حرب غزةسياسة

مجزرة الرشيد تعقّد مشهد الصراع وسير المفاوضات (حلمي موسى)

 

كتب حلمي موسى من غزة:

أضافت “مجزرة الرشيد” التي ارتكبتها قوات الاحتلال ضد جموع الطامحين لكسر الجوع بانتظار قوافل المساعدات، تعقيدا جديدا إلى مشهد الصراع المعقد أصلا بين إسرائيل والفلسطينيين. وقاد استشهاد ما يزيد عن مائة فلسطيني وإصابة ما يقرب من ألف إلى تعقيد مفاوضات تبادل الأسرى والهدنة، وإلى تراجع الرئيس الأمريكي جو بايدن عن تفاؤله بإبرام اتفاق قبل يوم الاثنين. وقد أدانت دول كثيرة إسرائيل لارتكابها هذه المجزرة التي أظهرت عمق المأساة الإنسانية، فيما طالبت إدارة بايدن بإجراء تحقيق شامل ومعمق في المجزرة وظروفها.

وأعلن بايدن، أمس (الخميس)، ردا على أسئلة الصحفيين، أن ما وقع في غزة قد يؤدي إلى تعقيد المفاوضات من أجل إطلاق سراح الأسرى ووقف إطلاق النار. وقال : “أعرف ذلك”. وفي ما يتعلق بالحادث نفسه، قال بايدن: “نحن ننظر في الأمر الآن. هناك روايتان متناقضتان لما حدث. وما زلت لا أملك إجابة”. وأوضح أيضًا إنه يتراجع عن بيانه بشأن وقف إطلاق النار حتى يوم الاثنين: “أنا أتحدث مع القادة في المنطقة. ربما سيستغرق الأمر وقتا أطول قليلا”.  

وفي وقت سابق قال مسؤول أميركي كبير: “لقد طلبنا توضيحات بشأن الحادث الذي وقع في غزة، ولم تصلنا أي معلومات جديدة، بخلاف ما ورد في التصريحات الرسمية”. ومع ذلك قال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الامريكي لموقع “والا” إن الحادث الذي أحاط بشاحنات المساعدات في قطاع غزة يؤكد ضرورة التوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار، ما سيسمح بزيادة كمية المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة. ونحن نواصل العمل ليلا ونهارا لتحقيق هذه النتيجة. وأضاف: “هذا حادث خطير ونحن ندرس التقارير حول هذا الموضوع. إننا نحزن على الضحايا وندرك أن هناك وضعا إنسانيا خطيرا في غزة، ما يعني أن الفلسطينيين الأبرياء يبحثون فقط عن سبل للحصول على الغذاء لعائلاتهم”.

وكانت إسرائيل ادعت أن لا أساس لوقوع مجزرة، وأن ما حدث ليس أكثر مقتل فلسطينيين نتيجة تدافعهم. ونشر الجيش الإسرائيلي خلاصات لتحقيق أولي أجراه زعم أنه “نتيجة لنيران قواتنا، أصيب عدد قليل من سكان غزة، أقل من 10. هؤلاء هم سكان غزة الذين اقتربوا من دبابة تابعة للجيش الإسرائيلي على مسافة عشرات أمتار من القوة. تم تنفيذ إجراء منظم لاعتقال المشتبه به أولاً، إطلاق طلقة تحذيرية في الهواء، ومن ثم إطلاق النار على الجزء السفلي من الجسم. ولم تقع إصابات في صفوف قواتنا في الحادث. الغالبية العظمى من ضحايا الحادثة أصيبوا نتيجة سحقهم ودهسهم بالشاحنات، وقام آلاف المدنيين بنهب الشاحنات وتخريبها، وتوجهت الشاحنات إلى مراكز الإيواء الإنسانية في مدينة غزة”.

وادعى الجيش الإسرائيلي أيضًا أنه “في أعقاب التجمع العنيف لسكان غزة وحادث دهس الشاحنة وسرقتها، اقترب جزء من الحشد من قوة الجيش الإسرائيلي التي كان دورها هو السماح بنقل الشاحنات كجزء من عملية إنسانية لنقل المساعدات. وقد اقترب الحشد بطريقة عرضت قواتنا للخطر، فردت بإطلاق النار. والحادث قيد التحقيق.”

