كتب حلمي موسى من غزة:
اليوم اكثر من اي وقت مضى تختلط الاوراق في الكيان الاسرائيلي بين اولوياته. واذا كان الخلاف في الشهرين الماضيين حول اولوية تبادل الاسرى أحياء ،ام الحسم العسكري، فإن هذين الشهرين اثبتا أن الضغط العسكري لم يحرر الأسرى الاسرائيليين. وصارت قناعة لدى ،ليس الاسرائيليين وحدهم، وانما الامريكان أيضا بأن نتنياهو يريد اطالة الحرب ولو على حساب حياة الاسرى، وأن الاولوية لا تزال رغم الفشل المتواصل هي للحسم العسكري. وقد اعلن نتنياهو أن القبول باشتراطات حماس أمر غير مقبول ابدا.
وهكذا تعقدت مسألة التبادل الى حد كبير، خصوصا بعد رفض نتنياهو عدة صيغ حلول وسط. لكن القاسم المشترك بين هذه الحلول كان هو الوقف التام لاطلاق النار.
ويوم امس نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الامريكية أنه بعد جمود طويل استؤنفت تحت ضغوط أميركية ومصرية وقطرية الاتصالات للتوصل الى اتفاق لوقف النار وتبادل الاسرى. واعتبرت الصحيفة أن الشهر الجاري هو شهر المفاوضات لتحقيق هذا الهدف.
وذكرت “وول ستريت جورنال” أن النقاش يجري حول الخطوط العريضة للصفقة الجديدة على جدول الأعمال .
وتدفع الدول الثلاث إسرائيل وحماس للانضمام إلى عملية دبلوماسية جديدة، والتي ستبدأ بإطلاق سراح الرهائن الإضافيين الذين تحتجزهم حماس في قطاع غزة، وستؤدي في النهاية إلى انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة وإنهاء الحرب. هذا ما أفاد به الدبلوماسيون المشاركون في المفاوضات للصحيفة.
وبحسب الصحيفة فإنه وعلى مدى 90 يوما وعلى ثلاث مراحل، تقدم الدول الوسيطة – الولايات المتحدة الأمريكية ومصر وقطر – خطة شاملة وتدريجية تؤدي في النهاية إلى انسحاب كامل من قطاع غزة، ولم تتفق الأطراف بعد على الشروط لكن استئناف المحادثات بعد فترة طويلة من الركود يعد “خطوة إيجابية”.
وتقوم الخطوة الجديدة على اساس الانتقال من إطلاق سراح الرهائن إلى الانسحاب الكامل من القطاع. حيث توحد الولايات المتحدة ومصر وقطر جهودها وتناشد إسرائيل وحماس البدء في إطلاق عملية دبلوماسية تدريجية، سيتم في نهايتها الإعلان عن نهاية الحرب في غزة .
ولكن صحيفة “وول ستريت جورنال” اقرت أن أياً من الطرفين لم يوافق بعد على بنود الطرح الجديد.
وقال كبار المسؤولين المشاركين في المحادثات إن إسرائيل وحماس مستعدتان على الأقل للمشاركة في المحادثات، بعد أسابيع من الركود منذ انتهاء وقف إطلاق النار في 30 نوفمبر. وهذه الحقيقة ذاتها تشكل “خطوة إيجابية” في الاتجاه الصحيح، بحسب المعنيين. ومن المقرر أن تبدأ المفاوضات في القاهرة في الأيام المقبلة.
وبحسب اقتراح الوسطاء، فالحديث يدور عن خطة مدتها 90 يومًا، يتوقف خلالها القتال لعدد غير محدد من الأيام، وستطلق حماس خلالها سراح جميع الاسرى المدنيين الإسرائيليين. وفي الوقت نفسه، ستطلق إسرائيل سراح مئات السجناء الفلسطينيين، وتسحب قواتها من مدن قطاع غزة، وتسمح بحرية العمل، وتوقف مراقبة الطائرات بدون طيار، وتضاعف كمية المساعدات الإنسانية لغزة.
وفي المرحلة الثانية ستطلق حماس سراح المجندات المختطفات وتعيد جثث الإسرائيليين التي بين يديها، بينما ستطلق إسرائيل سراح المزيد من الأسرى الفلسطينيين. وفي المرحلة الثالثة من الخطة، سيتم أيضاً تحرير الجنود الإسرائيليين من أيدي حماس، فضلاً عن “الرجال في سن القتال” ـ الذين تعتبرهم حماس جنوداً ـ في حين ستعيد إسرائيل نشر قواتها خارج قطاع غزة.
ولكن ورغم المصاعب التي تعترض الخطة الجديدة تحدثت يديعوت احرنوت عن أنه رغم رفض نتنياهو للصفقة المقترحة، هناك فرصة لإحراز تقدم في المفاوضات اذ ان رئيس الموساد ديدي بارنيع سيعرض على كابينت الحرب تفاصيل الاتصالات للصفقة الجديدة.
وكان نتنياهو قد رسم يوم الأحد خطًا أحمر للتوصل إلى صفقة رهائن أخرى مع حماس ، وذكر في ضوء الشروط التي قدمتها حماس في غزة أنه “إذا وافقنا على هذا فإن مقاتلينا يكونون سقطوا سدى”. ولكن هناك في تل ابيب من يرى أن هذه ليست نهاية المطاف. وبحسب مصدر إسرائيلي، خلافا لكلام نتنياهو، هناك فرصة للتحرك نحو الصفقة عندما يكون هناك جهد هائل من جانب قطر والولايات المتحدة لإيجاد صيغ للتسوية. وأشار مصدر آخر إلى أن هناك محاولة مستمرة لوضع الخطوط العريضة القطرية للصفقة، لكن دون نجاح حتى الآن.
وعلى خلفية كلام نتنياهو، سيطلع رئيس الموساد ديدي بارنيع كابينت الحرب اليوم على صورة الاتصالات لصفقة تبادل جديدة. ويحاول القطريون والأميركيون إيجاد صيغة تسمح بإتمام الصفقة مع التعتيم على الشرطين اللذين وضعهما الطرفان -إسرائيل وحماس- واللذان أدّيا إلى الطريق المسدود، أي الطلب الإسرائيلي باستمرار الحرب بعد الصفقة، ومن ناحية أخرى، مطالبة حماس بإنهاء الحرب والانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من غزة.
وكان وزير الحرب يوآف غالانت التقى في مكتبه في هكيريا في تل أبيب مع أهالي الاسرى وقال لهم: “العملية في خان يونس تجري على قدم وساق، وهناك دلائل أولية على أن الوصول إلى الأماكن الأكثر حساسية بالنسبة لحماس يدفعنا نحو تحقيق الهدفين الشاملين في الحرب”.
من جهة أخرى أجرى مبعوث الرئيس الأميركي جو بايدن جولة محادثات في العاصمة المصرية القاهرة، والدوحة عاصمة قطر، لمعرفة كيفية بدء الاتصالات من أجل التوصل إلى اتفاق آخر. وبحسب مصدر إسرائيلي، فإن ضبابية الاحتمال قد تتفاقم. الخطوط العريضة جيدة لإسرائيل لأنها ستسمح بهدنة طويلة الأمد ولكن ليس نهاية الحرب ، وهي حقيقة أنه بالنسبة لإسرائيل لا توجد إمكانية لوجودها.