معلمة من بلادي
د. يونس زلزلي – الحوارنيوز خاص
فاطمة علي ماروني اِسم عَلَمٍ سَجَّلَتْه محاضر التّاريخ بأحرفٍ من نور لامرأةٍ من بلادي. هي معلّمةٌ من أرنون استمدّت من الشّقيف صلابتها؛ فصمدت كحجارة القلعة تفتح بوّابة المدرسة لتلامذتها الذين ظلّوا يتحدّوْن مدفعيّة الاحتلال بدافعيّة التّعلّم. ولما انهالت حمم الغزاة وشظايا قذائفهم تطال المدرسة ودروبها، شرعت فاطمة ماروني تأوي وتلامذتها إلى ركنٍ آمنٍ في زاوية بيتها، أو أحد بيوت أرنون لتلقّنهم أدب الحياة، وعلم الصّمود، وتربية المواطنة الحقّة التي لا عيبَ فيها ولا ريب.
أصلحُ مواطنةٍ أنت يا فاطمة، وأنبل مقاوِمَةٍ تحملين كتابك بيمينك يلقف عدوانهم بكلمةٍ من أبجديّة الحياة: صامدون هنا، ولا نبارح مطارحنا من حزيران ١٩٨٢ إلى شباط ١٩٩٩؛ فأيار ٢٠٠٠، ننهل من بركة أرنون ماء كرامتنا، ونغسل وجه الوطن ووجعه بدموعنا ودمائنا.
نحن من حفنة ترابٍ حمراء جَبَلْنا حكاية التّحرير والانتصار. قيل: بالتّربية نبني؛ فقالت فاطمة ماروني: لقد ربَّيْتُ تلامذتي على التّعلّق بالأرض، والانتماء إليها بالعلم والعمل. فصاروا أغنيات حُبٍّ على كتف الليطاني، وصرت أنت يا فاطمة نشيدًا وطنيًّا نسمع ترجيع صداه نداءً من أذان المقاومين على طريق قلعة الشّقيف يتردّد على مسمع لبنان كلّه: حيّ على الصّمود.