في جلسة استماع أمام مجلس الشيوخ الأميركي،كشفت المسؤولة السابقة في شركة “فيسبوك”، فرانسيس هاوغن،معلومات مثيرة وصادمة عن خفايا وخبايا “المارد الأزرق” ، داعية إلى التحرك من أجل ضبط أكبر منصة تواصل اجتماعي في العالم.
وقالت هاوغن، وهي مديرة محتوى سابقة في موقع فيسبوك، إن “المارد الأزرق” يعمل بدون أن يخضع لأي إشراف، وحثت الكونغرس على جعل المنصة أكثر أمانا.
قدمت هاوغن شهادتها أمام اللجنة الفرعية للتجارة وحماية المستهلك وسلامة المنتجات وأمان البيانات، وذلك في أول ظهور لها، بعدما كشفت الأحد الماضي عن عدة أمور “مثيرة” بشأن الطريقة التي يعمل بها موقع التواصل الاجتماعي.
وهذه المسؤولة السابقة هي المصدر الذي يقف وراء تسريب الآلاف من صفحات البحوث الداخلية في موقع فيسبوك، لفائدة صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية.وأثارت التسريبات مخاوف في الكونغرس بشأن تأثير فيسبوك على الأطفال واليافعين وصحتهم العقلية، بينما قالت هاوغن إنها قررت أن تخرج عن صمتها لأنها تنظر بارتياب إلى الموقع وتحسبه “خطيرا”.
وأوضحت هاوغن أن جزءا مما يقوم به فيسبوك “لا يدخل ضمن الأمور غير القانونية”، لأن الموقع يخفي المعلومات التي من شأنها أن تتيح للمشرعين وضع ضوابط وقوانين تعالج المشاكل القائمة.
ونبهت المسؤولة السابقة، إلى أن الأطفال في الولايات المتحدة يتعرضونللتضليل من فيسبوك، قائلة إنه بوسع الكونغرس أن يغير القوانين التي يعمل الموقع في إطارها.
واقترحت هاوغن إدخال تعديل على المادة 230 من قانون آداب الاتصالات، وهو تشريع يحمي المنصات من تحمل المسؤولية عما يقوم المستخدمون بمشاركته على صفحاتها.
وقالت هاوغن في حوار سابق مع صحيفة “واشنطن بوست”، إن المشرعين الأميركيين أنفسهم ممن يجري تكليفهم بأمور ضبط فيسبوك، لا يحصلون على المعلومات الكافية التي تتيح لهم أن يضبطوا أضرار المنصة.
وحثت على مراجعة الشق المتعلق بـالخوارزميات، وذلك حتى يكون الموقع إلى جانب المنصات الأخرى، مسؤولا عن اختياراته، وقابلا للمقاضاة، بسبب ترتيب المحتوى المعروض أمام المستخدم، على نحو معين.
وذهبت المسؤولة السابقة في فيسبوك إلى حد القول إن الموقع يكون على دراية ببعض الأمور التي ليست على ما يرام، لكنه يقرر عدم التحرك لأجل التصحيح.
في غضون ذلك، قالت عضو مجلس الشيوخ الأميركي، مارشا بلاكبيرن، عن الحزب الجمهوري، إن موقع فيسبوك يعطي الأولوية للمكاسب المالية.وأشارت السيناتور الأميركية، خلال جلسة الاستماع لمسؤولة المحتوى السابقة، إلى أن الوقت قد حان حتى يقوم موقع فيسبوك بتغيير سياسته.
من ناحيته، قال عضو مجلس الشيوخ الأميركي، ريتشارد بنومنثال، إنه في حال ثبت تورط فيسبوك في تضليل الناس، فعليه أن يواجه عواقب وخيمة.ودعا السيناتور الديمقراطي، إلى منع موقع فيسبوك الذي يحظى بانتشار واسع، من أي نشاط يستغل الأطفال، وهو ما نبهت إليه عدة منظمات وجهات، خلال السنوات الماضية.
لكن يبدو أن هذه الجلسة التي انعقدت في الكونغرس الأميركي، لم تؤثر بشكل كبير على الموقع، لأن أسهم الشركة ارتفعت بـ2 في المئة، في تداولات الثلاثاء، بعدما تكبدت خسائر فادحة، يوم الاثنين، إثر تعطل تطبيق التواصل الاجتماعي لساعات طويلة إلى جانب منصتي إنستغرام وواتساب المملوكتين للمارد الأزرق.
وبحسب صحيفة “ذا إنديبيندت”، فإن أهم النقاط التي تم طرحها في جلسة الاستماع هذه تلخصت كالآتي:
– مقارنة “فيسبوك” مرارا وتكرارا بأكبر شركات صناعة التبغ العالمية “Big Tobacco”، إذ أن ربما لا توجد صناعة في التاريخ الأمريكي الحديث تتمتع بسمعة أسوأ من الشركات المصنعة للسجائر الأربع الكبرى، “فيليب موريس” (المعروفة الآن باسم ألتريا)، و”آر جيه رينولدز”، و”براون وويليامسون “، و”لوريارد”، الذين توصلوا في عام 1998 إلى تسوية بقيمة 206 مليارات دولار مع محام، حيث رفع جنرالات من 46 ولاية أمريكية دعوى قضائية لاسترداد تكاليف “Medicaid” لعلاج الأمراض المرتبطة بالتدخين ولإيقاف عدد كبير من ممارسات التسويق المخادعة وغير الأخلاقية، بينما ظهر قبل عامين من تلك التسوية، مدير تنفيذي للتبغ يدعى جيفري ويغاند في برنامج “60 دقيقة” على قناة “سي بي إس نيوز” ليكشف أن صاحب عمله (براون وويليامسون) قد تلاعب عمدا بالتبغ بمواد كيميائية لجعلها أكثر إدمانا.
