مشاهد من زمن الكورونا: تعليب المشاعر الإنسانية(3)
طلال الامام – ستوكهولم
تخيل أنك لا تستطيع زيارة مريضك حتى ولو كان أحد أفراد عائلتك في المشفى!
تخيل أن تفقد عزيزا ولا تستطيع وداعه للمقبرة او أقامة عزاء!
تخيل أن يتزوج إبنك / ابنتك ولا تتمكن من دعوة أقرباء واصدقاء لمشاركتك الفرحة!
تخيل ألا تتمكن من دعوة سوى عدد محدود جدا للاحتفال بعيد ميلاد احد افراد أسرتك!
وتكبر قائمة الارشادات والممنوعات في زمن الكورونا …
هذا الفيروس اللعين جمّد مشاعرنا الانسانية في الحزن والفرح ….اشتقنا لحفلة عرس أو سهرة في مطعم نرقص حتى الصباح ..
..اشتقنا حتى لسهرة مع اصدقاء وأقرباء يتجاوز عددهم الثمانية اشخاص ( بمعنى ان كان عدد أفراد الاسرة خمسة لا يحق لهم دعوة سوى ثلاثة).
المجتمع بأكمله يتحوّل وتدريجيا الى وحدات منفصلة عن بعضها البعض…..حتى البارحة كان الحي كله تقريبا او القرية تتقاسم مشاعر الفرح والحزن.
ماذا يجري؟
كل يوم تعليمات جديدة بين إغلاق كامل أو جزئي… بلد يفرض غرامات على المخالفين للتعليمات وآخر يعيش كالسابق …
أصبح الفرد وبتأثير التهويل الاعلامي المبالغ فيه احيانا من مخاطر الكورونا، ينفذ ما يطلب منه دون نقاش او تفكير او حتى طرح سؤال..أخبار الاصابة والموت بالكورونا تتصدر مختلف وسائل الاعلام على مدار الساعة ….صارت المصافحة مذمومة …اما العناق فهو يعادل ارتكاب جريمة …. في المخازن والاسواق يضعون اشارات التباعد …. والويل لمن يخرقها لانه سيكون عرضة لنظرات الاستنكار، هذا ان لم يتلق درسا …
قالت سيدة سويدية في احدى المقابلات الاذاعية ..صرت اشتاق لزحمة الوقوف على الطابور في الاسواق والمحلات …اشتاق لزحمة الطرقات ووسائل النقل العام …اشتاق لحضور حفل عيد ميلاد او السفر داخل السويد او خارجه …أصبحنا "سجناء" بشكل ما!
غداً التعبير عن الحزن أو ألفرح مقونن ، معلب ومحدد بقوالب … وماذا عن مشاعرنا الانسانية؟
ننام ونستيقظ على اخبار الكورونا . نسينا أخبار الامراض الاخرى، أخبار الفقر والحروب … أخبار النهب والفساد العالمي او المحلي …أخبار جرائم القتل وترويج المخدرات أو الدعارة ….اخشى أن ننسى قريبا حتى أسماءنا وتاريخ ميلادنا أو أسماء أقاربنا والاصدقاء!
تغييرات واسعة تتم بقصد أم بدونه ولا أحد لديه جواب ناجز . ونحن… هل نبقى شهود زور؟