رأي

ماذا بقي من جيش العدو لإعلان حربه على لبنان؟(فرح موسى)

 

أ.د فرح موسى* – الحوار نيوز

 

منذ عقود من الزمن وجيش العدو الصهيوني يجول ويصول،برًا ،وبحرًا،وجوًا،مستهديًا بأعراب الأمة،ومتلذذًا بطعم الخيانة،فاحتل فلسطين،وقتل الناس،وعاث في الأرض فسادًا،..وقد حالفه حظ تعاسة الأعراب أنهم لا يفقهون،وإن أصابتهم طفرة علم ،أو مال،أو موقف،فهم أشرارٌ مطبّعون،؟

لقد تمادى الكيان الصهيوني وجيشه البائس على أبواب عروبتنا،غاصبًا،ومحتلًا،وقاتلًا؛ فأدمى فلسطين،نكبةً،وتهجيرًا، وقدسًا، واحتوى بلاد العرب،سياسةً وأمنًا، واقتصادًا، واستثمارًا،فما تبقى له إلا أن يعلن أمبراطورية بني صهيون على أنقاض أمة العرب والمسلمين، فلم تطل بنا الأيام حتى وجدنا هذا الكيان وجيشه يعتلي مجد الحروب في سيناء والجولان،والضفة الغربية، ولبنان، وحيث أمكنه الغزو والاحتلال،ولولا أنه انكمش على ذاته في حروب لبنان،لكانت أخذت به عزة الطغيان إلى حيث راودته الأحلام، وخادعته الظنون والأوهام،ولكنه عاد القهقرى،فطوى أحلامه وأوهامه على حر جمر لبنان،إلى أن اصطلمته بلية طوفان غزة،طوفانًا صادمًا؛فأخرق منه ما كان واهيًا،وأسقط من مجده ما كان عاليًا،وأخرس من قوته ما كان ناطقًا؛فأخذ من فوره قتلًا وأسرًا،وغير ذلك مما أثار العالم عزةً وعجبًا،فإذا بالكيان يترهل خوفًا وجبنًا وعجزًا،  فيا لها من ثلةٍ طافت في أرجائه،وارتوت من مذلة كبريائه،فنالت منه برهبة الجهاد، وصولة الحق والسلاح والبيان،وها هو اليوم يتلملم من وهج غزة فلسطين،تبرّمًا وهلاكًا،بعد أن رمت به في رقدة الهوان،وجعلت منه أضحوكةً في مرمى النبل والسهام،،

وهنا سؤال الحق،ماذا بقي من هذا الكيان وجيشه،وهو غائر في رمال فلسطين،غير أنه بات مسلوب القوة،ومغلوب الهمة،ومكسور الهيبة. جيش غاصب تقوّى بمذلة الأعراب،وسكون الحراب،واعتزّ بقوة ونفير الأغراب،فما كانت له إلا استفاقة السهو قبل أن يعيَ موت الحصون ولحظة الهروب،فإذا به يهاب الترجّل،ويفقد عزيمة التجلّد،ذلكم هو جيش العدو بعد طوفان فلسطين،أنه يمعن قتلًا وإجرامًا بالأطفال والنساء،ويتخفى عن أعين الرجال،فما عساه أن يكون هذا الجيش وكيانه بعد أن صيّره الطوفان حطامًا،وبلغ منه مرامًا،تأخذ به غزة يمينًا وشمالًا،وتثقله وجعًا ودماً، وكأن عزيمة دهره،وزهوة تجلّده،وسالف عزه لم تكن له تأصلًا،وأنى لهذا الكيان أن تكون له أصالة الوجود،أو القوة،بل هو اختمر بها اختمارًا، واستوى عليها زورًا وباطلًا بما توفر له من شحوب وعرب وغربة حق وهجران ضمير.

 هذا هو الجيش الذي تردى على أبواب غزة فلسطين،فلم تعد تسمع منه إلا صخب الانتقام،ووعود الغزو،وكبرياء العزم،وقد عهدناه في فورة انتقامه يقتل كل شيء إلا المقاومة،فهي تقاتله متحصناً،وتوجعه جراحًا وقتلًا، جيش لم تعد له جلادة الحرب،وهو كل يوم يزداد وهنًا على وهن،فهو غارب عن المكان،وضعيف أمام صولات الرجال، سواء في غزة،أو في لبنان.فإذا كان جديد هذا الجيش أنه يُهدّد بغزو لبنان،ويطمع أن تكون له ضجة الموقف،وسطوة الحضور،وصورة الأسد الغضبان، فيا ليته يستفيق من كبوة غزة،ويصحو قليلًا من غفوته،ليدرك كم هو واهن،جيشًا،وكيانًا،واقتصادًا بعدما أحاط به الموت من كل مكان،فهو يُبرق ويرعد كعادته علّه يحمي الجولان من قصف البركان،وتكون له ضمانة أن لا يُصاب بقلق الرهاب في جبهة إسناد الشمال،وكأن المقاومة اللبنانية لم تعهده في الحروب،ولم تثقل كاهله بحفر القبور،؟

نعم،لم يبق من هذا الجيش إلا أن يعلن خبر يأسه،وقلة حيلته عن أن ينال شرف حرب،أو عزة انتصار،فلا هو حقق انتصاره في غزة،ولا هو قادر على أن يخوض حروب الإسناد من اليمن إلى لبنان،فكل شيء أصبح بالنسبة له طمسًا في الوجود،وخوفًا من المجهول، وحربًا في الفراغ والإعلام طلبًا للعون،وسترًا له عن أن يتربص به ريب المنون،فهذا الجيش حيث ضرب بطرفه يرى بوادر حتفه،ولا يعتقدَنّ أحدُ أن هذا الجيش قادر على إحداث ما يجعله مشتملًا على أطواق النجاة،فحصنه القديم معهود لديه ،أنه لم يصمد به طويلًا، فليترقب أن تكون له مصائر أسلافه، طالما هو قد أُخذ بطوق الجهاد من خيبر إلى غزة،إلى لبنان،فإذا كان لهذا الجيش قدرة أن يعلن الحروب لتعويض ما فاته من صور الانتصار،وقوة المواقف،فليبادر هذا الجيش فورًا إلى موته المحتّم،وفنائه المبرم.والسلام.

 

 *رئيس المركز الإسلامي للبحوث والدراسات القرآنية.

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى