مقربون من السفارة الأميركية يعلنون صدور القرار الإتهامي في قضايا، حاوي، المر وحمادة!
حكمت عبيد
لم يعد اللبنانيون يتفاجأون بمعلومات ذات طابع سري تخص عمل المحكمة الخاصة بلبنان، يسربها إعلام قريب من بعض السفارات الأجنبية، أو شخصيات تربطها بهذه السفارات، لاسيما السفارة الأميركية في بيروت وأجهزتها، علاقات متينة وتعاون سياسي وثيق.
ومن هؤلاء السياسيين النائب السابق فارس سعيد الذي كتب أمس يقول ان المحكمة "توصلت" الى أن "عناصر من حزب الله" قاموا بإغتيال الرئيس رفيق الحريري، "واليوم" (أمس) "ربطت المحكمة الدولية الجريمة بإغتيالات أخرى( مروان حمادة، الياس المر، جورج حاوي) …"
وعدم المفاجأة، لأن الجميع (ممن هم مع المحكمة بالمطلق أو ممن يشككون بمصداقيتها) يدركون بأنها وليدة وصناعة القرار السياسي الأممي – الأميركي والهدف محاصرة حزب الله، لما يمثله من إرادة فاعلة لمواجهة المشروع الأميركي – الإسرائيلي في المنطقة، وأن حكم غرفة الدرجة الأولى لدى المحكمة في قضية الرئيس الحريري لن يخرج عن هذا السيناريو، وكذلك القضايا المتلازمة التي هي ستستهدف عناصر من حزب الله، فالتلازم يعني بالضرورة "وجود تقاطعات مع الجريمة الرئيسية، كأرقام هاتف، أو اتصالات من أرقام ذات صلة بالمتهمين في القضية الرئيسية…".
في معرض التقديرات، يقول متابعون بأن اللبنانيين لن يفاجأوا بأن القرا ر الإتهامي في القضايا المتلازمة قد يتضمن في سياق الرواية السياسية للجريمة أن يذكر أسماء قياديين معروفين من حزب الله وربما كان أحدهم (أمني) من المتهمين، لوجود اتصال من ساحة احدى الجرائم به.
وقد يفوت الإدعاء والقاضي فرانسين والقضاة على جنسياتهم المختلفة، بأن أمن حزب الله المتيقظ دائما لأجهزة المخابرات الأميركية والإسرائيلية وعملياتها الأمنية في لبنان، يخوض حربا مفتوحة معهم، وهو يستطلع أي عمل ذا طابع أمني على الفور، في أي منطقة من المناطق اللبنانية له وجود فيها. وبهذا المعنى، فإن الإتصال من ساحة جريمة بمسؤول أمني أو سياسي، لا يعني بالضرورة صلة بالمجرمين!!
منذ أوائل شهر آب من العام 2011 طلب المدعي العام لدى المحكمة ضم القضايا الثلاث لإختصاص المحكمة، ووافق على طلبه قاضي الإجراءات التمهيدية لوجود أدلة كافية للضم، ولكن ليس للإتهام.
ومنذ ذلك التاريخ يقوم مكتب المدعي العام بتحقيقاته لتدعيم معطياته وتحويل هذه الأدلة الظرفية المبنية على داتا الاتصالات وروايات سياسية مصدرها حلفاء الولايات المتحدة الأميركية في بيروت، الى قرار إتهامي.
قدم المدعي العام منذ أكثر من سنة إقتراحا لقرار إتهامي لقاضي الإجراءات التمهيدية فرفضها الأخير لعدم وجود قيمة حقيقية لأدلته تكفي للإتهام وبدء إجراءات المحاكمة. ثم عاد الادعاء وقدمها مرة ثانية، ولا يعلم أحد غير هاتين الجهتين أين أصبحت هذه القضية، وما هي ملاحظات القاضي فرانسين التي تسببت بتأخير صدور القرار الإتهامي.
ربما وقع فرانسين على القرار وربما لا…
ربما بلغ سعيد معلومات من داخل المحكمة وتحديدا من بعض موظفي مكتب الإدعاء الذين تربطهم أيضا صلات ببعض السفارات ومنها الأميركية…
ربما بلغته من مصادر جهات معنية كالنائب حمادة الذي يبشر دائما بأن القصاص من حزب الله "قادم وقريب"…
ربما من مصادر قضائية معنية في بيروت، إذا كانت هذه السلطات قد تسلمت القرار الإتهامي طبقا للمادة 68 من قواعد الإجراءات والإثبات الناظمة لعمل المحكمة.
لكن من أي مصدر كان فإن الإعلان عنه، أكان صحيحا أم "تحشيشة" على الطريقة اللبنانية فهو لن يبدل من المعادلات اللبنانية ولن يزيد من رصيد المحكمة، بل سيضعف رصيدها المهزوز أصلا.
القرار الإتهامي، والتزاما بمبدأ العلانية، يجب أن يعلن ضمن مهلة محددة، و"في ظروف استثنائية، سندا للمادة 74، وبناء على طلب المدعي العام أو الدفاع، يجوز لقاضي الإجراءات التمهيدية، وفقا لما تقتضيه مصلحة العدالة، أن يأمر بعدم إعلان قرار الإتهام للعموم أو أية مستندات أو معلومات مرتبطة به إلى أن يصدر أمر آخر بذلك.
ويجوز للمدعي العام الاعلان عن قرار الإتهام أو عن جزء منه لسلطات دولة معينة إذا رأى في ذلك ضرورة لغرض التحقيق أو الملاحقة".