بقلم د.عماد عكوش-الحوار نيوز
أخيرا صدر عن مصرف لبنان التعميم الذي أنتظره الكثير من أصحاب الودائع بالعملات الأجنبية ، والذي يعيد ولو جزءا يسيرا من ودائع الناس ويخفف من وطأة الأزمة االأقتصادية الحالية ويعيد ضخ الدولار في السوق .وقبل البناء على أهم ما جاء في هذا التعميم نلفت الأنتباه ألى أهم ما جاء في هذا التعميم :
في المادة الأولى : سوف يتم دفع جزء من الودائع المكونة كما في 31 تشرين أول 2019 شرط أن يكون رصيد 31 أذار 2021 يسمح بذلك ، وأن يكون الرصيد متوفرا بتاريخ صدور التعميم .
في المادة الثانية : يتم جمع كافة حسابات العملات الأجنبية لنفس صاحب الحساب في مجموع واحد ويتم على أساسه القرار بحيث يستفيد مرة واحدة من المجموع ، ويتم حسم ما تم تحويله من حسابات الليرة اللبنانية بعد 31 -10-2019 ، كما يتم حسم حسابات التسهيلات والقروض بالعملة الأجنبية ، كما يتم حسم الضمانات النقدية المقدمة كضمانة على قروض وتسهيلات بالعملات الأجنبية .
كما لا يستفيد الأشخاص الذين لم يلتزموا برد 15 بالمئة من تحويلاتهم للخارج أو 30 بالمئة الخاصة بالأشخاص المقربين والمعرضين والواردة في التعميم 154 .
كما لا يستفيد من التعميم 158 المستفيد من أحكام التعميم 151 الخاص بالسحب على سعر المنصة سعر 3900 ليرة للدولار .
في المادة الثالثة : سوف يتم أجراء أحصاء من قبل المصارف بأصحاب الحسابات المستفيدة ، وعلى كل شخص يود الأستفادة من أحكام التعميم 158 أن يطلب من المصرف العميل فتح حساب خاص مساعد لهذا الموضوع ، ويتم تحويل مبلغ بحد أقصى 50 ألف دولار منه أو الرصيد الكامل في حال كان الرصيد أقل من 50 الف دولار ، وفي حال تعدد الحسابات يمكن لصاحب العلاقة أختيار الحساب الذي يريد التحويل منه.
يتم رفع السرية المصرفية عن هذا الحساب ولا يتم أحتساب فوائد ولا عمولات عليه سواء كانت لصالح صاحب الحساب أو المصرف .
في المادة الرابعة : تم تفصيل عملية السحب من الحساب الخاص والذي جاء التفاصيل على الشكل التالي :
– سحب 400 دولار نقدي مع أمكانية وضعه في حساب Fresh أو تحويله للخارج او سحبه عبر بطاقة ممغنطة في الخارج ضمن حد أقصى سنوي 4800 دولار .
– سحب 400 دولار أخرى يتم سحبها بالليرة على سعر منصة صيرفة ، نصفهم نقدي والنصف الأخر يتم أستعماله عبر بطاقة مصرفية لتسديد سحوبات مشتريات ، ضمن حد أقصى أيضا” 4800 دولار سنويا” .
– يمكن تراكم الرصيد في حال عدم السحب ويبقى حق مكتسب لصاحب الحساب .
– يمكن السحب من الحساب بأي وسيلة مصرفية .
في المادة الخامسة : تم تفصيل كيفية تأمين هذه السيولة
– تم تأمين السيولة مناصفة بين مصرف لبنان والمصارف التجارية .
في المادة السادسة : تم التذكير بالشروط الأساسية لكيفية تأمين السيولة
– أمكانية أستعمال السيولة الخارجية مؤقتا” مع ألزام المصارف أعادة تكوين هذه السيولة بتاريخ 31-12-2022 كحد أقصى .
– عدم أستعمال السيولة الناتجة عن حسابات Fresh .
– عدم استعمال الحسابات المعادة بموجب التعميم 154 .
في المادة السابعة : تحدث التعميم عن أنشاء مركزية لدى مديرية المصارف في مصرف لبنان لمتابعة هذا الموضوع وفرض عليها أصدار تقارير دورية حول نشاطها وتفاصيل العمليات .
في المادة الثامنة : تحدثت عن العقوبات على المصارف المخالفة لأحكام هذا التعميم .
في المادة التاسعة والعاشرة : تحدثت عن مسؤولية لجنة الرقابة ومفوضي المراقبة بالتأكد من صحة تطبيق هذا التعميم وأعلام الحاكم بالمخالفات .
في المادة الحادية عشر : حددت تاريخ بدء مفعول هذا التعميم وهو 30-6-2021 ولأي مدة وهي سنة قابلة للتجديد وبقائها سارية المفعول على أرصدة الحسابات المحولة الى الحسابات الخاصة لحين سحبها .
أما بالنسبة لتأثيرات هذا التعميم فتأثيراته تتوزع على الشكل التالي :
أولا” تأثيره على أصحاب الودائع والودائع :
يبلغ عدد الحسابات المصرفية في المصارف التجارية كما في 28 شباط 2020 حوالي 2774014 حساب منهم 1715283 حساب دون 3000 دولار تم أقفال هذه الحسابات العام الماضي بموجب تعميم خاص صادر عن مصرف لبنان ، ومع أقفال الكثير من الحسابات نتيجة السحوبات النقدية خلال السنتين الماضيتين أو من خلال تصفية بعض الحسابات المدينة مقابل حسابات دائنة ، أضافة الى وجود عدة حسابات لنفس الشخص ، كل هذه الأحداث والمعلومات تؤكد أن عدد المستفيدين من هذا التعميم الجديد لن يتجاوزوا 500 الف حساب .
هؤلاء سيستفيدون من تحرير حوالي 9600 دولار سنويا” ، ومن المقدر تمديد العمل بهذا التعميم لمدة خمس سنوات . ومن المقدر أن تبلغ الكلفة في السنة الأولى لهذا التعميم حوالي 2.4 مليار دولار نقدي وما يعادله بالليرة اللبنانية على سعر منصة صيرفة ، على أن تتناقص الكلفة في السنوات اللاحقة بفعل أنخفاض عدد الحسابات المستفيدة والتي يتم أقفالها والتي لا تزيد عن 50 الف دولار .
ثانيا” تأثيره على الكتلة النقدية بالليرة :
تبلغ الزيادة الشهرية اليوم في الكتلة النقدية بالمتوسط حوالي 2000 مليار ليرة لبنانية ، والمؤمل أن تنخفض هذه الكتلة مع طرح منصة صيرفة وبيع الدولار للتجار ولمن يحتاج وفق الشروط المنصوص عليها في التعميم 149 ، وقد أنخفضت فعلا” هذه الزيادة النصف شهرية من حوالي ألف مليار الى 559 مليار ليرة في النصف الثاني من شهر أيار 2021 .
بما أن التعميم 158 يمنع الأشخاص الذين يستفيدون من التعميم 151 بمعدل ألف دولار بسحبه على سعر 3900 ليرة لبنانية ، هذا يعني أن عدد المستفيدين كما طرحنا 500 الف حساب كانوا يتقاضون حوالي 1950 مليار ليرة ، بينما بحسب التعميم الجديد فسيتم سحب نقدا” بالليرة اللبنانية حوالي 1200 مليار ليرة نقدا” ، ونفس المبلغ عبر بطاقات مصرفية وليس نقدا” ويبقى الرصيد ملك صاحب الحساب حتى ولو لم يتم أستعماله خلال الفترة الحالية .
هذا يعني أن تأثير الكتلة النقدية الأضافية لن يكون كبير وهي لن تزيد بكل الأحوال عن تأثير التعميم 151 كما بينا سابقا” ، وفي حال تدخل مصرف لبنان عبر منصة صيرفة وشراء الليرات بسعر 12000 ليرة للدولار الواحد ، وضخ الدولار في السوق ، فهذا سيؤدي الى خلق نوع من التوازن بين العرض والطلب ، خاصة أيضا” في موسم يعد مصدر أساسي لضخ العملة الصعبة وهو موسم السياحة والأسطياف .
