أسهمإقتصاد

ما هي أسباب ارتفاع اسعار “اليوروبوندز”؟(عماد عكوش)

 

بقلم الدكتورعماد عكوش – الحوارنيوز

سندات اليوروبوندز هي سندات دولية قامت بإصدارها الحكومة اللبنانية بالدولار الأمريكي وتخضع لقوانين دولية . هذه السندات كانت جزءًا أساسيًا من عملية تمويل الدولة اللبنانية على مدار سنوات ، وقد أعلن لبنان عن أول تخلّف عن سداد هذه السندات في مارس 2020 عندما كان مستحقًا عليه سداد 1.2 مليار دولار .

هذا الإعلان جاء نتيجة للأزمة الاقتصادية والمالية والتي وصلنا اليها نتيجة لعوامل متعددة ابرزها الفساد في السلطة ، وقد بلغت قيمة هذه السندات نحو 31.3 مليار دولار، موزعة بين المصارف المحلية بحصة 13.8 مليار دولار، ومصرف لبنان (5 مليارات)، فيما حصة المستثمرين الأجانب نحو 12.48 مليار دولار ، لكن تلك «التوزيعة» تغيّرت بتأثير تطورات الأزمة التي دفعت المصارف المحلية إلى بيع المستثمرين الأجانب سندات بنحو 9.8 مليار دولار، بسعر منخفض ، وارتفعت بذلك حصتهم إلى 22.3 مليار دولار.

  وقد دخل لبنان سنته الخامسة ، منذ توقفه عن دفع الأقساط المستحقة من دون أن يتحرك الدائنون لتحصيل أموالهم خلال السنوات الأربع الماضية ، وكذلك لم تتحرك الحكومة اللبنانية لمفاوضة الدائنين والاتفاق معهم على إعادة الجدولة ، وبما أن شروط عقود هذه السندات قد حددت لحامليها فترة 5 سنوات للمطالبة بالفوائد، و10 سنوات للمطالبة بأصل الدين، منذ تاريخ التوقف عن الدفع، لذا يمكن للدائنين أن يرفعوا دعاوى ضد الدولة اللبنانية أمام محاكم نيويورك، قبل 9 مارس 2025، حتى لا يفقدوا حقهم في الفائدة، والتي تقدر حتى الآن بنحو 14.2 مليارات دولار.

في ما يتعلق بأسعار هذه السندات، فقد شهدت في السوق الثانوية انخفاضًا كبيرًا بعد التخلّف عن السداد ، في تموز 2024 ، فكانت أسعارها تتراوح بين 5-7 سنتات لكل دولار من القيمة الاسمية ، لكنها شهدت ارتفاعًا طفيفًا لتصل إلى حوالي 7 سنتات في منتصف تشرين اول 2024 ، ويصعب العثور على أي تطوّر اقتصادي إيجابي شهدته الأسواق خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، لتبرير هذه الارتفاعات في قيمة السند. بل وخلال هذا الفترة بالتحديد، شهد لبنان زيارة بعثة صندوق النقد الدولي، التي أفضت إلى خلاصة مفادها أنّ لبنان مازال بعيدًا عن تحقيق المطلوب لدخول برنامج الصندوق، الذي يفترض أن يتوازى مع مفاوضات إعادة هيكلة الدين العام .

 ويُعزى هذا الارتفاع إلى عوامل متهددة منها :

-      توقعات متفائلة بإعادة هيكلة الديون وزيادة الطلب من مستثمرين يبحثون عن فرص في السندات منخفضة القيمة.

-     يراهن الدائنون على كسب الدعاوى أمام القضاء الأميركي، وحجز أصول الدولة، بما فيها كمية الذهب المودعة في الولايات المتحدة، وذلك وفق شروط «اليوروبوندز».

-     الحديث مؤخراً عن إمكان إقدام لبنان على تكليف أحد المصارف الأجنبية لشراء كمية من هذه السندات لحساب الدولة ، ساهم ذلك في رفع السعر بين المضاربين إلى نحو 7 سنتات. وفي حال تمت عملية الشراء، يمكن إطفاء جزء كبير من الدين الخارجي، وتحقيق وفر للخزينة.

-     جزء من الموازنة اللبنانية لعام 2024 يتضمن حوالي 352 مليون دولار لمواجهة استحقاقات ديون، ويُعتقد أن هذا البند قد يُستخدم بشكل غير مباشر لشراء السندات من السوق الثانوية بأسعار منخفضة، ما قد يخفف من العبء المالي على الدولة ويساعد في تحسين شروط إعادة الهيكلة المحتملة.

-     الفوائد المتراكمة غير المدفوعة تؤثر على سعر سندات اليوروبوندز اللبنانية في السوق الثانوية، حتى بعد التوقف عن الدفع . على الرغم من التخلّف عن السداد، تستمر الفوائد في التراكم بناءً على شروط السند، وهذا يؤثر على التسعير لأن المستثمرين يأخذون في الاعتبار تلك الفوائد المستحقة عند تقييم القيمة الحقيقية للسند.

-     بالإضافة إلى ذلك ، تضمنت الموازنة بنودًا تشير إلى وجود خطة مالية واضحة لسداد الفوائد أو التفاوض مع الدائنين ، قد يؤدي ذلك إلى تحسين توقعات السوق بشأن احتمالية استرداد الديون، وبالتالي زيادة الطلب على السندات وارتفاع أسعارها. لكن يجب الأخذ في الاعتبار أن هذه الزيادات المحتملة في الأسعار تعتمد أيضًا على التقدم في إعادة الهيكلة والاتفاق مع الدائنين.

الايام القادمة بالتأكيد ستحسم هذا الامر، وان كنا نعتقد بأن عملية التفاوض لإيجاد تسوية ما زال بعيد المنال بسبب الظروف الامنية الحالية ، والبيروقراطية التي يعاني منها النظام اللبناني بسبب الخلافات السياسية الكبيرة بين الاطراف السياسية من ناحية، وبسبب الفساد الذي ينتشر على كل المستويات داخل السلطات السياسية والادارية والقضائية ، لذلك أعتقد بأن الظروف لغاية اليوم لم تتهيأ لذلك ولم تنضج التسوية لهذا الموضوع.

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى