واقع أنّ لبنان، دولةً ومؤسّساتٍ وشعبًا، في مآزِق متتالية ومتراكمة لا نهاية لها، فعلينا أن نوليَ أمر الحكم إلى حكماء، الذين لن يتورّطوا في المزيد من المشاكل، ونضع في خدمتهم مستشارين أذكياء، الذين سيجدون حلولًا للمشاكل المُعاشة.
المبدأ الثاني يمنع الإعتماد بعد اليوم على فاقد الشيء، وتحت أيّ ذريعة.
المبدأ الثالث يحظّر تكليف المُجَرَّب الذي خَرَّب، والسبب لا أظنّه يحتاج إلى تفسير.
أمّا المبدأ الرابع فيحاول تجنُّب نزعة البشر عمومًا ونزعة اللبناني بشكل خاص إلى التبجّح بأنّه "هو الذي…" إلخ… إقترح أو قال أو عمل أو… فغالبًا ما يبقى العمل الجيد من دون تنفيذ لتضارب توجّهات الفرقاء المتعارضة المصالح السياسية والنَفْعية الخاصة، فيتم تعطيل كلّ عمل كي لا يُنْسَب الفضل إلى آخر من كان وراء إنجازه. من هنا جاء أن أفضل وسيلة لإنجاز المهمّات هي كتْم هوية الفاعل، وقد وصف الشاعر سليم حيدر آفة "نكد" سياسيّي لبنان هذه بقوله:
إنني مثلت دوري نائبًا في "برلمان" كل إصلاح يراه خطواتٍ مستحيلة !
ذاك أنَّا، منذ أن كنا، أنانيو بُلْهُ كلُّ فردٍ همُّهُ أن يصدر الإصلاح عنهُ
وكما يرسمه: كسبًا وجاهًا ونفوذًا… وطنٌ؟.. لفظٌ بلا معنىً إذا لمْ نَجْنِ منهُ !
والجنى في المال، في الأعمال، في كل الوظائِفْ إنه حق صراح من صميم الوضع ناطفْولذا الدستور والميثاق والعُرف المزكِّي تتوخّى كلُّها تكريس أوضاع الطوائف !
(*)
قيل هذا الكلام منذ نصف قرن… كُتِبَت هذه الأبيات بعد ربع قرن من إستقلال لبنان بمؤسّساته الدستورية.
بحث في فسحة من الأمل
(*) سليم حيدر – ديوان "إشراق" – الصفحة 102 – شركة المطبوعات للتوزيع والنشر ش.م.ل. – 2016.