مأساة موظف مع تعويض نهاية الخدمة!
كتب واصف عواضة:
بلغ سن التقاعد في شباط الماضي.هو مستخدم في مؤسسة تخضع لقانون الضمان الاجتماعي منذ العام 1983.كان يعوّل على تعويض نهاية الخدمة لأعانته على تكاليف الحياة في ما تبقى له من عمر.لكن ما حصل ويحصل أن انهيار الليرة اللبنانية عكس في حياته نوعا من المأساة .صار تعويضه ثلث تعويض حتى الآن من قبل أن يحصل عليه ..والله أعلم أين ستكون الليرة عندما يحصل على التعويض.
ظل طول حياته موظفا عصاميا.لم يسرق،لم ينهب،لم يرتش،لم يدخل في صفقات حرام ،لم يكوّن ثروة تعينه على تكاليف العمر.أتيحت أمامه فرص كثيرة لتكديس المال الحرام،لكنه لم يفعل..وهو ليس بنادم على ذلك.
هو ليس وحده صاحب المأساة .هناك الآلاف غيره بلغوا سن التقاعد ولم يقبضوا تعويضهم بعد من صندوق الضمان.بعض زملائه استدركوا انهيار الليرة العام الماضي فسحبوا تعويضاتهم مسبقا بعد بلوغهم الستين.يبتسمون أمامه بأسف أو بسخرية "الله يعوّض عليك".تستفزه هذه الجملة .يشعر بأنه كان من "المُستحمَرين"،لأنه كان يظن نفسه نبيها الى الحد الذي لم يدرك أن الليرة ذاهبة نحو الانهيار،بل أكثر من ذلك ،كان ينظّر دائما بأن الليرة لن تنهار ،سندا الى عملية الغش التي مارسها سياسيون ومصرفيون ومدعو خبرة اقتصادية بأن "الليرة بخير".
يحلم بأن تُقدِم الحكومة ومجلس النواب على استصدار قانون يصحح تعويض نهاية الخدمة على أساس سعر الدولار الرسمي (1500 ليرة).وهذا حقه الطبيعي ،لأن صندوق الضمان كان يحسم من راتبه طوال هذه السنين على أساس السعر الرسمي .أمس اعترته مسحة تفاؤل عندما سمع رئيس الاتحاد العمالي العام حسن فقيه يتعهد بأن يعمل الاتحاد على استصدار مثل هذا القانون .عسى خير!!
ولكن في أي حال ،صاحبنا ما زال يندب حظه التعس.لقد بلغ سن التقاعد في عز انهيار البلد والعملة الوطنية .إلا أنه في الوقت نفسه لم يسامح نفسه على قلة النباهة والفطنة التي جعلت منه واحدا من "المُستحمَرين"،متمثلا بالآية الكريمة:
" مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ".
صدق الله العظيم..