منع التجول لا يعنيني…
لم يغيّر الحظر الارادي شيئا في حياتي اليومية..
كنت وما زلت اعيش لوحدي ، اتمتع بصداقتي مع حالي والتذ بالصراع الديمقراطي في اعماقي.
لم يتغير شيء مع عدم الخروج الليليّ ..
كنت وما زلت ازور نفسي المتوحدة العارية خلف بار مطبخي، تناولني خمري المعتّق من جهدي وترقص لي على انغام اوتار سويدائي ، تحضر لي القمر والبادية وقوافل اجدادي في فنجان قهوتي وتجعلني اسافر، اهاجر على خطوط كفّي الأيمن وتعيدني جرّا بربطي بحبال خطوط كفّي الأيسر ، تهاجر بي في داخل دوائر عروقي ، تبحر بي في اعماق دمي، تاخذني خلف نافذة عيوني لأرتاح عند اغلاق رموشي….
لم يغيّر العزل الوقائي شيئا في حياتي ..
كنت وما زلت اخشى عدوى ثرثرة رفاقي الحالمين بوطن خال من وباء السياسة ،و من جائحة رأسماليين يجترون الأخضر واليابس في مصارف تطحن عظام المحتاجين لتوزع الخبز كقروض طويلة الامد.
رغم سكني في مدينة تعج بمئات الاف الناس كنت اغازل وحدتي الجالسة على مقعد خشبي منذ عشرين عاما في حديقة الصنائع تنتظر عودتي لتحتفل بي ، لتحتفل بالتقائي مع روحي الراقصة حول جسدي الملتهب اشتياقا كما يرقص هندي احمر في عتمة الليل حول النار….
لست بحاجة لإقرأ كتاب تفسير الاحلام لابن سيرين، وما عدت بحاجة لتأويل الاحلام في مدرسة التحليل النفسي. صار كابوسي حياتي وصار واقعي بحاجة لبرّاجة ولضارب رمل ولبصّارة ولمنجّم ولشيخ طاهر يحمل مسبحة على صلة بعالم الغيب ، وعلى معرفة بحركة الأقدار ،استخيرهم واستعين بهم عند مفرق كل طريق، وعند دخول اي بيت ،وعند القاء التحية على كل جان وانسيّ وعفريت التقيه عند جلوسي وعند ترحالي………….
لم يتغير شيء في مسار ايامي مع دعوة الناس لي للبقاء في البيت. فأنا لم أغادر منزلي منذ ولدت ومنذ عشت ومنذ دفنت جثتي مع جثتي اهلي في ذاكرتي ومنذ ارتكابي لجريمة في حق ذاتي، غدرتها بكمين نصبته لها ، احرقتها بنيراني كهندوسي متطرف، نثرت رمادها في كياني ، تبارزنا مرارا، تدعوني للتصالح مع هواماتي وادعوها للتصالح مع افكاري……..
لا تسوية بين نفسي وجسدي وروحي وافكاري.
لا، لا، منع التجول لا يعنيني، فأنا اسيّر عقلي، لم ابارح جسدي منذ نعومة أظفاري، يتفقدني الإله عند جوعي ، يغفر لي هفواتي، يبتسم لي بهدوء ويرحل كي لا يفسد عليّ نعمة الصلاة…