مأزق القيادة الصهيونية والانتصار الحتمي للمقاومة(أكرم بزي)
كتب أكرم بزي
من المبكر الحديث عن انتصار المقاومة بشكل موضوعي، إلا أنه باستطاعتنا ومن خلال الضربات الموجعة التي ألحقتها بالكيان الصهيوني في تل أبيب وبالتحديد بالانتفاضات المتلاحقة للفلسطينيين داخل مناطق الـ 1948، والتي كان وقعها أكبر بكثير على القيادة الصهيونية لما تحققه من إنجازات توحيدية لمسار القضية الفلسطينية منذ أمد بعيد،باستطاعتنا القول انه أمر ممكن.
فداخلياً عملت القيادة الصهيونية على تفعيل الميديا الداخلية والخارجية حول الصدام العربي – اليهودي، والذي يعود الى تراكمات قديمة بينهما، فدعت الى الوحدة في ما بينهما على أنهم يشكلون “نسيجاً” واحداً في المجتمع “الإسرائيلي” أي أنهم “إسرائيليون” قبل الهوية الدينية، ففعلت أدواتها في الإعلام المرئي والمسموع وفي “السوشال ميديا” وبدأت بالترويج على الصورة الاجتماعية ما بين اليهود وغيرهم من تلاوين المجتمع الداخلي.
وخارجياً بدأت بتصوير الوضع على أن الكيان الصهيوني يدافع عن نفسه تجاه الهجمات الصاروخية وغيرها من المجموعات الإرهابية داخل الكيان بذرائع مختلفة ،ومنها السؤال التالي والذي عملت الميديا على الترويج له في شتى المحطات الغربية من خلال مجموعة فيديوهات: “اذا مدينتك تعرضت للقصف ماذا تفعل”؟ “وإذا كان الإرهابي يقصف المدنيين داخل “إسرائيل” فماذا بإمكانك أن تفعل غير الدفاع عن نفسك”؟
هذه الأسئلة كان يقوم بالترويج لها فريق العمل التابع لرئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو والمتحدث باسم جيش العدو آفي ماير والذي قام بالاتصال بوسائل الإعلام العالمية والمحلية ووزعه عليهم لاظهار الكيان الصهيوني بمظهر المعتدى عليه والمظلوم.
الصهيوني بات في هذه المرحلة يشعر بالضيق الشديد من الوضع المزري والضغط الداخلي اقتصاديا واجتماعيا. فالعملة الى هبوط والبنية التحتية تعرضت لضربات مؤلمة وموجعة، والمطاعم والمقاهي والمجمعات السياحية والفنادق والمصانع تعطلت، خاصة وأن الموسم السياحي ما زال في أوله، ناهيك عن شبح “الحرب الأهلية” التي تشعر الإدارة بالارتباك والتوتر من خلال الاتهامات التي يقوم بها خصوم نتنياهو وبالعكس، بالإضافة الى احتمال توسع رقعة الحرب وامتدادها لأمد طويل، فالشارع الإسرائيلي منقسم الآن بين من يريد ان يدمر غزة عن بكرة أبيها وبين من يلوم القيادة ويظهر عدم ثقته بها والمطالبة بتغييرها محملة المسئولية له.
أظهرت هذه الحرب أن منظومة الردع الصهيونية لم تستطع مواجهة صواريخ المقاومة الفلسطينية ولم يبق لديها الا قتل الأطفال والمدنيين وقصف الأبراج والبيوت السكنية وضرب البنية التحتية من ماء وكهرباء وغيرها، وباعتراف نخبة الكتاب في المجتمع الصهيوني كالدكتورة أدليت وايزمان أستاذة التاريخ في الجامعة العبرية التي قالت في مقالة لها موجهة الى القيادة الصهيونية: “لقد خدعتمونا انتم كذبة يا قادة “إسرائيل”، “إسرائيل” تحترق وصواريخ غزة تنهمر على كافة “إسرائيل” كالمطر. أنتم تكذبون فـ “إسرائيل” من هزيمة إلى هزيمة من حرب تموز 2006 لغاية الآن”. الخ.
جدعون ليفي الصهيوني اليساري يقول: “يبدو أن الفلسطينيين طينتهم تختلف عن باقي البشر، فقد احتللنا أرضهم، وأطلقنا عليهم الغانيات وبنات الهوى، وقلنا ستمر بضع سنوات، وسينسون وطنهم وأرضهم، وإذا بجيلهم الشاب يفجر انتفاضة الـ 87.. أدخلناهم السجون وقلنا سنربيهم في السجون”. وبعد سنوات، وبعد أن ظننا أنهم استوعبوا الدرس، إذا بهم يعودون إلينا بانتفاضة مسلحة عام 2000، أكلت الأخضر واليابس، فقلنا نهدم بيوتهم ونحاصرهم سنين طويلة، وإذا بهم يستخرجون من المستحيل صواريخ يضربوننا بها، رغم الحصار والدمار، فأخذنا نخطط لهم بالجدران والأسلاك الشائكة”..
هذه عينة بسيطة من نخبة الكتاب والمنظرين داخل المجتمع الصهيوني التي تعبر عن حجم المأزق التي وقعت فيه القيادة الصهيونية بالإضافة الى الكثير من الإعلاميين الذين هاجموا نتنياهو وفريق عمله وقيادة أركان الجيش واتهموهم بالكذب على المجتمع وعلى الغرب.
لا شك أن الخسائر على المستوى الفلسطيني كثيرة ومؤلمة، إلا أن الثبات والقوة والتحمل والصبر التي تواجه به المقاومة الفلسطينية الغطرسة الصهيونية أثبت بما يدعو للشك أن الانتصار قادم، وأن تراكم القوة اذا ما ازداد على الأمد البعيد وفي المستقبل سيجعل الانتصار الحتمي على الكيان الصهيوني أقرب الى التحقيق من أي وقت مضى.