محفزات الخروج من الشارع
ما أن كُلّف الدكتور حسّان دياب بتشكيل الحكومة، حتى بلغ سيل الضغط في الشارع الزبى، فزاد معها إقفال الطرقات احتجاجا، وانضمّ للشارع المزدحم أصلا بالمعترضين على من في السّلطة، أعداد وافدة جديدة، كانت حتى الأمس القريب، آنفة عن النزول إليه، ومتفرّجة عما يحصل فيه، وأولى محفّزات النزول كانت تحت مسمّى انعدام الميثاقيّة في تسمية الرئيس المكلّف، وهي بدعة سلطويّة تستخدم غبّ الطلب، لدى أطراف السّلطة المبنيّة على الطائفيّة، وثانيها (المحفّزات)، عدم الالتزام بالشّعار الإشكاليّة "كلن يعني كلن".
في القادم من الأيام سيزداد الضغط الشارعيّ، طالما المحفّزات قائمة، والدوافع موجودة، خصوصًا ما يتّصل منها بالمظلوميّة الطائفيّة، التي لن تقف عند طائفة واحدة بعينها، بل ستتعداه إلى جماهير الطوائف الثانية – خصوصا اذا ما سُمي وزراء مستفزين للغالبية في الطوائف – وسترتفع الوتيرة كلما تواترت أسماء مرشّحة للمشاركة في الحكومة، وسيختلط جمهور المظلوميّة الطائفيّة بجمهور المكتوين بنار ضغوط الأزمة الاقتصاديّة – الماليّة، ومعهم المدفوعين قصدًا للشارع من شخصيّات ساعية لإثبات وجودها شارعيّا، لتراكم اعتمادات إضافيّة، لدى دول إقليميّة، لتتبوأ سدّة السلطة لاحقا، وستتحوّل عندها البلد إلى ساحات، يسعى كلّ منها لاستقطاب العدد الأكبر من المحتجين، لتقول كلّ ساحة الأمر لي.
القوى الإقليميّة والدوليّة ستستمرّ بمراقبة ما يدور في لبنان، لن تجعله ينهار، لكنها لن تمدّ اليد لإنقاذه قبل أن تولد الحكومة العتيدة وترضى عن شخصياتها، وسياساتها، وفي الوقت عينه، ستُبقي مظلة الاستقرار الأمني قائمة، لاعتبارات إقليميّة أكثر منها داخليّة، كما ستمنع الانهيار الاقتصاديّ والماليّ، من خلال جرعات من الأوكسيجين التي لا تُحيي، لكنّها تمنع الموت.
في ظلّ ما تقدّم، سيستمرّ التأليف، وصياغة البيان الوزاريّ، ونيل الثّقة من المجلس النيابيّ، ومن ثمّ صياغة خطة تسعى لإخراج البلد مما هو فيه؛ في ظلّ ذلك، ستبقى الاحتجاجات قائمة، فإن كانت خطة الحكومة مُرضية، داخليًا وخارجيّا، وشُرع بتطبيقها، ونتائجها كانت سريعة نوعا ما، سيبدأ عندها الضّغط الشارعيّ بالتراجع، ولن يبقى فيه إلا القليل من المعارضين الراديكاليين للسلطة.