ثالثا” تاثيره على عمل المصارف وسيولتها :
بالتأكيد ما جاء في التعميم يساعد المصارف على أعادة تنشيط عملها وهي التي تستفيد اليوم من الفوائد التي تقبضها على ودائعها في مصرف لبنان وعلى تسليفاتها لعملائها ، بالمقابل هي لا تدفع سوى القليل أو لا تدفع أية فوائد على ودائع عملاء المصارف ، مما يجعلها تحقق أرباح طائلة ، أما لناحية السيولة فمصرف لبنان سيساعد هذه المصارف من خلال تحرير 1 بالمئة من الأحتياطي الألزامي أي ما يعادل حوالي 1.1 مليار دولار في حين تبلغ حصة هذه المصارف حوالي 1.2 مليار دولار ، مما يعني أن هذه المصارف ستتكلف حوالي 1.3 مليار دولار يمكن تأمينها من خلال 3 بالمئة الخاصة بالتعميم 154 .
رابعا” تأثيره على أحتياطي العملات الصعبة لدى مصرف لبنان :
كما أوردنا في البند الأول فأن حجم السحب الشهري بالدولار سيكون 400 دولار ، يعني سنويا” حوالي 4800 دولار ، وفي حال أستفادة 500 الف مودع يصبح المجموع 2.4 مليار دولار ، سيتم تمويل هذه السحوبات مناصفة ما بين مصرف لبنان والذي سيقوم بتحرير جزء من الأحتياطي الألزامي بمعدل 1 بالمئة في حين تقوم المصارف بتأمين الصف الأخر من 3 بالمئة من سيولتها الخارجية على أن تقوم بأعادة تصحيح وضع السيولة في مهلة أقصاها 31-12-2022 ، هذا يعني أنه سيحصل أنخفاض مؤكد في هذا الأحتياطي بقيمة لا تقل عن 1.2 مليار دولار سنويا” .
خامسا” تأثيره على التحويلات الى الخارج :
هذا التعميم لن يمنع التحويلات وتهريب الودائع للخارج وستبقى أستنسابية التحويل والتهريب قائمة بانتظار أقرار قانون يمنع هذه الأستنسابية ، وهنا المشكلة الكبرى والتي لن يحلها ألا أقرار قانون شامل يصدر عن المجلس النيابي وهو قانون الكابيتال كونترول .
سادسا” : لقد ضرب هذا التعميم أصحاب الحسابات المحولة من الليرة اللبنانية الى الدولار الأميريكي أو تلك المكونة بشيكات مصرفية خلال فترة الأزمة فمنع عنها الأستفادة من هذا التعميم وتقدر قيمة هذه الودائع بحوالي 15 مليار دولار أميريكي ، كما فرض على البنوك أعادة تكوين 3 بالمئة كسيولة خارجية لدى المراسلين في مهلة أقصاها 31-12-2022 مما يعني أعادة أستعمال نفس الأداة السابقة والتي لجأت أليها المصارف من خلال عملية بيع شيكات مصرفية بسعر 27 بالمئة نقدا” لتعزيز هذه السيولة وذلك بسبب استمرار عدم الثقة في القطاع المصرفي والمستمرة دون أيجاد الحلول لهذا الأمر .
أن تطبيق هذا التعميم سيمكن المصارف من أقفال العدد الأكبر من الودائع الصغيرة خلال فترة سنتين على الأكثر مما يتيح للمصارف ، لمصرف لبنان ، وللحكومة اللبنانية لاحقا” أمكانية التفاوض مع عدد أقل من المودعين للوصول الى حل معقول لتوزيع الخسائر فيما بينها بعيدا” عن التحركات الشعبية والشعبوية ، فهل سيتم أستكمال هذه الأجراءات عبر أقرار بقية القوانين المطلوبة وفي مقدمتها قانون الكابيتال كونترول ؟
زر الذهاب إلى الأعلى