حروبسياسة

مفاوضات التبادل: إسرائيل في واد ..وحماس في واد آخر (حلمي موسى)

 

كتب حلمي موسى من غزة :

بات معروفا ان رئيس الموساد اجتمع في اوسلو برئيس الوزراء القطري للتباحث في صفقة تبادل للاسرى. واشارت بعض وكالات الانباء الى ان اللقاء كان ايجابيا ولكنها لم تشر الى اي تفاصيل.وقد عرضت بعض وسائل الاعلام الاسرائيلية معطيات متناقضة حول ما يجري.

فالبعض اشار الى انه ليس هناك اي تقدم في المفاوضات، في حين اشار آخرون الى حدوث تقدم كبير اساسا بسبب مبادرة اسرائيل هذه المرة لتقديم عرض “مغر” لحماس ،اساسه استعدادها ل” نبضة تبادل” قوية مقابل الافراج عن اسرى فلسطينيين ” نوعيين” . وتعتبر إسرائيل ان استخدام تعبير ” نوعي” يتصل باستعدادها للافراج عن اسرى كانت ترفض في السابق مناقشة، مجرد مناقشة،الافراج عنهم. 

وهذا بصريح العبارة يعني استعدادها للافراج عن اسماء ذات محكوميات كبيرة ممن يوصفون دوما بان اياديهم ”  ملطخة بالدماء”. وبكلمات اخرى وخلافا لمن تم الافراج عنهم في ايام الهدنة السبعة السابقة، اسرائيل مستعدة لتسلم قائمة اسماء تطالب بها حماس. ولكن اسرائيل تشترط انه بالتوازي مع ذلك ينبغي لحماس ان تسلم ايضا قائمة اجمالية بالاسرى الاسرائيليين الذين تنوي الافراج عنهم.

غير ان كل هذا الكلام في واد وحماس في واد آخر وفق وسائل اعلام اسرائيلية اخرى. فحماس علنا تطالب بوقف الحرب وليس بهدنة مقابل الافراج عن الاسرى لديها. ونقل مراسل اسرائيلي عن مصدر عربي قوله ان حماس وخلافا للهدنة السابقة تطالب بتراجع القوات الاسرائيلية عن خطوط تواجدها الحالية قبل البدء باي مفاوضات لتبادل الاسرى. 

 

في كل حال من يعرف تعقيدات الافراج عن عدد كبير من الاسرى في الماضي يدرك ان هذه التعقيدات تتضاعف في الوقت الراهن. فاسرائيل تشعر انها في حرب وجودية مع الفلسطينيبن عموما ومع حماس خصوصا. ولذلك فإنها لا تتخيل توقف هذه الحرب وعودة الحياة الى مجاريها كما كانت الامور في الماضي. والاسرى الفلسطينيون المحررون في هذه الصفقة ينبغي ام يتحرروا في الضفة بما فيها القدس وفي قطاع غزة. وحكومة نتنياهو لا تمتلك اي تصور لحل مع الفلسطينيين سوى استمرار السيطرة عليهم بقوة السلاح. ولذلك فإن عملية الافراج عمن تعتبرهم اسرائيل اعداء لها في الضفة والقطاع في ظل استمرار حالة العداء ،يعني تكرار مصير محرري صفقة شاليط او اسوأ منه، خصوصا ان كثيرا من قادة اسرائيل العسكريين السابقين يقولون علنا ان ثمة أولوية للافراج عن الاسرى الاسرائيليين لدى حماس مهما كان المقابل، وان بوسع اسرائيل ان تبدا في اليوم التالي في اغتيال من افرجت عنهم.

والمقصود أن جانبا من الرغبة في تسريع الافراج  عن الاسرائيليين يتضمن رغبة موازية وبسوء نية في استهداف المحررين الفلسطينيين في الايام التالية.  

 

في كل حال فإن رغبة اسرائيل  في صفقة التبادل تتضمن استعدادا لهدنة او ايام هدن ،على نمط ما جرى في الايام السبعة للهدنة السابقة. ويقولون ان تجربة العودة للحرب بقوة لا تقل عما كانت عليه قبل الهدنة ،امر بات مجربا وليس كما كان البعض يقول انه غير ممكن.

 

ايا يكن الحال فإن رغبة امريكا وبعض الدول الغربية في الهدنة لا تلقى رضى من جانب حكومة نتنياهو. والحقيقة ان حكومة نتنياهو والجيش الاسرائيلي لا يريدان صفقة تبادل بقدر ما يريدان في هذا الوقت اضعاف اثر قتل الجيش الاسرائيلي لثلاثة من الاسرى. وقد اثار هذا القتل ردود فعل قاسية داخل المجتمع الاسرائيلي، خصوصا انه اثار ايضا الاهتمام بتعليمات اطلاق النار لدى الجيش ” الاكثر اخلاقية في العالم”، وهي تعليمات تجعله يحتل من دون نقاش مكانة الجيش الاشد وحشية وادانة اخلاقية في العالم، لأنه جيش يقتل المدنيين ويطلق النار على مستسلمين يرفعون الرايات البيض ولا يميز بين مدني وعسكري، ولا بين من يشكل خطرا ومن لا يشكل اي خطر. 

قصة الاسرى فضحت اسرائيل اشد فضيحة. والمشكلة انها مهما كبرت مجرد واحدة من سلسلة فضائح الاحتلال التي بدأ العالم يتعرف عليها وبالتفصيل الممل خلال حرب تتقدم بسرعة نحو نهاية شهرها الثالث.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى