مروان واكيم.. قصة عشق
محمد هاني شقير -الحوارنيوز خاص
لسنا في موقع المتشائمين، ولا نبحث عن أوجاعنا؛ لأنّنا ضعفاء، فالحياة وقفة عزّ سنمشيها بهاماتنا المرفوعة.
إنّ فسحات الأمل التي نخرجها الى النور، كانت، وستبقى، بقعة الضوء القادمة فوق آلامنا تصدح في كلّ ناح، تصرخ في وجه ظلامنا أن اتركونا نبني وطنًا يحتملكم بكل أثامكم، وبكل حبنا اللامحدود.
رحلتنا اليوم مع المصور المبدع مروان واكيم*. فما حكايته مع المهنة والصحّة والإرادة؟ فإليكموها…
مروان واكيم، ابن بلدة الخيام الجنوبية، المصوّر الشهير المحترف، عمل لصالح وكالات عالمية في أثناء الحرب الأهلية وبعدها، وشارك في عدّة معارض تصوير، فنال عدّة جوائز.
بقي المحارب في المستشفى للمعالجة مدةً طويلة، حيث أجريت له عدّة عمليات جراحية، جرّاء تعرضه لقصور في عضلة القلب، وهذا ما أتعب عضلات بدنه أيضًا، وبفضل تصميمه وارادته قرّر معاودة نشاطه، وإن ليس بكامل قوته.
… ولأنّ الجسد مرهقٌ، ولم يعد يقوى على التنقّل بسهولة لممارسة المهنة التي تجنّد لها، قرّر انْ يقاوم الهزيمة، فهو صاحب عزيمة مجبولة بمهارةٍ فنية رائعة، جعلته يحوّل موهبة كان يمارسها في أيام العطل، وهي ترميم مقتنيات منزلية ذات رمزية معيّنة عند الناس، وتغيير وظيفة بعضها، كي لا تبقى مادّة جامدة خالية من المعنى. وجعل ذلك مهنة جديدة يتقنها إضافة الى التصوير الفنّي والتجريدي الذي نذر له؛ معبّرًا فيه عن روح لا تعرف إلّا أن تتألّق لتعبّر عن إنسان يرفض إلّا أن يكون العالم حوله جميلًا، ويأبى إلّا أن يكون حيًّا بلون دفّاق أو ببُعد ملهم.
هذه الحرفة تحتاج الى مقوّمات، في حين باع مروان كلّ ما يملك لمتابعة علاجه. ولكنّه يملك التقنيات والمهارات والحسّ المرهف، فحوّل منزله الى مشغلٍ وزّع فيه الأدوات، بعضها في الشرفة، وبعضها الآخر في غرفة النوم التي غدت مستودعًا، وما بقي من أغراض تراه منثورًا في زوايا المنزل، ليشكل المشهد عنده لوحة من الفوضى الخلاقة، فوضى لا يعرف سرّ إبداعها إلّا من أحبّ الفنّ.
يصل مروان الليل بالنهار في أثناء عمله الذي يتطلب سلاسة كبيرة، وحسًّا فنّيًّا عاليًا؛ فأن تعيد الحياة لـ"درسوار" قديم وتبعث فيه الروح من جديد، يعني أنك تحيي شيئًا ما في داخل صاحبه الذي ربما ورثه من جدته، أو اشتراه ذات عزّ. كذلك الأمر أن تحوّل خزانة أصبحت بمفهومنا الشعبي من "كلاكيش" المنزل، الى لوحة منمّقة تضع فيها جهاز تلفزيون، أو "ستيريو"، يعني أنك تعيد تموضع الأشياء في المنزل وفي الذاكرة، وبخاصة عندما يصبح هذا الـ"كلكوش" من ديكورات المكان حيث العلاقة بينك وبينه مكتملة في كل عناصرها الجميلة.
مروان واكيم لم ييأس بسبب الظروف الصحّية، وبسبب سلطة تركت أبناء الوطن لمصير مجهول، ولم تعرهم أي اهتمام، سواء أكان في عافيتهم أم في سوء صحّتهم، ولا في طفولتهم وشبابهم وفي تقدّم أعمارهم، فهو آثر التحدّي، فكان جديرًا بالحياة ومثلًا يجدر أن نحتذي به، ونوجّه عبره، كما الكبار، كرامتنا الإنسانية، ونرفع رؤوسنا عالية نحو العلا، حيث تلمع خيوط المجد في فضاء لبناننا الجميل.
*جدّد مروان صفحته على الـ " فايسبوك" وسماها " شي حلو" وسوف نشاهد فيها تباعًا صورًا قديمة وأخرى لأعماله الجديدة.