منظومة الحكم الفاسد تحاول إعادة السيطرة على مفاصل الدولة بتغطية أميركية
علاء المولى- الحوارنيوز
"ليس وقتا للعب" .
الوضع في لبنان دقيق وفي نفس الوقت صار اللعب فيه عالمكشوف.
منظومة النهب والتبعية والفساد تحاول السيطرة، مجددا، على حاضر البلاد ومستقبلها بعد أن اضطرت للتراجع المحدود مع تشكيل حكومة الرئيس حسان دياب.
ولهذا الغرض يجري استغلال الوضع المعيشي المأزوم ، الناجم أساسا عن سياسات هذه المنظومة منذ ٣ عقود ، والمتفاقم بسبب انقطاع الأعمال في ظل الحجر الناجم عن جائحة الكورونا.
كما يجري التلاعب بسعر صرف الدولار بغية تعميق وتوسيع قاعدة النقمة الشعبية، مع السعي لتوجيه الاحتجاج الميداني ضد الحكومة. ويذكر ذلك بما حصل إبان حكومة الراحل عمر كرامي من تلاعب بالدولار أدى إلى إسقاطه والاتيان برفيق الحريري كي يغرق البلاد بالديون ويكرس روابط التبعية للغرب.
وكتعبير عن الفجور ، والاستعداد للمقامرة بمصير البلاد والعباد، انبرت قوى المنظومة للتصدي لارادة الرئيس دياب حماية مدخرات ٩٨٪ من اللبنانيين ومنع استخدامها لتعويض الخسائر المالية الفادحة التي تجرأ على كشفها واعلانها، لأول مرة في تاريخ لبنان، وذلك في خطاب رسمي متلفز.وهي، في ذلك، لا تدافع عن منهوباتها فقط بل ترفع بطاقة حمراء ردا على تأكيد دياب عزمه على استرجاع الأموال المنهوبة.
هذه المعركة التي تستعد لها المنظومة، حظيت بتغطية اميركية سافرة هي امتداد لموقف اميركي هدد بتشديد الحصار والعقوبات في ما لو جرى المس بأتباع واشنطن في المواقع المالية خصوصا.
ومؤخرا ، بدأت عملية تحضير الشارع الذي انجر إليها بعض السذج بالترافق مع "استدعاء" سعد الحريري من حجره الباريسي، وما هي الا ايام قليلة تفصلنا عن الخطوات النوعية التالية.
لا شك أن هذا المسار نهايته وخيمة وسياقاته خطيرة ووسائله سوف تكون، بالضرورة، قاسية. فنحن على اعتاب لعبة متصلة بتطورات الإقليم ولا يمكن لأحد أن يتهاون فيها.
هل من امكانية لتجنب هذا المسار؟
نعم، دون شك.
مفتاح ذلك هو في كيفية خوض المعركة، الضرورية،للدفاع عن غالبية اللبنانيين ضحايا الوضع المعيشي المزري والذي فاقمته جرائم القطاع المصرفي برمته.
إن مسؤولية الوضع الراهن تقع على عاتق كامل المنظومة، بقواها السياسية وأذرعتها المالية والمصرفيَّة. ومن الخطل تحميل ذلك للحكومة الحالية. والتحركات والشعارات التي تصوب على الحكومة – في ما لا تسأل عنه- هي، بالضرورة، جزء من أدوات عمل المنظومة نفسها
، أيا كان القائمون عليها أو المشاركون فيها. ولا ينفع في ذلك تاريخ أو مواقف، لأن العبرة هي في الأفعال.
فالتحركات الصادقة والصحيحة هي التي تصوب على المسؤول الفعلي، كل في نطاقه. أما التعميم فهو للتعمية على المسؤول الحقيقي.
ارتفاع الأسعار؟
عليكم بالتجار والاحتكارات الكبرى.
سعر صرف الدولار؟
عليكم بالمصارف وفي طليعتها المصرف المركزي.
الفاسدون؟
عليكم بالقضاء، والقضاة اسما اسما وبيتا بيتا.
الدعم الإجتماعي ؟
عليكم بالضغط على الحكومة لتسريع صرف المساعدات ورفع قيمتها وتوسيع قاعدتها للمحتاجين فعلا.
الأموال المنهوبة ؟
اضغطوا مع الحكومة كي تسترجعها من الَمنظومة التي تشكل القسم الأكبر من ودائع ال٢٪ التي أشار اليها رئيس الحكومة.
الأموال المحتجزة؟
مجددا ،هذه مسؤولية القطاع المصرفي والقضاء.
أما استسهال اتهام الحكومة ودعوتها للاستقالة فهي، من دون مواربة، دعوة للاتيان بحكومة للمنظومة وحلفائها من رجال الأعمال الذين يمولون الثورة ويحظون بدعم اميركي وفرنسي وكل قيمتهم زعم باطل أنهم غير فاسدين… بعد.
ليس الوقت للعب ولا للمراهقة السياسية، بل هي لحظة مسؤولية وطنية بالدرجة الأولى والتموضع الخاطىء فيها لا يمكن أن يكون مجرد هفوة وهو غير قابل للغفران.