الحوار نيوز – تقرير
نقلت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية عن مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية أن الرئيس الأميركي جو بايدن يعتبر أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، يتصرف بـ”نكران جميل” تجاه الولايات المتحدة، ويتجاهل المساعدة الكبيرة التي قدمتها لإسرائيل طوال الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة من السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي”.
وأوضح المسؤول أن آخر محادثتين بين الرئيس بايدن ونتنياهو، خلال اللقاء الذي جمع بينهما في البيت الأبيض في 25 تموز/ يوليو الماضي، وعبر الهاتف، الأسبوع الماضي، كانتا “صعبتين ومتوترتين”، وأفاد بأن “بايدن فهم أن نتنياهو يكذب عليه بشأن الأسرى”، وأضاف أن بايدن “لم يصرح بذلك علنًا بعد، لكنه قال له صراحة في الاجتماع: “توقف عن الهراء'”.
وقال المسؤول إن الولايات المتحدة تستعد لمساعدة إسرائيل في مواجهة رد فعل إيران وحزب الله على الاغتيالات في بيروت وطهران رغم التوترات بين نتنياهو وبايدن. ومع ذلك، أوضح أن واشنطن لن تدعم خطوات قد توسع نطاق الحرب. ونقلت الصحيفة عن المسؤول قوله: “نتنياهو يحاول إطالة أمد الحرب بدلاً من التركيز الآن على تحقيق صفقة تبادل أسرى. هذا يجعل من الصعب علينا الاستمرار في دعم إسرائيل على المدى الطويل”.
وفي رده على التقارير حول المحادثات المتوترة بينه وبين بايدن، قال نتنياهو، مساء السبت، في بيان صدر عن مكتبه إن “رئيس الحكومة لا يتدخل في السياسة الأميركية، وسيعمل مع أي شخص يُنتخب للرئاسة، كما يتوقع من الأميركيين عدم التدخل في السياسة الإسرائيلية”.
ومساء الجمعة، قال مسؤول في فريق التفاوض الإسرائيلي لصحيفة “هآرتس” إن “كبار المفاوضين يقدرون أن نتنياهو لا يرغب في التقدم نحو التوصل لاتفاق”. ووفقا للمسؤول، فإن قادة الأجهزة الأمنية، وكذلك في الولايات المتحدة وقطر ومصر، يقدرون منذ شهور طويلة أن نتنياهو لا يرغب في التوصل إلى صفقة، وذلك للحفاظ على حكومته، في ظل الضغوط التي يمارسها اليمين المتطرف في الائتلاف الذي يطالب بمواصلة القتال في القطاع.
وأفاد مسؤولون إسرائيليون مطلعون على المفاوضات أنه في عدة مناسبات خلال الأشهر الأخيرة فضل نتنياهو الاستمرار في القتال في القطاع بدلاً من إتمام صفقة كانت قيد البحث. هذه التقديرات زادت في شهر تموز/ يونيو، بعد أن تراجع في مقابلة أجراها على شاشة القناة 14، عن خطة كانت تعرف بـ”وثيقة بايدن”، وأوضح أنه مستعد فقط لدفع المرحلة الأولى من الصفقة التي تتضمن الإفراج عن بعض الأسرى.
بدوره نقل الصحافي في “يديعوت أحرونوت” رونين بيرغمان، عن مسؤول أمني رفيع، قوله إن “رئيس الحكومة ضد الصفقة، والآن لديه عذر لعدم الخوض في المفاوضات – إيران وحزب الله”، وذلك في ظل التقارير التي تشير إلى أن نتنياهو يعوق التوصل إلى تفاهمات بشأن الصفقة التي بادر إليها وصادق عليها، والتي عرضها الرئيس الأميركي في نهاية أيار/ مايو الماضي.
واعتبر بيرغمان أن جميع القادة والمفاوضين، يعتقدون أن هناك إمكانية للتوصل إلى صفقة، باستثناء واحد فقط هو نتنياهو، الذي وصفه بأنه “الشخص الأهم من الجميع”. واعتبر أنه بات “وحيدًا، ومعزولًا، ومُقاطعًا، ومن لحظة لأخرى يقترب من أن يكون من أكثر القادة المكروهين على وجه الأرض”.
وقال بيرغمان إن نتنياهو “في أكثر اللحظات صعوبة، التي كان من المفترض أن تكون الأكثر ضعفًا بالنسبة له، يتحول إلى أقوى وأكثر استقلالية، وأقل اعتمادًا على الآخرين، بينما أصبح تأثير الجمهور والأجهزة المختلفة وآليات التوازنات والضوابط في المجتمع الديمقراطي عليه أقل فأقل”.
