محمد صادق الحسيني
تؤكد مصادر اوروبية متابعة لما جرى في بغداد بين طهران والرياض اوائل الشهر الجاري أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن منذ بداية العام الحالي ابلغت الحكومة السعودية بتعليمات امريكية واضحة بضرورة التفاهم مع ايران، لأن واشنطن عائدة للاتفاق النووي عاجلاً ام آجلاً، ما يعني ان على الرياض ان تدبر امرها سريعاً قبل ان يفوتها القطار…
وبما ان الوساطة والمساعي العراقية كانت جاهزة ومتحمسة ايضاً والتي تلقفت التقارير والتعليمات الغربية بحماس اكثر،كان الاجتماع بين خالد الحميدان رئيس جهاز الاستخبارات السعودي ووفد ايراني موسع يضم موفدين امنيين وسياسيين وديبلوماسيين، شكّله مجلس الامن القومي الايراني ، وان الاجتماع على الاغلب كان في مطار بغداد في ٩ ابريل/نيسان الحالي برعاية ومشاركة رئيس الوزراء العراقي مصفى الكاظمي شخصياً.
وبما ان الاجتماع كان يفترض ان يبقى سرياً كما كانت تتمنى الرياض على الأقل، فيما كان الجانب العراقي يبحث عن انجاز اعلامي يقوي معادلته الداخلية، فقد ارتأى اشاعة الخبر ، وهو ما اربك الرياض وبهت السعودي من وطأة ما حصل لاجئاً الى انكار مؤقت لا طائل منه…
المصادر الغربية المتابعة تضيف ان الجانب السعودي الذي ذهب للاجتماع مكرهاً وتحت وطأة السيف الامريكي ، كان قد لجأ الى لعبة تفجير الاجتماع من الداخل باقتراح مستفز للايرانيين ولا جدوى منه :اوقفوا دعمكم لانصار الله مقابل تسهيلنا تشكيل حكومة الحريري في لبنان…
كان الرد الايراني حازماً وقوياً:ليس هذا ديدننا بالتعامل مع حلفائنا واصدقائنا ، فدعمنا لليمن لا علاقة له بخسارتكم للحرب عليها ، وترتيبات وقف الحرب التي يطلبها الامريكي منكم يعود نوع التعاطي معها لاهل اليمن الذين هم يعرفون مصلحتهم في هذا وفي غيره…كذلك الامر في لبنان فاصحاب الشأن معروفون وهم ادرى بصالحهم وعلاقاتهم ونوع الحكومات التي يشكلونها ، ما يخصنا هو دعم صمود لبنان وهو كان وسيبقى اياً تكن شؤون حكومته التي هي شأن داخلي بحت…
لذلك يمكن الاجمال بان اجتماع بغداد الذي اجبرت عليه السعودية فشل غربياً ،أي أنه لم يلبِ الرغبة الامريكية كما يجب ، بينما شكّل صدمة اضافية للرياض،لكنه نجح ايرانياً.
فالايرانيون يعتقدون وكذلك المصادر الاوروبية المتابعة بان الاميركي سيعيد السعودي الى طاولة الحوار من جديد مكرهاً كما بدأها،وان الجولات القادمة حسب الايراني ستكون عمليةً اكثر وتنحو نحو النجاح مع بدء الامريكي بتسديد اثمان عودته للاتفاق النووي.
وفي الخلاصة يرى المراقبون انها مرحلة تصفية آثار حكومة ترامب،ومن جملة آثار إدارة ترامب،حكومتا الرياض وتل ابيب اللتان تتجهان للخروج من المشهد السياسي والانقراض…
زر الذهاب إلى الأعلى