العالم العربيسياسة

مصر وتركيا :علاقات واعدة للبلدين وللمنطقة ..فهل تنجو من تآمر إسرائيل ؟(جواد الهنداوي)

 

بقلم السفير الدكتور جواد الهنداوي – الحوار نيوز

بعد مضي ستة شهور على زيارة الرئيس اوردوغان إلى القاهرة ،  يردُ  الرئيس السيسي بزيارة مماثلة إلى أنقرة .

تطوير العلاقات ، وعلى مختلف الصعد بين البلدين ، اصبح ضرورة  تفرضها، ليس فقط مصالحهما ،وانما أيضاً التغيرات والتطورات الدولية والشرق اوسطيّة .

العائق الكبير ،والذي كان خلف تدهور العلاقة بينهما ، تمتْ أزالتهُ ، واقصد الموقف المتناقض لكلا البلدين ازاء حركة الاخوان المسلمين . تأكدت مصر من انتصار البرغماتية والمصالح على الايدولوجية في تركيا . أدرك الرئيس أوردغان حقائق ،و استلهم عِبرا مما مضى من وقائع ،فاستدارَ نحو  المصالح والمنافع لتركيا ولحزبه ولدوره السياسي .

ومن المؤشرات على هذا الإدراك والاستلهام هو الخطوات الجادة نحو أعادة العلاقات مع سورية ، و المفترض أن تتوج بلقاء قريب جداً لوزيري خارجية كلا البلدين ،ثمَ بلقاء رئاسي . وكلا اللقاءين متوقف على خارطة انسحاب تدريجي للجيش التركي من الأراضي السوريّة ،و تعديل اتفاق أضنة الموقع بين تركيا و سوريّة عام 1998 . وكلما قصرت المسافة بين تركيا وروسيا ، بين تركيا و إيران ، بين تركيا وسوريّة ،بين تركيا و مصر ،بين تركيا والعراق ، بَعُدت المسافة بين تركيا وإسرائيل ،بين تركيا وامريكا ،بين تركيا والغرب .

التقاربات التي نشهدها بين دول المنطقة ، في ما بينها ، بينها وبين روسيا ، هي أيضاً من نتائج وآثار عملية طوفان الأقصى.

ليس فقط شعوب المنطقة والعالم ادركوا كذب وخداع امريكا والغرب في تبنيهم و ترويجهم و توظيفهم لقيم الحريات و العدالة وحقوق الانسان والديمقراطية ،و انما قادة دول المنطقة ادركوا ذلك أيضا . ادركوا مدى استهانتهم بدماء الأبرياء و تماديهم بجرائم الابادة ضدَ شعوب المنطقة والمسلمين ، ادركوا بأنَّ امريكا وعظمتها هما تحت تصرف نتنياهو ،فعلام الخضوع و الاستمرار ، في المدار الأمريكي ،من دون تحفظات ومبادرات و توجهات نحو سياسات لصالح دول وشعوب المنطقة ،حتى وإنْ استفزت او اغاظت امريكا ؟

صحيح ان لمصر علاقات تعاون سياسي و امني و اقتصادي ،وعلى مستوى جيد مع امريكا ، وكذلك واكثر بين تركيا وامريكا ، كون تركيا ثاني اكبر دولة في حلف الناتو ،ولكن هذا العلاقات لن تبدّدْ حذر امريكا من كلا البلدين ،و تخوفها من تطوير العلاقات ، والتحالف بينهما ، وقد ينشأ التحالف ويتطور  بين مصر و تركيا ويصبح نواة لتحالف اكبر ،تنضم اليه دول اخرى في المنطقة ،وبرعاية روسية او سعودية او إيرانية .

تطور العلاقات المصرية التركية تحت مراقبة و متابعة الجميع : امريكا و اسرائيل و الغرب ودول افريقية يراقبون و يتابعون ،روسيا و السعودية و إيران و سوريّة والعراق ودول الخليج  تتابع و تراقب ، حركات المقاومة في غزّة ،هي الأخرى تتابع و تراقب، وتنتظر من دولتين إسلاميتين كبيرتين في المنطقة ، الجميع يراقب ويتابع ،بعضهم يأمل والبعض الآخر يتخوف و يحذّر ، لما للدولتين من ثقل وحضور سياسي وامني و اقتصادي اقليمي ودولي .

نجاح و تطور العلاقات بينهما و الوصول بها ( واقصد بالعلاقات ) إلى مرحلة التحالف الاستراتيجي مرهون بأمرين : الأمر الاول هو سعي وقدرة البلدين على ادارة ورعاية مصالحهما خارج حدودهما ، مثل ما نعلم . لتركيا حضور عسكري مباشر او غير مباشر ،في ليبيا و في الصومال وفي السودان ، ولمصر ذات الحضور كذلك ، وهي ارسلت تواً عشرة آلاف جندي مصري إلى الصومال ،نصفهم بتصرف بعثة الاتحاد الأفريقي المعنية بحفظ الامن و الاستقرار ، والنصف الآخر على الحدود الصومالية الإثيوبية . وكلما توافقت او تلاقت مصالح البلدين في الدول المذكورة، تطورت اكثر فأكثر العلاقات بين مصر و تركيا .

بين مصر و السودان من جهة ،و إثيوبيا من جهة أخرى، مشكلة سدّ النهضة ،والتي لها ابعاد اقتصادية وسياسية و عسكرية خطيرة ، ولتركيا علاقات متميزة و تأريخية مع إثيوبيا، و اكثر من 200 شركة تركية استثمارية عاملة و فاعلة في إثيوبيا اليوم . هل ستساهم العلاقات الإثيوبية التركية في تهدئة الأزمة أو في حلّها بين مصر والسودان من جهة و إثيوبيا من جهة أخرى ؟

الأمر الثاني هو قدرة كل من مصر و تركيا على تفادي الوقوع في فخ إسرائيلي او صهيوني يستهدف تقويض العلاقات بينهما ،من خلال التدخل في ملفات البلدين ومصالح البلدين ، و اثارة الفتن والخلاف بينهما ، هنا وهناك ،في السودان او في الصومال أو في ليبيا او في إثيوبيا مثلاً .

تطوير العلاقات و ديمومتها ستكون لها ابعاد ايجابية كبيرة ، وجاذبة لتأسيس تحالف اقليمي ،وبتشجيع من روسيا و الصين ، ليضم المملكة العربية السعودية و ايران و العراق و سوريّة ، لاسيما وبين هذه الدول المذكورة علاقات بينيّة مثمرة .

نجاح العلاقات البينية وتطورها بين دول المنطقة هو السلاح السياسي و الدبلوماسي لردع إسرائيل في توسعها و اطماعها في المنطقة . العلاقات المصرية التركية ،وتليها العلاقات المصرية الإيرانية عناصر قوة لمصر تجاه عربدة واستهتار إسرائيل في غزّة و في محور فيلادلفيا .

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى