رأي

متبنّيات أميركا : دولة الخلافة الإسلامية – “داعش” .. و دولة الخلافة النازية – “إسرائيل” (جواد الهنداوي)

 

 د. جواد الهنداوي – الحوار نيوز

 

  كلاهما ( داعش واسرائيل) وجهان لعُملة واحدة، سُبِكتْ بمصانع الصهيونية والإمبريالية ، وكُتِبَ ان تكون بلداننا ومنطقتنا سوقاً لتداولها ، رغم انها عُملة حرام دينياً وساقطة اخلاقياً ، و مثلما اندثر الوجه الاول من العُملة ( داعش ) سيندثر او سيزول وجهها الآخر  ( اسرائيل ) .

     انها مسألة وقت ،ولكنه وقت بثمن ،والثمن هو الصبر و دماء شهداء المجاز التي تُرتكب كل يوم ، ومنذ ثمانية شهور ، و آخرها مجزرة النصيرات في وسط غزّة ، قبل ثلاثة ايام .

      يحسبون(أميركا وإسرائيل) أنهم حققّوا في النصيرات انتصاراً ،و ما انجزوا الاّ خزياً وعاراً . قتلوا و جزّروا من الأطفال والعوائل الفلسطينية بالمئات ، وقتلوا من أسراهم ،وفقدوا من جندهم ومرتزقتهم ، ليحرروا اربعة إسرائيليين ، و استغلوا غدراً ومكراً  قوافل المساعدات الإنسانية ، كلجوء عصابات الإجرام والمافيا وباكو حرام و داعش إلى طرق ووسائل الإرهاب . عملية النصيرات شهادة اخرى على الشراكة الأمريكية -الاسرائيلية في كل المجازر التي ارتكبت بحق الأطفال الأبرياء في غزّة وفي الضفة ، شهادة اخرى على كذب و نفاق الرئيس بايدن .

    و العَجبْ ،هو تبادل التهاني بين الرئيس بايدن و نتنياهو ،بمناسبة تحرير الاسرى الأربعة ، و نجاح المهّمة .

  أعودُ إلى العنوان ،بعد المقدمة المختصرة ، و التي فرضتها مجزرة النصيرات ،و ضرورة تبيان  وهم الانتصار المزعوم ،لنتساءل ما العلاقة بين دولة الخلافة الإسلامية ( داعش ) ، ودولة الخلافة النازية ( إسرائيل ) ؟

    العلاقة او المقاربة تكمنُ في فرقٍ كبير ، وهذا الفرق الكبير هو ان دولة الخلافة الاسلامية تُنسبْ إلى عصابة ،إلى منظمة ارهابية ،إسمها داعش . ودولة الخلافة النازية تُنسبْ إلى ” دولة ” مُعترف بها و عضو في الامم المتحدة وهي ” اسرائيل ” ، و اكثر من هذا وذاك ، اعتبروها من صنعها ،بأنها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة وجيشها اكثر جيوش المنطقة أخلاقاً و التزاماً .

     هي ( واقصد إسرائيل ) دولة الخلافة النازية ،مع سبق الإصرار ، سواء كان التشبيه ، في المعنى الايجابي او في المعنى السلبي ! ماذا أعني في ذلك ؟

    التشبيه في المعنى الايجابي ينصرف إلى ان اغلب الاسرائليين هم ابناء و احفاد اليهود الذين قتلوا على يد النازيّة ، وكان عليهم ان يكونوا اكثر الناس حرصاً على منع تكرار مثل ما تعرضوا اليه ،لاسيما وان اجدادهم والذين نجوا من محارق النازية التجأوا إلى الدول العربية والإسلامية التي احتضنتهم و كرّمت بعضهم بهوية المواطنة . ولكن للأسف ،الذي حصل هو خلاف وعكس المتوقع والمطلوب انسانياً و حضارياً .

 والتشبيه بالمعنى السلبي يسمح لنا بالاستنتاج بأنَّ الاسرائيليين أصيبوا بداء ” العنف يولّد العنف ” ،فهم ، وهذه الحالة وفي إسرائيل يمثلون فعلاً ” دولة الخلافة النازية ” .

وليس جزافاً او من دون حق ،صدحت تصريحات لكثير من رؤساء دول و مسؤولين سياسين تقارن او تشبّه ما يقوم به قادة اسرائيل في غزّة بما قام به هتلر والنازية .

    لم ندّعْ  زوراً و بهتاناً على رعاية أميركا لدولة الخلافة الإسلامية ( داعش ) . لم يبقْ شك او ترددْ  ،بفضل توارد المعلومات والتصريحات الأمريكية ، على  أمريكيّة هذه الرعاية .  ارادت أميركا استخدام داعش و الفتنة الطائفية للإنقضاض على حركات المقاومة ضّدَ اسرائيل في المنطقة وتقويض الدول او الأنظمة السياسية الداعمة لهذه الحركات ، وفي مقدمة هذه الدول العراق وسوريّة ولبنان ، و كذلك تشويه صورة الإسلام .

   كان الهدف من بشاعة المجازر والتفنّن الداعشي في وسائل القتل والذبح والحرق و الطمر للأحياء، هو نقل صورة مشوهة للعالم عن مسلمي المنطقة ،وقدرتهم على ارتكاب اللامعقول ،كي يقارن العالم بينهم وبين” إسرائيل ، واحة الحضارة و الديمقراطية في المنطقة ” وتبيان مقدار الخطر الذي يهّدد اسرائيل ، وتبرير الدعم الأمريكي والأوربي المُطلق لاسرائيل !

 ولكن ،سرعان ما ظهر الحق و اندحر الباطل ، ولم يُصب الرأي العام الدولي بميكروبات داعش عن ابناء المنطقة و حضاراتهم ودياناتهم ، والفضل يعود إلى ادراك الشعوب بأنَّ داعش هي صناعة صهيونية وبرعاية أمريكيه- غربية ، و بأنَّ احتضار داعش والإرهاب كان على يد وتضحيات ابناء المنطقة ، وفي مقدمتهم ابناء العراق و سوريّة ولبنان .

  دولة الخلافة الإسلامية، تسميّة مُظلِّة ،حيث لا دولة ولا خلافة و لا إسلام ، ولكن نسبوها إلى مجرم حقيقي و راع حقيقي .

دولة الخلافة النازية ،تسميّة صحيحة وواقعية حيث دولة ( إسرائيل ) ، و خلافة لحكمٍ نازي سادَ و مضى و يتجدد اليوم في غزّة ، وبمشاركة ورعاية أمريكية .

 * سفير عراقي سابق.رئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات /بروكسل  

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى