منهجية إسرائيلية جديدة :حرب لبنان الثالثة.. “حرب اغتيالات “!(نسيب حطيط)
د.نسيب حطيط – الحوار نيوز
تميّزت الحرب اللبنانية_الاسرائيلية منذ تشرين الاول 2023، والتي انطلقت بعنوان اسناد المقاومة لغزة ومشاغلة جيش العدو، لتخفيف الضغط عن غزة والضفة الغربية ضمن استراتيجية وحدة الساحات والهدف والمصير، لكنها في الاشهر الأخيرة تغيّرت من حيث الاهداف على مستوى الطرفين المتحاربين (المقاومة والعدو الإسرائيلي).
فبالاضافة للشراكة في حرب غزة، فان المقاومة اضافت الى احد اهدافها هدف تحذير العدو واستعراض القوة والقدرات والامكانات التي تمتلكها ، لردع العدو عن اي خطأ قد يرتكبه لاجتياح لبنان مرة رابعة، حيث تعتقد المقاومة ان استعراض القوه والقدرة على التحكم والسيطرة وبلوغ الاهداف في العمق الإسرائيلي، يمكن ان يؤخر قرار الحرب الإسرائيلية على لبنان وربما يمنع وقوعها، اما من الجهة الإسرائيلية، فان العدو يتصرف على اساس ان الحرب على لبنان لابد ان تقع بعد الانتهاء من غزة وتمشيط الضفة استباقا لمنع تحوّلها الى “غزة ثانية”، فيعمد الاسرائيلي لتفريغ المقاومة من طاقاتها القتالية الاحترافية ،فيلجا لاغتيال القادة المدنيين الاساسيين في تنفيذ القرار السياسي وترجمته في الاعمال القتالية ضد العدو الإسرائيلي!
إضافة لقواعد الاشتباك الاستثنائية وتدرّج مراحل القتال الذي يتبّع قواعد لعبة “البينغ بونغ” العسكرية ،ضربة بضربة ويحافظ حتى اللحظة على نسبه كبيرة من تفاهم نيسان على مستوى المدنيين، لكنه اطاح بتفاهم نيسان من حيث قصف الاماكن المدنية وتدمير البيوت بحجة انها مراكز عسكرية!
لكن اللافت هو الخطة الإسرائيلية المنهجية ،باغتيال القادة الميدانيين للمقاومة حتى يمكن تسمية هذه الحرب” بحرب الاغتيالات” وليس حرب الاجتياح البري، وفق استراتيجية تدمير الجسور القيادية التي تربط بين القيادة المركزية وعناصر التنفيذ، بما يشبه تدمير الجسور، لقطع طرق التواصل. وقد استطاع العدو الاسرائيلي ،للأسف بناء لتكامل المعلومات التي يحصلها عبر الرقابة الجوية المستمرة منذ عام 2006 والاقمار الصناعية ومنظومة العملاء البشريين، مستفيدا من الفلتان والابواب المخلّعة للمؤسسات الرسمية اللبنانية ،خاصة داتا الاتصالات ومعلومات لكل المستندات التي تخص اللبنانيين من تسجيل السيارات الى بطاقات الهوية الى معلومات اجهزه الهاتف الى البطاقات الصحية والسجلات الجامعية وغيرها،لكل شيء دخل عالم المكننة والمعلوماتية، حيث ان اللبنانيين ومنهم المقاومون وعائلاتهم باتوا مكشوفي الهوية والمعلومات ،ما يتيح للعدو الاسرائيلي الاستفادة القصوى لاغتيالهم..
لقد نجح العدو الاسرائيلي في تجفيف البحر البشري للمقاومة عبر تهجير اهالي القرى الحدودية ،ما جعل القرى والطرقات خالية الا من حركة المقاومين وبعض الناس، واعتمد العدو الاسرائيلي استراتيجية ،ان كل من يتحرك في هذه المنطقة هو هدف عسكري وكل ضوء في اي بيت هو ضوء في مركز عسكري، مهما كان الموجود فيه مدنيا او مقاوما!
من الامور الاستثنائية في هذه الحرب ايضا ان ينتقل العدو الاسرائيلي الى مستوى اغتيال الافراد وتدرج من تدمير المواقع العسكرية الى تدمير البيوت، ثم تفجير السيارات من الجو ثم الإغارة على الدراجات النارية وصولا الى اغتيال المقاومين المشاة، وهذه امور لم تحصل في حروب سابقة، حيث كان الاجتياح البري او القصف يطال المراكز العسكرية وليس الافراد الذين يتحركون، بالإضافة إلى انه في الاجتياحات والحروب تتحدد جغرافيا المعركة على جبهات القتال، لكن في” حرب الاغتيالات الثالثة” صارت الجغرافيا اللبنانية ، معرضة للعدوان وضم الجغرافيا السورية الى الجغرافيا اللبنانية تحت عنوان وحدة العدو!
لابد للمقاومة ومن ضمن الرد بالمثل، لحماية قادتها ومقاوميها وكما فعلت بالرد بالمثل على القواعد والمراكز العسكرية، ان تبادر للرد على الجيش الاسرائيلي بقادته وضباطه وافراده ضمن نفس السياق الذي يقوم به العدو باغتياله قادتها ..
القوة لا تردعها الا القوة …ولا يمكن الاستمرار في عملية النزف القيادي ،خاصة وان الحرب في غزه لا تبدو انها ستنتهي قريبا.. وفق القرار الأميركي_الاسرائيلي.