وحاول الجيش إبعاد التهمة عن نفسه بنشر صور جوية منسقة بعناية لا تظهر كيف داست الدبابات أجساد شهداء الطحين، وتركز فقط على حشودهم وتدافعهم بعد إطلاق النار عليهم. يذكر أن هناك أيضا أشرطة فيديو فلسطينية تظهر الدبابات وهي تطلق النار على الحشود وكيف تهرع الدبابات بسرعة نحوهم وتدوسهم.

في كل حال من الواضح أن مجزرة الرشيد سوف توفر أساسا لمزيد من الضغط على إسرائيل لوقف النار وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة وشمالها. ورغم التعقيدات التي أثارتها المجزرة إلا أنها من جهة أخرى قد تشكل شرارة لخطوة تسريعية تقود إلى هدنة وتبادل للأسرى على الأقل وفق متطلبات المرحلة الأولى من مقترح باريس 2.

من جهة ثانية عاد الوفد الإسرائيلي للمحادثات في قطر إلى إسرائيل كما كان مخططا له، من دون إجابات من حماس في ما يتعلق بالقضايا الأساسية في الخطوط العريضة الجديدة التي تم التوصل إليها في باريس . وإذا تم تلقي إجابات جوهرية خلال عطلة نهاية الأسبوع، فسوف يعود الوفد إلى الدوحة. وكانت أنباء عربية تحدثت أن رد حماس سيقدم للوسطاء الأسبوع المقبل.

وبحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية من المتوقع أن تستمر الاتصالات، رغم الخشية أن تؤدي مجزرة الرشيد إلى الإضرار بالاتصالات. ومع ذلك شدد رئيس الحكومة الإسرائيلية يوم أمس في مؤتمر صحفي عقده من موقفه إزاء مفاوضات الدوحة وأعلن أن إسرائيل لن تنحني أمام “مطالب حماس الوهمية”، وأشار إلى أن هذا “جدار منيع”. وبحسب قوله “لا يبدو أن حماس تحاول الاقتراب من الاتفاق على الإطلاق”. وأضاف: “دعونا نتذكر أن إسرائيل رفضت حتى الآن الالتزام بإنهاء الحرب في إطار الاتفاق، في حين أن حماس، من ناحية أخرى، ليست مستعدة للتخلي عن ذلك”.

تجدر الإشارة إلى أن الخارجية الأمريكية أعلنت أن اللقطات الجوية التي نشرها الجيش الإسرائيلي تشهد أن الوضع في غزة بائس بشكل لا يصدق، وأن الناس احتشدوا حول الشاحنات لأنهم جوعى.كما كان لافتا موقف الرئيس الكولومبي الذي أعلن أن قتل إسرائيل أكثر من 100 فلسطيني أثناء طلبهم للطعام يسمى إبادة جماعية ويذكرنا بالهولكوست. وهذه مجرد عينة من تصريحات الإدانة الدولية لمجزرة الطحين في شارع الرشيد. وواضح أن جانبا من الأزمة في شمال غزة يعود إلى رفض إسرائيل التعامل مع الأونروا التي تعتبر أكبر هيئة تستطيع تسهيل وصول المساعدات إلى مستحقيها في قطاع غزة.

من جهة أخرى أعلنت كتائب القسام أنها سوف تنشر اليوم معلومات جديدة عن مصير ثلاثة من الأسرى الإسرائيليين كانت قد أعلنت قبل شهرين ونصف عن فقدان الاتصال بالقوة القسامية التي تحتجزهم. ويعتقد أنها ستعلن إما عن مقتلهم أو مقتل بعضهم وإما عن إعادة الاتصال بالقوة وأنهم أو بعضهم على قيد الحياة. وكانت إسرائيل قد أعلنت أنه وفق ما يتوفر لديها من معلومات استخبارية ليس هناك ما يشير إلى أي تغيير في وضعهم.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى