مؤشر ارتفاع الأسعار يسابق نسب إزدياد الفقر.. ووزارة الاقتصاد مكبّلة!
دانييلا سعد – الحوارنيوز خاص
فرضت الأزمة المعيشية نفسها على الغالبية المطلقة من الشعب اللبناني، وسط تقديرات بأن الأزمة الاقتصادية بأوجهها المختلفة مفتوحة على آجال طويلة والتعبئة العامة مرشحة إلى التمديد ،مع ما يستدعي ذلك من إجراءات لمحاكاة نحو مليون وثمانماية حالة فقر مدقع مسجونة في منازلها.
في آخر تقرير لجداول أسعار سلة السلع الغذائية التي تصدرها وزارة الاقتصاد والتجارة عن شهر آذار الجاري، تبين أن ارتفاع الأسعار في مختلف أنواع السلع بلغ نسبا عالية مقارنة بالعام الماضي، وصل لحد ال 43% لبعض السلع.
وإذا كانت هذه المؤشرات دليلا على تآكل القيمة الفعلية للرواتب بنسبة تقارب ال 50 % فإن غالبية من اللبنانيين والذين يتقاضون راتبا شهريا يبلغ نحو مليون ونصف المليون ليرة لبنانية كمعدل وسطي، فإن هذا المبلغ لم يعد يكفي لسلة غذائية شهرية بحدها الأدنى ناهيك عن أكلاف الإيجارات واللباس والتعليم وغيرها.
كان من المعروف قبل الأزمة التي نشهدها حاليا أن الغلاء في لبنان هو الاعلى بنسبة تقارب ال 25-30 % مقارنة مع كافة الدول المجاورة، ويعود السبب في ذلك الى أن لبنان بلد استهلاكي بإمتياز، ويظهر ذلك جليا في حجم الاستيراد الضخم الذي يصل الى 20 مليار دولار أميركي سنويا مقابل 3 مليارات حجم التصدير ،وهذه الهوة كانت وما زالت مستمرة منذ 30 سنة، فلم تستطع الحكومات المتعاقبة بناء أرضية جيدة لتحسين الانتاج وتحفيزه. فكم من أموال صرفت على مشاريع كان يجب أن تساهم في تحسين البنى التحتية وتأمين بنية جيدة للقطاع الصناعي الذي كان من الممكن أن يستقطب العملات الصعبة من خلال زيادة التصدير.
أما اليوم، وقد قاربت نسبة ارتفاع الاسعار حد ال 40% وأكثر لبعض السلع منذ بداية عام 2020 ،فمن ناحية هناك ارتفاع سعر صرف الدولار ومن ناحية أخرى تأتي مشكلة شح السيولة بالدولار، وخاصة بعد تحكم المصارف وتشددهم بإجراءات السحب بالعملة الأجنبية.
أضافة الى أزمة توفر الدولار التي ذكرناها، فقد انعكس قرار مجلس الوزراء الذي فرض رسما جمركيا اضافيا قدره 3% على السلع الخاضعة للضريبة على القيمة المضافة بدوره ارتفاعا لأسعار البضائع المستوردة من الخارج.
لقد تجاوزت التطورات الموضوعية قدرات وزارة الاقتصاد ولا ينفع، والحال هذه، إعلان وزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمة في مؤتمر صحافي عقده الشهر المنصرم، أنه لن يتهاون في ملاحقة ومعاقبة من يتلاعب بالأسعار ويمارس احتكار السلع وكل من يتخطى هامش الربح المحدد بالقانون بنسبة 20%".
إن "الوزارة" ولدى مراقبتها المحال والسوبر ماركات ولدى التدقيق بفواتير السلع ،يتبين لها أن أصحاب هذه المحال تشتري البضائع وفقا لسعر الصرف المحدد في السوق السوداء والذي غالبا ما يتراوح بين 2300 الى 2600 ،والوزارة ملزمة بأخذ هذا المعطى بعين الإعتبار. فالقضية تتجاوز قدرة الوزارة على التعامل مع مثل هذه الأوضاع .ولا شك أنها مسؤولية الدولة بمختلف مؤسساتها ،لاسيما تلك المعنية بموضوع وضع حل للأزمة الاقتصادية ببعدها المالي والمصرفي والإنتهاء من البحث المرتبك حيال كيفية التعامل مع أزمة السيولة لدى المصارف اللبنانية وسبل تحرير أموال المودعين من خزنات ومحافظ المصارف التجارية في لبنان والخارج!
وعليه فمن واجب الدولة اتخاذ اجراءات للحد من ارتفاع الأسعار، ومنها مراقبة المعابر الحدودية بشكل صارم، ملاحقة المعابر غير الشرعية، وقف التهرب الضريبي، تأمين الأمن الغذائي للمواطنين للسلع الأساسية، واخيرا ملاحقة كبار المحتكرين. فلا يخفى على أحد أن الاقتصاد اللبناني تتحكم به مجموعة من كبار التجار ومستوردي السلع ،فهم يتحكمون بالأسعار التي يتكبد ارتفاعها المستهلك النهائي بطبيعة الحال.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل تتجرأ الحكومة الحالية على ضرب الاحتكارات، وهو ما عجزت عنه الحكومات السابقة كافة، لا بل أن بعضها شجع على ذلك؟!