الحوارنيوز*- بالتزامن مع النهار العربي
يتابع المواطن اللبناني المغلوب على أمره شؤون الدولة من ألفها الى بائها. لا شك في أنه يتساءل يومياً عن تداعيات الطعن في قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب المعدل، والخوف الحقيقي هو من الوقوع في المحظور بالتمديد، الذي يعكس صورة سوداوية وموحشة جداً لواقع الديموقراطية ومسارها، وانزلاق البلد ومؤسساته في متاهة التمديد وانعكاسه على ديمومة البلد ككل.
“النهار العربي” طرح هذه الهواجس في حوار مع الأستاذ الجامعي والمحامي الدولي البروفسور أنطونيوس أبو كسم، تناول المفاعيل القانونية والسياسية للطعن في هذا القانون، ومصير الحكومة الميقاتية المناط بها تنظيم الانتخابات إذا فرض هذا السيناريو.
ولاية المجلس
مهد أبو كسم لحديثه عن هذه القضية الملحة، مذكراً بأنه “كما هو معلوم، تنتهي ولاية مجلس النواب الحالي في 21 أيار/مايو 2022″، مشيراً الى أنه “بحسب المادة 42 من الدستور اللبناني، يجب أن تجرى الانتخابات العامة لتجديد هيئة المجلس في خلال الستين يوماً السابقة لانتهاء مدة النيابة، وتالياً، يجب أن تجرى الانتخابات النيابية في الفترة الممتدة من 20 آذار/مارس وحتى 20 أيار/مايو من عام 2022”.
وأوضح أنه “استناداً الى المادة 57 من الدستور، وبموجب المرسوم الرقم 8421 الصادر في تاريخ 22 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، أعاد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون القانون الرامي الى تعديل بعض مواد القانون الرقم 44 تاريخ 17/6/ 2017 الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس النواب، لإعادة النظر فيه والمصدق من مجلس النواب في تاريخ 19/10/2021، إلا أن مجلس النواب عاد في جلسة عامة بتاريخ 28 تشرين الأول/أوكتوبر 2021 وأكد التعديلات التي أقرها سابقاً بأغلبية النواب الحاضرين، وصدر في الجريدة الرسمية – ملحق العدد 43 – بصفة قانون نافذ حكماً من دون توقيع رئيس الجمهورية، وفقاً للقانون الرقم 8 الصادر بتاريخ 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2021″، مشيراً الى أنه “تالياً، منذ تاريخ 3 تشرين الثاني /نوفمبر، وخلال مهلة خمسة عشر يوماً، يعود لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء أو عشرة أعضاء من مجلس النواب على الأقل، مراجعة المجلس الدستوري في ما يتعلق بمراقبة دستورية القانون الرقم 8/2021”.
ولفت الى أنه “نتيجة مراجعة الطعن أمام المجلس الدستوري تتمحور حول ثلاث احتمالات، وهي أن يعلن المجلس الدستوري أن القانون مطابق أو مخالف كلياً أو جزئياً للدستور،” مشيراً الى أنه “إذا قرر المجلس الدستوري أن النص موضوع المراجعة مشوب كلياً أو جزئياً بعيب عدم الدستورية، فإنه يقضي بإبطاله كلياً أو جزئياً بقرار معلل يرسم حدود البطلان”.
وتوقف عند المعطيات السياسية المتوافرة، مشيراً الى “أن “تكتل لبنان القوي” سيتقدم بمراجعة أمام المجلس الدستوري للطعن في دستورية القانون الرقم 8 المتضمن تعديلات لقانون انتخاب أعضاء مجلس النواب 44/2017، ومن المفترض أن تقدم المراجعة قبل تاريخ 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، ومن المفترض أن يصدر المجلس الدستوري قراره في مهلة لا تتخطى الثلاثين يوماً، تشمل المهلة الممنوحة للمقرر ومهلة الدعوة لتقديم التقرير ومهلة المذاكرة، أي عملياً قبل 19 كانون الأول/ديسمبر 2021.
الدعوة الى الانتخابات
ما هي القرارات التالية الممكنة؟ أجاب أنه “فور تسجيل المراجعة في قلم المجلس الدستوري، يدعو رئيسه المجلس فوراً لدرس ما إذا كان يقتضي تعليق مفعول النص موضوع المراجعة، إلى حين البتّ بأساس المراجعة”، مشيراً الى “أنه تالياً، إذا قرر المجلس تعليق مفعول القانون 8/2021، يترتب على مجلس الوزراء ووزير الداخلية ووزارة الخارجية والمغتربين عدم اتخاذ أي إجراء يتعلق بالدعوة الى الانتخابات أو اتخاذ أي قرار تنظيمي بشأنها”.
وعرض لدور المجلس الدستوري المؤلف من عشرة أعضاء، مشيراً الى أن “المجلس لا يعتبر منعقداً بصورة أصولية إلا بحضور ثمانية أعضاء على الأقل. أما قراراته فتتخذ بأكثرية سبعة أعضاء على الأقل في المراجعات المتعلقة بالرقابة على دستورية القوانين”.
وشدد على أن “النصاب المحدد لاجتماعات المجلس الدستوري، قد يكون عائقاً للبت بمراجعة الطعن المفترضة للقانون الرقم 8/2021،” مشيراً الى “أنه إذا تغيب ثلاثة أعضاء عن المذاكرة بعذر “مشروع”، وانقضت مهلة الخمسة عشر يوماً للمذاكرة، وإذا لم يصدر القرار ضمن المهلة القانونية للمذاكرة، يكون النص المطعون به ساري المفعول”.
وقال: “يؤدي تعطيل نصاب المجلس الدستوري، أو تصويت أربعة أعضاء ضد مشروع القرار أو امتناعهم عن التصويت، إلى سريان مفعول القانون المطعون به، وكأن المراجعة لم تكن”، مذكراً بأن “هناك أسبقية يمكن الارتكاز عليها لتعطيل المجلس الدستوري كما جرى في حزيران/يونيو 2013، عندما تغيب ثلاثة أعضاء من المجلس لعدم تأمين نصاب الجلسة التي كانت مخصصة للنظر بالطعن المقدم بتمديد ولاية مجلس النواب”.
الطّعن
ورداً على سؤال عن المفاعيل القانونية لقرار إبطال المجلس الدستوري قانون الانتخابات التي يجب إجراؤها قبل 21 أيار/مايو 2022، قال أبو كسم: “بطبيعة الحال، سيتحول تصويت المغتربين لـ128 مرشحاً إلى التصويت لـ6 مرشحين حصراً، وهنا يقتضي تنظيم تصويت المغتربين وتنظيم طلبات ترشيح المرشحين للمراكز الستة. كما تسقط كل المهل المعدلة للقانون 44/2017 وتطبق تالياً المهل القديمة وسيعود لمجلس الوزراء حصراً تحديد موعد جديد لإجراء الانتخابات من دون تحديد فترة زمنية أو شرط معين غير تلك التي نص عليها الدستور اللبناني، وتالياً لا شيء يمنع مجلس الوزراء من تأكيد موعد 27 آذار /مارس مثلاً”.
وعما إذا كان عدم اجتماع حكومة الرئيس ميقاتي يشكل عائقاً لإجراء الانتخابات النيابية، أكد “على سبيل المثال لا الحصر، أن مجلس الوزراء هو الذي يعين أعضاء هيئة الإشراف على الانتخابات، بما أن ولاية الهيئة القديمة انتهت في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2018″، مشيراً الى “أن الهيئات الناخبة تدعى بمرسوم ينشر في الجريدة الرسمية، على أن تكون المهلة بين تاريخ نشر هذا المرسوم واجتماع الهيئات الناخبة تسعين يوماً على الأقل، أي إذا كان تاريخ 27 آذار /مارس2022 هو التاريخ المعتمد، فيجب صدور مرسوم دعوة الهيئات الناخبة قبل 27 كانون الأول /يناير 2021”.