ونقل بيرغمان عن مسؤول أمني قوله إن رحلات الوفود “إلى مصر أو قطر ليست ذات قيمة، ولا هدف لها سوى تقديم صدى للتوجيهات المزعومة لنتنياهو للقيام بشيء ما. الأمور تنفجر بالفعل، لقد سخنت وتفاعلت لفترة طويلة تحت غطاء قدر الضغط ، والآن تنفجر، إلا إذا استسلمت حماس فجأة أو وافقت على صفقة بشروط تبدو غير معقولة، ومن الصعب عليّ أن أرى سببًا يجعلهم يفعلون ذلك، سيواصل بيبي ولا أحد يوقفه”.
وأضاف المسؤول: “في الواقع، لا يوجد وزراء سيتمردون ضد نتنياهو أو يجبرونه على التوقيع، ردا على إحباطه لفرص التقدم نحو المصادقة على الصفقة. الآن هناك أيضًا عذر لعدم الخوض في المفاوضات – إيران وحزب الله. يبدو أن نتنياهو يعتقد حقًا أنه على صواب، وهو لا يتعرض للضغط؛ لا يوجد جمهور في الشوارع. إذا تم إبرام صفقة وإنهاء الحرب. لكن في الواقع هو يقرر بمفرده وهو لا يريد، وهذه هي المشكلة”.
ويرى المسؤول الأمني أن اغتيال إسماعيل هنية لن يكون له تأثير حاسم على فرص التوصل إلى صفقة، لأن نتنياهو ليس معنيا بالتوصل إلى اتفاق، سواء كان ذلك قبل الاغتيال أو بعده. وقال المسؤول: “في العالم وإسرائيل، الجميع ينظر إلى الاتجاه الخطأ، كما لو أن اغتيال هنية سيكون له تأثير حاسم على المفاوضات في اللحظات الأكثر حساسية لصفقة الأسرى، سواء بهذا الاتجاه أو ذاك”.
وأضاف: “لكن الحقيقة هي أنه حتى قبل الاغتيال، كما هو الحال الآن، لا يوجد شيء لأنه لم يكن هناك شيئ بالأصل. رئيس الحكومة لا يزال متمسكًا برأيه ضد الصفقة، وعائلات الأسرى، والجمهور، ووسائل الإعلام، والرئيس بايدن، وبقية العالم، لا يزالون بلا تأثير على الشخص الوحيد الذي يمكنه إتمام الصفقة وفتح صفحة جديدة في تاريخ الشرق الأوسط”.
واعتبر المسؤول الذي تحدث لبيرغمان أنه “بطريقة ما، السياسي الذي يتولى منصب رئيس الحكومة في أضعف مرحلة لرئيس حكومة في التاريخ، أكثر من أي وقت مضى في هذا المنصب، يقرر بمفرده، ويمكنه ولا شيء يهدده، مثل الديكتاتور الذي تعمل جميع الأنظمة تحت سلطته، فقدنا السيطرة”.
بدورها، كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” نقلا عن مسؤول أميركي أن بايدن شدد حلال مكالمته الأخيرة مع نتنياهو، على أن “توقيت اغتيال هنية كان سيئا حيث جاء في الوقت الذي تأمل فيه واشنطن التوصل إلى اتفاق”، وأعرب بايدن عن قلقه من أن تنفيذ العملية في طهران قد يؤدي إلى “إشعال فتيل حرب إقليمية أوسع التي كان يحاول تجنبها”.
وفي ما وصفه مسؤول أميركي بأنه “محادثة ساخنة” بين نتنياهو وبايدن مساء الخميس، نفى نتنياهو أن تكون إسرائيل عقبة أمام اتفاق وقف إطلاق النار، ورفض ادعاء بايدن بأن “اغتيال هنية على الأراضي الإيرانية قد يحبط الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق لوقف الأعمال العدائية وتحرير الأسرى”.
وقال مسؤول إسرائيلي رفيع، تحدث للصحيفة الأميركية شريطة عدم الكشف عن هويته، إن “نتنياهو أصر خلال المكالمة مع بايدن على أنه لا يحاول عرقلة وقف إطلاق النار، في حين أقر بأن اغتيال هنية، المفاوض الرئيسي من طرف حماس، من شأنه أن يعطل التقدم لبضعة أيام” ، فيما زعم نتنياهو أن ذلك “من شأنه في نهاية المطاف أن يُعجل بإتمام الصفقة من خلال تعزيز الضغط على حماس”.