ماذا جاء يفعل بوتين في دمشق؟
لا يمكن لأحد ان يعرف اسباب الزيارة انما باستطاعة الكثيرين التحليل والربط بين الاحداث المتسارعة في المواجهة بين الرئيس ترامب والجمهورية الاسلامية في ايران.
اذا حاولنا الربط بين خلوّ خطاب السيّد حسن نصرلله الاخير من اي تهديد لإسرائيل باستثناء قوله ان هزيمة اسرائيل تأتي طبيعية بعد هزيمة الاميركيين بالإمكان الاستنتاج ان بوتين ابلغ من يعنيهم الأمر ان قتال الاميركيين مسموح اما رشق اسرائيل بحجر فممنوع.
لا مشكلة لدى بوتين في طرد الاميركي الشريك الثقيل والوريث المحتمل للحرب، من سوريا قبل العراق، انما لا إحراج ولا استفزاز للتركي لأن مهمة ما، أسديت له مؤخراً في ليبيا.
من الاسئلة الغريبة، كيف انتفضت الجمهورية الاسلامية عسكريا وشعبياً لاستشهاد القائد سليماني، ولم تنتفض لقصف قواتها من الاسرائيليين في سوريا واحيانا في العراق نفسه؟
كلامنا ليس تشكيكاً بأحد ،انما تأكيد على أن المسّ باسرائيل ممنوع و حرام ودونه غضب الشياطين كلها وليس الشيطان الاكبر فقط.
الرئيس بوتين لا تحركه سوفياتيته ولا أمميته السابقة ، تحركه مصالح روسيته القومية اولا ،وثانيا مصالح دولته الاقتصادية ولو انه استمتع بزيارة الكنيسة المريمية والمسجد الأموي فإنه لن يستمتع بالقدود الحلبية.
الجمهورية الاسلامية مقتنعة ومؤمنة بان الولايات المتحدة الاميركية عدوّتها ،علما ان الأخيرة لا تحتل لها ارضاً ولا تحتل لاي بلد مسلم تلة واحدة، بل تواجدها قانوني وبالتنسيق مع الدول وبرضى شعوبها.
عداء الجمهورية الاسلامية للاميركي يتأتى من خوف ورهاب الجمهوية من انقلاب للنظام الاسلامي تعد له المخابرات الاميركية وفق " عقدة الرئيس مصدّق" ،وهي العقدة نفسها التي جعلت من السيد آية لله الخلخالي يطيح بالرؤوس بعد الثورة.
ما كان الاتحاد السوفياتي بقادته اجمعين الا صديقاً للعالم الاسلامي و العربي، ولم تكن الولايات المتحدة الاميركية رغم كل دعمها لاسرائيل عدوة لأحد حقيقةً، لأن لا احد وبكل بساطة يتحمل وزر عدائها وشرّها المستطير.
من الافضل للجمهورية اعتبار الرئيس ترامب عدوًّا وليس بلاده وعليها ان تحرق صورته لا ان تحرق وان تدوس علم بلاده فالفرق كبير.
بكل هدوء نقول، الشعب الاميركي ليس عدوّا، لذلك كان السيد حسن نصرلله دقيقا في كلامه حين قال ان العسكري الاميركي هدف رصاصه وليس المدني الأميركي، اي قال السيّد "بنصف عدو".
من مصلحة شعبنا الكبير طرد الجنود الاميركيين اينما تواجدوا في الأمة ،انما ايضا من مصلحة شعبنا الكبير طرد الروسي والفرنسي والانجليزي، لأنهم جميعا هنا لقتال داعش، وداعش ماتت، كما انهم جميعا متفقون ان اسرائيل خطًّ أحمر، و ممنوع تجاوزه ،فما الفرق بين تاجر اميركي وتاجر روسي او فرنسي او صيني او بريطاني طالما العرب والعروبة والفرس والاتراك والمسلم والاسلام سلعة تشترى وتباع بين الأمم.
ان عمّ السلام ورحلوا من دون رضاهم سينتجون داعش جديدة."نيو داعش" تعيدهم بقوة، لأن الازمة الحقيقية لا تقع في النفط والغاز فقط ،بل في اضطراب العقل الاسلامي وفي مرض العقل العربي، والله اعلم لماذا جاء وغادر فلاديمير بوتين…