رأي

محور المقاومة.. والحرب المؤجلة! (فرح موسى)

 

أ.د فرح موسى – الحوار نيوز

 

منذ طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول، ومحور المقاومة يستبعد الحرب الكبرى في الإقليم،ويرى أن حرب غزة شكّلت درسًا نموذجيًا للعدو الذي عجز عن تحقيق الانتصار،أو تصفية غزة،كما هي رغبة الإدارة الأمريكية،وهذا ما شكل أيضًا لمحور المقاومة من خلال جبهات الإسناد ،بما وفرته من دعم لغزة، رادعًا إضافيًا يمنع من الانزلاق نحو حرب كبرى،كانت كل الأطراف تتهيّب منها لما قد تحدثه من أضرار لا قِبَلَ للجميع بها.

وكلنا يذكر المساعي التي كان يبذلها وزير الخارجية الإيرانية حسين عبد اللهيان رحمة الله عليه لإيقاف الحرب،فهو لم يترك تهديدًا ولا وعيدًا إلا وصرح به محذرًا من التمادي في الحرب على غزة،وهذا ما كان يفهمه العدو من محور المقاومة،أنه لا يريد الحرب،ولا يسعى إليها،ولعل المفاوضات غير المباشرة وتدخل الوسطاء،قد أوحت هي أيضًا أن أمريكا لا تريد توسعة الحرب،فكانت الخديعة الكبرى في هذا الإيحاء الذي كان ينطوي على عزيمة أمريكية بتصفية غزة بدافع من كل قوى التطبيع العربي!

وبحق نقول:إن هذه الخديعة الأمريكية قد انطلت على الكثيرين، فصدّقوا أن أمريكا تدعو إلى المفاوضات لإطلاق الرهائن وإيقاف الحرب،ساهين عن حقيقة الدعم الأمريكي للعدو للقضاء على المقاومة في غزة،ولعل أهل السياسة يتذكّرون ما كان عليه الموقف الأمريكي لجهة التحذير من دخول رفح،ثم كانت النتيجة دعوة أمريكا لإسرائيل أن تكون حذرة في الاجتياح لرفح والتقليل من الخسائر، فبدلًا من أن تقتلوا آلاف الناس،  فاقتلوا المئات على نية الإحسان الأمريكي!!!

لا شك في أن هذا الأمر لم يكن خافيًا على محور المقاومة،بدلالة ما أعلنه قادة المحور من أن دخول رفح لن يحقق نصرًا للعدو.وهنا يطرح السؤال الجوهري المتعلق بحقيقة موقف المحور من العزيمة الأمريكية بتصفية غزة،فإذا كانوا على علم بذلك،فلماذا استمروا على إيحاءاتهم أنهم لا يريدون الحرب ولا يسعون إليها،وتركوا لأمريكا أن تطمئن في دعمها وإسنادها للعدو لكي يستمر في حربه لعله يحقق لأمريكا،وليس لإسرائيل،هدف تصفية غزة!!!

لقد اطمأنت أمريكا إلى صدقية محور المقاومة أنه لا يريد الحرب، فأخذت مجدها في إطالة أمد الحرب! كما أنه لم يكن خافيًا على أحد أن تمادي العدو في عدوانه على سوريا ولبنان وعلى القنصلية الإيرانية،كل ذلك كان مبتنيًا على أساس أن المحور لا يريد الحرب، ولو أن الرد الإيراني في الوعد الصادق حمل رسالة فعلية قاسية تنبيء العدو بحقيقة ومآل كل عدوان،لما كنا اليوم نقف أمام عدوان جديد على بيروت وطهران!؟

لقد تمادى العدو كثيرًا في ضرب مواقع محور المقاومة،وأهل السياسة والاستراتيجيا كانوا يتعايشون مع أمل نهاية الحرب،إلى أن وقع المحذور وكشف الأمريكي عن نفسه باستهداف طهران وبيروت،الذي هو بمثابة إعلان للحرب،ولا زلنا نسمع من الحمقى في السياسة مقولة التصبّر على الجراح،وعدم إفساح المجال للعدو لتوريط أمريكا في الحرب!!!

إن محور المقاومة اليوم يقف أمام تداعيات جديدة في المسعى الأمريكي،فلم يعد متاحًا له التسلح بالحكمة في زمن الهذيان والعدوان على عواصم الأحرار لقتل الشرفاء.كما على المحور أن يرد بما لا يُبقي على شبهة أنه لا يريد الحرب طالما أن العدو،سواء في الغرب،أو في الشرق،قد فهم حسن النوايا لدى محور المقاومة خطأً ما شجعه على ارتكاب المزيد من المجازر في بلاد المقاومة!

 هذه هي حقيقة الموقف،ويمكن لأهل السياسة مراجعة الأحداث ووقائعها،ليدركوا أن الحرب استمرت طويلًا بسبب الاعتماد على حسن نوايا المحور،فمتى كانت أمريكا وربيبتها إسرائيل تفهمان معنى حسن النوايا؟

 وها نحن اليوم،وقبل ردود محور المقاومة على عدوان بيروت وطهران،نقف أمام رؤية جديدة للأحداث،وذلك لجهة ما فهمه العالم المستعمر من أن الرد لن يكون مجرد تعليمة في السياسة،وإنما سيكون  له معنى:”ردوا الحجر من حيث جاء،فإن الشر لا يدفع إلا بالشر.”،فلتكن الحرب العظمى طالما أن أمريكا تناور وتخادع،وقد سبق للإمام الخميني والإمام موسى الصدر،أن أعلنا بصراحة ضرورة التربّص بهذا العدو لمنعه من العدوان،وتقليم أظافره لدرجة الصغار الهوان.

ويبقى السؤال،هل من سبيل إلى ردع استراتيجي يوقف الحرب في غزة فلسطين،ويحجب ضوء الشمس عن شذّاذ الآفاق؟؟؟.والسلام.

 

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى