“مبروك ” السلم وانتاج الغاز للعدو ..ولنا الوعود في دولة متحللة (علي يوسف)
كتب علي يوسف
في لقائنا الأخير مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، ولدى سؤاله عن موضوع ترسيم الحدود البحرية قال : ” اهم ما فعلناه هو ترسيم الحدود البحرية ، لأننا بذلك حققنا هدفين ، الاول السلم وعدم حصول حرب وثانيا الانتاج ” !!!
سألتُه على الفور : لمن تحقق السلم والانتاج ؟؟!!
اجاب للبنان طبعا !!!
فقلت له :هذا غير صحيح.. صحيح حققنا السلم والإنتاج، ولكن ليس لنا، بل للكيان الغاصب…!!! نحن من هددنا بالحرب ،وبنتيجة الترسيم تراجعنا فتحقق للكيان الغاصب السلم، ونحن من منعنا اقدام الكيان على انتاج الغاز، وبنتيجة الترسيم بدأ بالانتاج فورا ….!!!
في الحقيقة نحن نجحنا باستعراض قوة وتأكيد ان العدو الاسرائيلي يحسب حسابا لتهديداتنا … الا انه عدا ذلك وفي مقابل اعترافنا بالدولة الاسرائيلية الذي اكده ترسيمنا الحدود معها وليس مع فلسطين ،وإن لم يترافق ذلك مع علاقات وتطبيع …
وكذلك في مقابل قبولنا بالشراكة مع هذا العدو في حقل قانا ،ولو كان قبولا لم يتضمن شراكة مباشرة ،وانما جاء احتياليا عبر شركة “توتال” …
وكذلك في مقابل قبولنا بتبادل المعلومات حول اكتشافات الغاز على كامل المياه الاقليمية للبلدين ، ولو احتياليا عبر ما سُمي ” الوسيط الاميركي ” …
وكذلك في مقابل اعترافنا بأن الاميركي ” وسيط نزيه “،وهو الذي يحاصرنا ويحرمنا من الكهرباء، واستطاع عبر عملائه في الحكومة ومصرف لبنان والمصارف افقار الشعب اللبناني واذلاله …
في مقابل كل ذلك حصلنا على وعد ، مجرد وعد ، من شركة “توتال” ،الشريكة للعدو بأن تستأنف التنقيب والحفر في البلوك ٩ الذي يحوي ما يسمى “حقل قانا” الذي لا نعرف عنه شيئا حتى الآن .. وعلى ان يبدأ الاستكشاف حسب “توتال” في نهاية العام ٢٠٢٣ على امل ان يتم الانتاج في حال وجود الغاز بعد ٥ الى ٧ سنوات … وهذا كله طبعا من دون اي حديث او تفكير حول من يقرر كيف سيتم تسويق الغاز الذي للاسف نضطر اعترافا بالحقيقة ان نسميه الغاز اللبناني – الاسرائيلي ، وبواسطة اي انابيب ولأي زبائن ..؟ ووفق اي منظور للأمن القومي الذي يبدو ان السلطة اللبنانية واطرافها السياسية لا تعرف ماذا يعني، ولا تعرف ان النفط والغاز سلعتان استراتيجيتان يدخل التعاطي في شأنهما من ضمن منظور الامن القومي ؟!
وما يزيد في الطين بلة ،اننا قبلنا أن يكون الضامن للاتفاق هو الولايات المتحدة الاميركية التي لا يمكن ان تؤتمن على اي تعهد من قبلها ،ناهيك عن انها ما تزال تحاصرنا وتعمل على افقارنا واذلالنا خدمة للعدو الذي أمّنا له السلم وانتاج الغاز ،ولا حاجة بالطبع للتدليل على نكوث الولايات الاميركية بتعهداتها، فالأمثلة لا تعد ولا تحصى ولعل آخرها الاتفاق النووي مع ايران….
وما يدعو للكثير من الاحباط ان ” السلطة الموحدة” في لبنان استخدمت اكبر بروباغاندا مستفيدة من الحصار الاميركي ونتائجه ،لوضع الناس في اجواء ان لا حل للبنان الا بترسيم الحدود البحرية مع العدو .. وكأن الانتاج سوف يبدأ بعد توقيع الاتفاق .. في حين انه لو قُدِر للاتفاق ان ينفذ فلن نرى الانتاج قبل ٧ سنوات على الأقل، هذا اذا كان هناك دولة قادرة على وضع اتفاقات التسويق، من الانتاج الى النقل الى البيع، وليس دولة ساقطة اخلاقيا ومتحللة ولا يُعرف كيف يمكن اعادة بنائها وعلى اي اسس وعلى اي مفاهيم وانظمة ،من الامن القومي الى النظام السياسي الى النظام الاقتصادي الى الانظمة الاجتماعية .. هذا اذا توافرت القوى السياسية القادرة على الوصول الى هذا البناء ….
لقد نجح الاميركي في اجبارنا على العودة الى الطاعة، فقراء نستعطي المساعدات، ومن الجهات التي يُحددها هو لنا، ومنع حتى اختيار الجهة التي نستعطي منها.وكل ذلك ونحن نرفع يافطة انتصرنا !!
“لا نسأل رد القضاء.. بل اللطف فيه”