محمد قجّة – الحوارنيوز
1 – لن اخوض في السيرة الذاتية للشاعر ، والعوامل السياسية والاجتماعية والثقافية التي شكلت شخصيته الوطنية الفلسطينية وحضارته العربية ، ولن اتعرض لمراحل حياته واعماله ومؤلفاته … لأن تلك امور معروفة ، والمعروف لا يُعرّف .
2 – سأتحدث بإيجاز شديد عن اللقاءات التي جمعتني بشاعرنا الكبير محمود درويش، وقد حصل أكثرها في القاهرة ، فقد كانت زياراتي متتابعة لمصر بحكم علاقتي بمكتبة الإسكندرية ومركز المخطوطات فيها ، ومارافق تلك الزيارات من ندوات ومحاضرات ولقاءات وكتابات وبرامج تلفزيونية وصحفية .
3 – كان اللقاء الاول بصحبة الصديق الروائي جمال الغيطاني الذي قدمني الى محمود درويش بتسمية – مثقف من حلب – والتقط محمود درويش المناسبة فقال لي :إنه اقام امسية شعرية في حلب عام 1997 وكان انطباعه رائعا عن سورية الحضور وحماسهم ومحبتهم .
قلت له : لقد حضرت انا تلك الامسية ، وكان مدرج كلية الآداب في جامعة حلب يغص بالجمهور جلوسا ووقوفا ، مع امتلاء الأروقة والممرات المحيطة بالمدرج . وكان محمود درويش- بالنسبة للحاضرين – يمثل القضية الفلسطينية والروح العربية والبعد الانساني النبيل .
4 – سألني محمود درويش عما إذا كنت اتابع اعماله المنشورة ومقالاته في المجلات ونشاطه العام . فقلت له: لدي كل الاعمال المطبوعة من دواوينك في مكتبتي . كذلك مجلة الكرمل ومجلة شؤون فلسطينية بكافة اعدادهما، الى جانب ديوان الاعمال الكاملة الذي نشرته دار العودة عام 1994 . وديوان الأعمال الجديدة الذي نشرته دار رياض الريس عام 2004 .
5 – وهنا عاود محمود درويش سؤاله عن اهم اعماله في رأيي ، فقلت له بلا تردد : إنه ديوانك المعجز ” لماذا تركت الحصان وحيدا” . وارى ان هذا العمل يمثل جوهر القضية الفلسطينية، كما انه يلامس جوانب من سيرتك الذاتية.
وابتسم محمود درويش مؤكدا ان هذا الديوان من احب اعماله اليه واقربها الى نفسه .
6 – اوضحت لمحمود درويش انني جمعت من دواوينه قصائده التي لها صلة بمدينتي ” حلب ” ووضعتها في الكتاب الضخم الذي أعده بعنوان ” حلب في عيون الشعراء ( تم طبع الكتاب بالتعاون مع ابني حسن ، في دارنا ” بريل ، في هولندا “وذكرت له بعض عناوين تلك القصائد التي استعان من خلالها بمرافقين يصحبونه ال حلب مثل المتنبي وابي فراس .
واورد هنا بعض الابيات من تلك القصائد المذكورة :
ا – مديح الظل العالي :
(كنا هناك ومن هنا ستهاجر العرب
قصب هياكلنا وعروشنا قصب
في كل مئذنة حاوٍ ومغتصب
يدعو لأندلس ان حوصرت حلب )
ب – من قصة الموت الذي لاموت فيه :
(قطعوا يدي وطالبوني ان ادافع عن حلب
اشعلت معجزتي وسرت فحاصروني
حاصروني .. حاصروني )
ج – من روميات ابي فراس :
( فلأكن ما تريد لي الخيل في الغزوات
فإما أميرا وإما أسيرا وإما الردى
وامشي الى حلب )
د – رحلة المتنبي الى مصر :
(قد جئت من حلب وإني لا أعود الى العراق
سقط الشمال فلا ألاقي غير هذا الدرب
يسحبني الى نفسي ، ومصر
يا مصر لن آتيك ثانية
ومن يترك حلب
ينس الطريق الى حلب
ولكن الرفاق هناك في حلب
اضاعوني وضاعوا
والروم حول الضاد ينتشرون
والفقراء تحت الضاد ينتحبون
وانا المسافر بينهم ، وانا الحصان ، انا القلاع )
7 – الصورة المرفقة في القاهرة عام 2002 . ويظهر فيها من اليمين :
محمد قجة . محمود درويش أيقونة الشعر العربي المعاصر . جمال الغيطاني الروائي العربي المصري الكبير. يحيى يخلف الأديب الفلسطيني المعروف .
* مؤرخ وباحث – سورية