ماذا عن انحلال مجلس النواب؟ قال: “لا يعتبر مجلس النواب منحلاً إذا فقد أكثر من نصف أعضائه، فإذا حصل الشغور قبل انتهاء ولايته بستة أشهر، وجب إجراء انتخابات فرعية وفقاً للقانون النافذ الإجراء”.
أضاف:”أما إذا فقد البرلمان أكثر من نصف أعضائه، وما زال من ولايته أقل من ستة أشهر، فليس هناك من نص يفرض انتخاب أعضاء جدد أو اعتبار المجلس منحلاً، بل يكون مجلس النواب معطلاً إلى حين انتخاب مجلس جديد”.
ورأى أنه “في حال استفحال الأزمة الاقتصادية، وفي حال تعثر برنامج مساعدة صندوق النقد الدولي بسبب الأزمة الدبلوماسية مع الخليج، قد يلجأ مجلس النواب إلى التمديد لنفسه، خصوصاً أن بعض الأحزاب تفضل الحفاظ على “الستاتيكو” القائم، بدل الاندحار الجزري ما قبل نتائج الحوار الأميركي الإيراني وأفق الصراع الأميركي – الروسي الصيني”، مشيراً الى أن “مقاربة مستقبل الدور الإيراني في سوريا، وتطور المفاوضات التي تجريها وزارة الخارجية الأميركية بشأن ترسيم الحدود البحرية ما بين لبنان وإسرائيل، إضافة إلى وتيرة العقوبات الأميركية على شخصيات لبنانية، كلها عوامل تقلق الأقطاب السياسيين”.
وعن مصير الحكومة في حال التمديد للمجلس النيابي، قال: “نجاح التمديد لولاية المجلس شبه مضمون تقنياً لعاملين، الأول هناك أكثرية نيابية تقليدية ثابتة باستطاعتها تمرير أي قانون، وهي نجحت أيضاً بتمرير تعديل قانون الانتخابات النيابية 44/2017 وغيره، والطعن بتمديد ولاية مجلس النواب قبيل الانتخابات الرئاسية سيصطدم بالمجلس الدستوري الذي سيغلب مبدأ استمرارية السلطة التشريعية، منعاً لحدوث فراغ في مجلس النواب، وقطع الطريق بالتالي على انتخاب رئيس للجمهورية، ويعتبر التمديد أمراً واقعاً، كما سبق وقرر في 28\11\2014 بخصوص طلب إبطال القانون الرقم 16/2014”.
وأكد أنه “في حال التمديد لولاية المجلس النيابي، تستمر الحكومة الحالية ولا تعتبر مستقيلة، إذ إنها تعتبر مستقيلة عند بدء ولاية مجلس النواب، وفقاً للمادة 69-1 فقرة هـ من الدستور”، مشيراً الى “أننا لسنا أمام ولاية جديدة لمجلس النواب، وفي حال عدم التوصل إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2022، تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء”.
“أما في حال إجراء انتخابات نيابية جديدة ما بين آذار/مارس وأيار/مايو 2022، فالحكومة تعتبر مستقيلة ووجب تأليف حكومة جديدة،” قال أبو كسم.
وخلص الى اعتبار أنه “للهروب من سيناريوات تتناول صلاحيات رئيس الجمهورية وإناطتها وكالة بمجلس وزراء مستقيل، أو ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية بمفهوم التصريف الضيق للأعمال، من المرجح أن تعمد الأكثرية النيابية التقليدية الحالية إلى التمديد لنفسها، بغية الإمساك بقرار الانتخابات الرئاسية مهما كلف الأمر، بغية النجاح في انتخاب رئيس ينتمي إلى البيروقراطية القديمة، إلا إذا حدث اضطراب أمني”.
*اجرت المقابلة الزميلة روزيت فاضل
زر الذهاب إلى الأعلى