ما بين تونير و فيروز…
اكرم ناظم بزي*
الأول اسم حاملة الطائرات المروحية التي انطلقت من القاعدة البحرية في مرفأ تولون جنوب شرق فرنسا لترسو في مرفأ بيروت عقب التفجير الآثم، والثاني اسم السيدة فيروز أيقونة الفن اللبناني والعربي، والتي انفردت وتربعت على عرش الفن العربي منذ عقود في منطقة الرابية شرق مدينة بيروت.
حرص الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ثاني زيارة له الى لبنان بعد تفجير المرفا ان يبدأ زيارته للسيدة فيروز، ولكن قبل الزيارة حرص أيضا على أن تسبقه حاملة الطائرات "تونير" بحجة تقديم المساعدات وتقديم الخبرات الفرنسية والتحقيق بما جرى. السفارة الفرنسية في بيروت عملت على اعداد ملف متكامل حول الوضع في لبنان، يكاد يكون كتاب "تاريخ لبنان" منذ رحيل الجنرال غورو عن لبنان لغاية الآن.
وهنا تحضرني حادثة سجلها التاريخ العربي، فبعد الانتداب البريطانى فى فلسطين، ودخول القوات الفرنسية دمشق، قام قائد القوات الفرنسية فى الحرب العالمية الأولى، الجنرال هنرى غورو، بالتوجه نحو ضريح صلاح الدين الايوبى، وذلك حسبما ذكر اللواء راشد الكيلاني فى مذكراته، وقال: «يا صلاح الدين انت قلت لنا ابان حروبك الصليبية: انكم خرجتم من الشرق ولن تعودوا اليه، وها نحن عدنا فانهض لترانا فى سورية".
تبدو الدوائر الفرنسية قد وجدت أنه قد حان الوقت الآن لاعادة التموضع في لبنان، ليس فقط لإنه الأبن المدلل لدى الفرنسيين، بل لتجعله الانطلاقة نحو البحر الأبيض المتوسط والتمركز في أهم نقطة استراتيجية به.
ما بين "فيروز" و"تونير" دلالات خطيرة، ليس أقلها ضبط ايقاع عمليات التطبيع في المنطقة على أنغام صهيونية، لأن لبنان يعتبر رأس الحربة في مقاومة العدو الصهيوني، من جهة ومن جهة ثانية منع الطريق على تركيا وأيضا منع ادخال "الديناصور" الصيني و"الدب" الروسي والانفتاح نحو الشرق… أهداف عديدة والشرك واحد.
لا شيء بالمجان أيها السادة. علمتنا التجارب أن كل شيء مهما بدا في نظرنا سخيفاً قد يكون صحيحاً في يوم من الأيام عندما تتبدل الحسابات والمقاييس، حذار من "كمامات" و"قفازات" ماكرون فهي تخفي ما تخفي من ويلات "آل روكفيلر". وما ادراك ما "روكفيلر".
*صحافي وباحث لبناني. يكتب في الادب والسياسة. عمل في الصحافة اللبنانية والعربية ،لا سيما في دولة الكويت وهو عضو في جمعية الصحافيين الكويتية، ونقابة مخرجي الصحافة اللبنانية.