محمد العبد الله: سنة ثالثة غياب
دعا الشاعر والصحافي حسن العبدالله في قناة الميادين وأصدقاء ورفاق الشاعر الراحل محمد العبدالله الى أمسية شعرية في مقهى" برلمان" الحمرا وذلك لتلاوة قصائده وذلك في السابعة والنصف من مساء السبت الواقع في 23 آذار الحالي، على طريقتهم سيحيون الذكرى .
هي السنة الثالثة على الغياب، وهو الشوق الذي دعا لهذا اللقاء على ما جاء في نص الدعوة .
ولكن هل يموت الشعراء ؟ هؤلاء الذين نزفوا شعرهم قطرة قطرة كما شعرهم حرفا حرفا؟
مات مغامرا بالواقع وبالحياة، منتشيا بالخمرة والحب، منتحرا كما يليق بالشعراء لا يشحذ يوما من حياة فائضة لا تقدم ولا تؤخر .
شاعر يشبه شعره، مسه عبث الحياة فسار خلفه بأمانة التلميذ النجيب المتمرد في آن واحد .
الشعر الحقيقي يقود الى التأمل ويصب حتما في الفلسفة، أجمل الشعراء هم الفلاسفة الذين تخطوا جمالية اللغة وانغمسوا في أسئلة الكون من هؤلاء كان محمد العبدالله.
محمد العبدالله الذي وصف جنازته في أحد نصوصه والذي وقف على ضريح والدته قائلا لن أمكث طويلا وسألحق بك أظهر زهدا واضحا بهذه الحياة رغم أنه عاشها متأبلسا متسكعا عابثا ساخرا حتى الجنون .
نصه القوي الذي ينبذ التصنيف والتأطير انفلت كجانح عصفور صغير أو باشق كبير , كل شيء في قصيدة واحدة من أقصى الحكمة حتى أعتى أنواع الجنون .
خلفيته الأكاديمية الفلسفية طبعت طريقة تفكيره ومعظم كتاباته في السياسة والصحافة والشعر .
ما سر العلاقة بين الماء والشعر؟ نبع الرقيقة وبركة الدردارة وبرك صغيرة تتجمع من فيض السماء في سندس السهل الأخضر الخيامي مصادر وحي أو أجران معمودية لشعر يشبه نور السماوات؟
كذلك كان هيجل ذلك الفيلسوف الألماني على الرغم ان شهرته في الأوساط غير المتخصصة فلسفية الا أنه عالم جمال بامتياز وكتب عن الشعر والتصوير والنّحت تحليلات عميقة، وهو ايضا شاعر، له قصائد تعبّر عن رؤاه في الكون والتاريخ، لكن كتاباته في الفلسفة والديالكتيك صرفت الانتباه عن شعريته رغم رصانتها، لكن ثقافتنا العربية التي هيمن عليها لزمن طويل تصور غنائي للعالم عزلت الشعرية عن مجالات المعرفة. كذلك كان نيتشه في "هكذا تكلم زرادشت ".
محمد العبدالله نتذكر شعرك مساء السبت القادم ونتعلم منه قيم الجمال والحب والعبث وكل ما في الكون من تناقضات .
سيرة موجزة :
في السيرة الإنسانية والعلمية لمحمد العبدالله أنه من مواليد سنة 1946 في بلدة الخيام. نال إجازة في الفلسفة من الجامعة العربية في بيروت سنة 1973، وحصل على شهادة الكفاءة في الأدب العربي من كلية التربية في الجامعة اللبنانية، وعلى دبلوم الدراسات المعمقة في الأدب العربي، وحاز على شهادة السوربون الثالثة سنة 1977. عمل في العديد من كبريات الصحف اللبنانية، وله برامج إذاعية. كما أصدر مجلة "اليوم السابع" الثقافية التي توقفت منذ زمن عن الصدور
من أبرز مؤلّفاته: "رسائل الوحشة"(شعر) دار الفارابي 1978، "بعد ظهر نبيذ أحمر… بعد ظهر خطأ كبير" (شعر وقصص) الدار العالمية 1981، " جموع تكسير" (شعر) دار المطبوعات الشرقية 1983، "حبيبتي الدولة" (تغريبة روائية) الدار العالمية 1987، "تانغو" 1987، "بعد قليل من الحب بعد الحب بقليل" (شعر) دار الجديد 1994، البيجاما المقلمة" (قصص) دار عالم الفكر 1996، "كيفما اتفق" (نصوص) دار المسار 1998، "قمر الثلج على النارنج" (شعر) دار الفارابي 1998، "لحم السعادة" (نصوص) دار الفارابي 2000، "حال الحور" (شعر) دار الفارابي 2008، "الله معك سيدنا يليها دخلك يا حكيم" (مسرحيتان) – دار الفارابي 2009، "ألف ومئة وأحد وعشر يوماً في بيروت" (سيناريو سينما) – دار الفارابي 2010، "قصائد بيروت"(شعر) دار الحرف العربي 2010، "بلا هوادة" (شعر) دار الحرف العربي 2010، و"عمال الكتابة" دار الفارابي.