وعندما افتتح جلسة الاستماع للموظفة المستقيلة من شركة “فيسبوك”، التي ظهرت أيضا في برنامج “60 دقيقة” لمناقشة ما أخبرته للمسؤولين عن سلوك “فيسبوك”، أشار السناتور ريتشارد بلومنثال، وفي بيانه الافتتاحي، الديمقراطي من ولاية “كونيكتيكت” إلى دوره في التقاضي بشأن التبغ بصفته مدعيا عاما للولاية، وقال إن فيسبوك يواجه “لحظة حقيقة مدهشة للغاية”.
من جانبها، قارنت فرانسيس هاوغن أيضا صاحب عملها السابق بشركة التبغ، موضحة لأعضاء مجلس الشيوخ أن “فيسبوك” يخفي البيانات لمنع الجمهور من فهم الضرر الذي يسببه، وتابعت: “فيسبوك يختبئ خلف الجدران التي تمنع الباحثين والمنظمين من فهم الديناميكيات الحقيقية لنظامهم..سيخبرك فيسبوك بالخصوصية، مما يعني أنه لا يمكنه إعطائك بيانات..هذا ليس صحيحا”.
وفي إطار المقارنة مع شركات التبغ، أشارت إلى أنه “عندما ادعت هذه الشركات أن السجائر المفلترة أكثر أمانا للمستهلكين، كان بإمكان العلماء بشكل مستقل إبطال هذه الرسائل التسويقية والتأكيد على أنها في الواقع تشكل تهديدًا أكبر لصحة الإنسان، ولكن لا يمكن للجمهور أن يفعل الشيء نفسه مع “فيسبوك” ، ولا يوجد لدينا خيار آخر سوى أن نتلقى رسائلهم التسويقية على إيمان أعمى “.
– كشفت هاوغن لأعضاء مجلس الشيوخ أن “مشاكل التوظيف في “فيسبوك”، تنبع من دائرة من الفضيحة التي تجعل الموهوبين أقل رغبة في العمل هناك”.
وأكملت: “فيسبوك عالق في دائرة حيث يكافح من أجل التوظيف مما يؤدي إلى نقص عدد الموظفين في المشاريع، مما يتسبب في فضائح، مما يجعل من الصعب بعد ذلك التوظيف”.
– لفتت هاوغن إلى أنها رأت “نمطا للسلوك” حيث كانت المشاريع تعاني من نقص الموظفين إلى حد أن “هناك نوعا من الإحباط الضمني من امتلاك أنظمة اكتشاف أفضل” للمشكلات.
وأوضحت قائلة: “كان فريقي الأخير في فيسبوك عضوا في فريق التجسس المضاد داخل منظمة استخبارات التهديدات، وفي أي وقت كان بإمكان فريقنا التعامل مع ثلث الحالات التي نعرف عنها فقط، وكنا نعلم أننا إذا بنينا حتى كاشفا أساسيا، فمن المحتمل أن يكون لدينا العديد من الحالات.”
– تحت استجواب من ماريا كانتويل، رئيسة لجنة التجارة، أكدت فرانسيس هاوغن أن الرئيس التنفيذي لشركة “فيسبوك”، مارك زوكيربيرغ، قد تم إخباره بالتغييرات التي يمكن إجراؤها على النظام الأساسي، والتي ربما تكون قد قللت من وصول المحتوى الفيروسي الذي كان يؤجج العنف في أماكن مثل ميانمار”، في حين أنه رفضها لأنهم كانوا سيجعلون المنصة “أقل انتشارا”.
واستطردت: “بناء على مقياس “فيسبوك” المسمى “تفاعل اجتماعي هادف”.. تم تقديم قائمة من التدخلات الناعمة لمارك زوكربيرغ بشكل مباشر، حول اتخاذ خيارات مختلفة قليلاً لجعل النظام الأساسي أقل انتشارا وأقل تشوشا”، لافتة إلى أنه تم تقديم هذه الخيارات إلى مارك، واختار عدم إزالة “MSI” المصب في أبريل من عام 2020، حتى لو تم عزله فقط في البلدان المعرضة للخطر – وهي البلدان المعرضة لخطر العنف – إذا كان لها أي تأثير على مقياس “MSI” الإجمالي”.
وفي بيانها الافتتاحي، قالت الموظفة المستقيلة إن “المديرين التنفيذيين في “فيسبوك” يريدون من أعضاء مجلس الشيوخ “الاعتقاد بأنه يجب عليك الاختيار بين “فيسبوك” المليء بالمحتوى المثير للانقسام والمتطرف، أو فقدان إحدى أهم القيم التي تأسست عليها بلادنا، وهي حرية التعبير”.