ماذا فعلت النيران بجو بايدن؟
الحوارنيوز – صحافة
تحت هذا العنوان كتب نبيه برجي في صحيفة الديار يقول:
حتى قبل أن يغادر حسين أمير عبد اللهيان بيروت، تعالت الصيحات من كل حدب وصوب “إذا كانت إيران ترى أن الحرب ليست الحل، وأنها لا تتطلع الى توسيع نطاق الحرب، لماذا اذاً تفجير كل تلك الجبهات ليسقط من يسقط ويدمّر ما يدمّر، فقط للادعاء الميداني بالقتال الى جانب غزة، ودون أن يكون لذلك أي أثر وأي تأثير على المسار الهيستيري للغزو”؟
عبر الشاشات “من اليوم الأول للعملية العسكرية “الاسرائيلية”، والمسؤولون الايرانيون من المستويات كافة يهددون حكومة نتنياهو بالويل والثبور، وها هي تستعد للدخول الى رفح، دون أن نرى رصاصة واحدة يطلقها الايرانيون على اسرائيل”، لا بل هناك من سأل، في ضوء كلام عبد اللهيان، إذا كان شيء ما قد حدث بين واشنطن وطهران، لنرى ذلك الانقلاب الاستراتيجي وحتى الايديولوجي في السياسة الايرانية”؟
اذاً، نحاول أن نستعيد ما حصل، وما يحصل منذ الأسبوع الأول لطوفان الأقصى. جو بايدن في “تل أبيب” وكذلك أنتوني بلينكن ولويد أوستن. على طريقة دونالد ترامب، حاملة الطائرات الجبارة “يو. اس. اس ـ جيرالد فورد”، ومعها 4 غواصات نووية وعدد من البوارج، بأجهزة الرصد والاتصال الهائلة، وبأكثر المنظومات الصاروخية فاعلية.
لسنا أمام راقصات البولشوي في المتوسط. آرمادا على مقربة من شواطئنا وتدق طبول الحرب، ما حمل نتنياهو على إطلاق تصريحه الشهير حول تغيير الشرق الأوسط بمساعدة الولايات المتحدة.
كان واضحاً أن الائتلاف اليميني أعتبر أن الضجيج الأميركي بمثابة اعلان دعمه السياسي والعملاني، لتدمير كل الترسانات العسكرية التي يمكن أن تشكل تهديداً للدولة العبرية، في حين أن الأميركيين، الخائفين من أي فوضى عسكرية تهدد مصالحهم، كانوا يعتبرون أن الضغط السيكولوجي على إيران وحلفائها يدفعهم الى الزاوية، لتشكل حرب غزة مدخلاً الى اقفال القضية الفلسطينية بحل يراعي كلياً الشروط “الاسرائيلية”. مثل “الاسرائيليين” لم يكونوا يتوقعون أن تسستغرق الحرب أكثر من ثلاثة أسابيع على أبعد تقدير.
ذاك السفير الايراني الرائع غضنفر ركن آبادي الذي قضى على نحو مأسوي، قال لي “مشكلتنا مع الأميركيين أنهم لا يفهموننا، ولا حتى يفهمون بشكل عام ما هو الشرق الأوسط”. انهم الايرانيون الذي طالما قلنا أنهم يحترفون اللعب على حافة الهاوية. الأميركيون حين يلعبون يسقطون في الهاوية.
قطعاً، وكالة الاستخبارات المركزية فوجئت بما حصل عند الخط الأزرق، ولم تتوقع أن يتحرك العراقيون ويضربون القواعد الأميركية في بلادهم (من ضرب القاعدة الأميركية في الأردن؟). أما المفاجأة الكبرى فكانت بإقدام الحوثيين على اقفال باب المندب في وجه السفن والناقلات المتجهة الى “اسرائيل”، ما يعني أن أي تدخل ميداني من قبل الولايات المتحدة لا بد أن يفتح فعلاً أبواب جهنم!
هذه النيران التكتيكية بشكل أو بآخر، اثارت القلق في أروقة البيت الأبيض وفي غرف العمليات في البنتاغون، ليتبين أن الضربات التي نفذتها القاذفات “B – 1 ” التي انطلقت، للترويع البهلواني، من الأراضي الأميركية، لم تحدث أي أثر لا لدى الحوثيين ولا لدى الآخرين، لا بل أن اللهجة ارتفعت أكثر، وكذلك العمليات.
كان لا بد لبايدن أن يتراجع، لتعود حاملة الطائرات (الجبارة) الى قاعدتها في فرجينيا، بعدما تبيّن له ما هي التداعيات الكارثية لأي تصعيد. اذ نشطت الاتصالات، وان بالواسطة بين واشنطن وطهران، كان هناك في “اسرائيل اليوم” من يتهم ادارة بايدن بـ”محاولة خلع أظافرنا”.
لكن من العبث الرهان، والصراع الانتخابي يقترب من الذروة، أن يدير الرئيس الأميركي ظهره “لإسرائيل”، وهو الذي يعلم أن المشكلة لا تنحصر في أركان الائتلاف، وانما في المد اليميني الذي يجتاح الأكثرية هناك.
ما يستشف من أحاديث الظل أن أنتوني بلينكن نقل من بايدن الى القادة “الاسرائيليين”، أن توسيع الحرب يهدد المصالح الاستراتيجية الأميركية. الاجابة كانت “ليست نيويورك في مرمى الصواريخ بل هي أورشليم”.
البداية بالأسئلة، والنهاية بالأسئلة: هل من تفاهم ما في الأفق بين واشنطن وطهران؟ وهل باستطاعة بايدن تفكيك كونسورتيوم الذئاب في “اسرائيل”، وما البديل؟